أماني محسن
لطالما اشتهرت الحضارة الإغريقية بالثقافة، والفن والفلسفة، فقد كان الشعب اليوناني مثقف ولا غرابة في أن أشهر وأعظم الفلاسفة على مر التاريخ كانوا من اليونان، ونحن الأن بصدد الحديث، عن حضارة تمثل القوة والسيطرة اليونانية في العالم القديم وهي الحضارة الهلنستية.
الإسكندر الاكبر والحضارة الهلنستية
الحضارة الهلنستية هي نتاج الدمج بين الحضارتين الشرقية والإغريقية، حيث أنه في عام 336 قبل الميلاد أصبح الإسكندر الأكبر قائد المملكة المقدونية، اليونانية وبدأ في تأسيس إمبراطورية إمتدت من اليونان حتي
الهند، وبعد 13 عام استمر خلالهم الإسكندر في توسيع، الإمبراطورية اليونانية من خلال غزو مصر والأناضول (شبه جزيرة في غرب اّسيا، والإمبراطورية الأخمينية
حتى توفي في عام 323 ق.م، وكانت هذه بداية للعصر الهلنستي فقد استمر منذ وفاة الإسكندر (323 ق.م) حتي هزيمة كيلوبترا ومارك انتونيو في معركة أكتيوم عام (31 ق.م) على يد الغزو الروماني.
الحضارتين الهيلنية والهلنستية
عرف اليونانيون قديما باسم “الهلينيين” نسبة الى الجد الأسطوري “هيلين”، وإلى بلدهم المعروفة قديما باسم هيلاس أو هيلاد، فلذلك سميت الحضارة، الكلاسيكية بالحضارة الهيلينية وحضارة يونانية خالصة بالطبع.
وتُمثل الحضارة، الهيلنية بداية الديمقراطية في أثينا، وتُشير الى الفترة من 507 ق.م الى 323 ق.م في التاريخ اليوناني القديم، وهذه الفترة قد تم الإشارة إليها أيضًا بأنها ” عصر
اليونان الكلاسيكية”.
وعندما توفي الإسكندر الأكبر(323 ق.م) وبدأ، عصر جديد تمازجت فيه الثقافة اليونانية مع الثقافة الشرقية واستمر ذلك حتي 31 ق.م، وتمت الإشارة إلى تلك الحقبة ب” العصر الهلنستي” وهو مصطلح استحدثه المؤرخ الألماني يوهان جوستاف درويسن في القرن التاسع عشر وقد إشتقه من الاسم الذي أطلقه الإغريق القدماء على منطقتهم الثقافية
“هيلاس”، وتُمثل هذه الفترة أهمية كبيرة في التاريخ اليوناني القديم حيث إنتشرت فيها الثقافة واللغة اليونانية عالميًا.
الهلنستية في مصر وشمال أفريقيا
بعد وفاة الإسكندر الأكبر تولى بطليموس حكم مصر وقد كان من ضمن قائدي جيش الإسكندر الأكبر، وأصبح البطالمة هم حكام مصر من عام 323 ق.م وحتى 31 ق.م، وكانت الأسكندرية والتي جعلها بطليموس عاصمة لمصر في هذا الوقت مركز للفن والعلوم والرياضيات والفلسفة في منطقة
البحر المتوسط.
ومن ضمن حكام البطالمة الملكة كيلوباترا والتي كانت أخر حكام العصر الهلنستي في مصر، فقد وتم هزيمتها هي ومارك أنتونيو، علي يد الرومان بعدما أخفقت خطتهم في الإستيلاء على الإمبراطورية الرومانية، ونقل عاصمتها للأسكندرية، فقامت بالإنتحار وانتهي معها حكم البطالمة والعصر الهلنستي.
خصائص الحضارة الهلنستية
شهد العصر الهلنستي ازدهارًا كبيرًا في شتي المجالات، وأيضًا انتشارًا واسعًا للغة والثقافة اليونانية عبر الشرق الأوسط ودول البحر المتوسط، حيث أن الثقافة الهلنستية جمعت بين ثقافات مختلفة مثل، اليونانية، والمصرية
والهندية، والفارسية، وذلك جعلها تتميز بأنها فترة التفتح الذهني وتقبل الأخر، وكانت الثقافة أكثر مرونة وإستكشافية.
الدين
لقد أحدثت تلك التغييرات الإجتماعية والثقافية طفرة دينية حيث قدمت بعض الدول مثل مصر وسوريا اّلهة جديدة
لليونان، وأصبحت عبادة الحكام شائعة حيث بدأت عبادة الملوك والملكات الهلنستية مع الألهة في بعض المناطق مثل مصر التي كان يحكمها البطالمة ذلك الحين.
الفلسفة في الحضارة الهلنستية
سيطر على الفلسفة في تلك الفترة مدرستين وهما الرواقية برئاسة الفيلسوف زينون الرواقي والإبيقوريّة برئاسة الفيلسوف أبيقور، ومن خلفاء زينون الفيلسوف كليانثس وخريسيبوس والذي قسّم الفلسفة إلى منطق وفيزياء وأخلاق، وإزدهرت أيضًا مدارس أخرى كالتشككية والتي أسسها الفيلسوف الشكي أنيسديموس والبيرونية ومؤسسها الفيلسوف بيرو.
الفن
إزدهر الفن حيث اكتشف الفنانون طرق جديدة لتمثيل العاطفة والتجارب الفردية والزخرفة، فقد أصبح فن النحت أكثر طبيعية وتعبيرًا للعاطفة، وكان هناك إهتمام بالدراما وكانت معظم الأعمال الدرامية تتم وفقا لطلب الملوك والبرجوازيون، وكثرت المنازل والرسومات والأعمال الفنية، ومن اشهر أعمال هذا العصر تمثال “لاكون وأبنائه” (Laocoon and His Sons)
وأصبحت الهندسة المعمارية وسيلة لإظهار الدراماتيكية من خلال بناء ضخم مثل
معبد أثينا برونايا.
العلم
كان هناك إهتمام خاص بعلم الفلك والرياضيات والفيزياء والطب والجغرافيا، ويُمثل العلم في العصر الهلنستي أهمية كبيرة حيث أنه مهد للعديد من الإكتشافات والنظريات في الطب والفلك، ومثال ذلك أبحاث جالينوس في التشريح والتي أثرت بشكل كبير في الطب الغربي.
أقرأ أيضًا.. الحضارة الفينيقية.. أول من اخترعوا الكتابة