محمد أحمد كيلاني
يقودنا التقدم التكنولوجي المطبق في علم الآثار إلى اكتشافات جديدة وفهم أعمق للماضي، حتى في الجوانب التي بدت حتى وقت قريب مستحيلة المعرفة، فقد كانت مدينة ماتشو بيتشو، إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم الحديث، تحتوي على مساحات دينية، ولكنها كانت أيضًا بمثابة قصر ملكي لإمبراطورية الإنكا في ذروتها، وكان هنالك خدم أو عبيد لا نكاد نعرف عنهم شيئًا، وأتاحت لنا الدراسة الجينية معرفة أصلهم وعلاقتهم بسكان عاصمة الإمبراطورية، فلنتعرف معًا على أصول خدم أو عبيد الإنكا
أصول خدم الإنكا
كثيرا ما يروى لنا التاريخ على شكل سلسلة من الحروب والملوك، مع شروحات عن اقتصاد كل عصر، ولكن من منهج عام وبعيد عن الأذرع التي تضع عمل تلك الاقتصادات، وهذا يتغير الآن، فلقد ظل المؤرخون يبحثون منذ سنوات عن طرق جديدة لمعرفة المزيد عن تلك القطاعات من المجتمعات التي لم يُنحت تاريخها على الحجر أو يُكتب في سجلات ونصوص.
فأولئك الذين بالكاد تركوا أثرًا ماديًا غير العظام، وبالطبع تاريخ المستعبدين ينكشف شيئًا فشيئًا في تلك الحضارة.
ونظرًا للصمت الذي تحافظ عليه معظم المصادر بشأن هذا الجزء من السكان في الماضي، فإن التحدي صعب، وفي كثير من الحالات كان مستحيلًا، على الأقل حتى سمح لنا التقدم في العلوم والتكنولوجيا بالوصول إلى ما لم نتمكن من تحقيقه من قبل.
ما هو ماتشو بيتشو؟
ماتشو بيتشو هو الاسم الحالي الذي نطلقه على مدينة الإنكا القديمة الواقعة في جبال الأنديز على ارتفاع أكثر من 2400 متر، وهي من أشهر المواقع الأثرية في العالم ويزورها ملايين السياح، ومع ذلك، لم يُعرف سوى القليل عن أيقونة هذه المدينة حتى وقت قريب، وعن وظيفتها وعن الحياة اليومية لسكانها في القرون الحديثة.
لذا أظهرت بعض أحدث الدراسات معلومات حول النظام الغذائي والصحي، والأنشطة اليومية لسكان ماتشو بيتشو، وكان جيسون نيسبيت، من جامعة تولين بالولايات المتحدة، جزءًا من فريق بحث كان مسؤولاً عن توليد “بيانات على مستوى الجينوم حول 34 فردًا مدفونين في ماتشو بيتشو والذين يُعتقد أنهم كانوا خدمًا أو مساعدين مكلفين بخدمة عائلة الإنكا الملكية.”
وتمت مقارنتها بالبيانات الوراثية لـ 34 فردًا آخر من كوسكو، وعندما تم تحليلها بدقة، خلصوا إلى أن خدم ماتشو بيتشو كانوا غير متجانسين مع الأفراد الذين يظهرون أسلافًا جينيًا مرتبطين بمجموعات من جميع أنحاء إمبراطورية الإنكا. والأمازون.”
خدم الإنكا.. مجتمع كامل لاكتشافه
أي أن نتائج الدراسة، التي نشرت في مجلة “تقدم العلوم” (Science Advances)، كشفت عن المكان الذي جاء منه عمال ماتشو بيتشو المدفونون منذ أكثر من 500 عام.
وتم التأكد من تنوع أصولهم، علاوة على ذلك، لم يتم تحديد أي بيانات وراثية مشتركة تقريبًا، مما يشير إلى أنهم قد تم إحضارهم إلى المدينة بشكل فردي، وليس في عائلات أو مجموعات أخرى.
كما تشير السجلات التاريخية أيضًا، فقد تم تحديد التركيب الديموغرافي والجيني لمواقع الإنكا من خلال وظيفتها داخل الإمبراطورية، لكن تحليلات الحمض النووي DNA تقدم رؤية أكثر تفصيلاً ودقة لدرجة التنوع الجيني الذي كان موجودًا بين أتباع ماتشو بيتشو، وسكان كوزكو.
إن تمثيل مجموعة واسعة من الأصول الجينومية من جميع أنحاء الإمبراطورية بين أتباع ماتشو بيتشو ودرجة اختلاطهم في الحياة والموت غير معروف.
وكان الوجود القوي للأفراد، وخاصة الإناث، من مناطق متعددة من المنحدرات الحرجية في جبال الأنديز الشرقية والأراضي المنخفضة في الأمازون نتيجة غير متوقعة ويشير إلى الحاجة إلى إجراء بحث إضافي حول دور مجموعات الغابات الاستوائية في إمبراطورية الإنكا”.
وهكذا سيستمر العلم في جعل التاريخ يتحدث عما صمت عنه قديمًا ولعل السنوات المقبلة تحمل لتا مفاجأت كبيرة حول التاريخ والثقافات حول العالم.
أقرأ أيضاً..أكبر الإمبراطوريات الاستعمارية في التاريخ.. إمبراطوريات لدول متواجدة