معالم سياحية

المدن المسورة في المغرب.. أماكن عتيقة تتحدى الزمن

محمد أحمد كيلاني

لدى المملكة المغربية تاريخ طويل يشهد عليه آثارها وتراثها الفريد، وإذا ذكرنا المغرب، سيأتي إلى أذهاننا أسامي مدن، الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، وطنجة، ولكن تاريخيًا، تواجدت وتتواجد مدن لها أهمية كبيرة أيضًا، وعرفت بـ “المدن المسورة”، مثل، أصيلة، وأزمور، والجديدة، وآسفي، والصويرة، والتي تثير إعجاب خاص لدى زوار المغرب حتى يومنا هذا، وذلك ليس بسبب منشآتها العسكرية فقط، ولكن أيضًا لشوارعها الضيقة، وتراثها المعماري الفريد، وأنشطتها الثقافية المُتنوعة.

وتحتفظ قلاعها بمظهرها الذي يعود إلى العصور الوسطى، لكن يجب علينا أيضًا أن نذكر أن لدى تلك المُدن سحرًا آخر يتمثل في شواطئها الجميلة، فلناخذكم في رحلة إلى دولة المغرب، للتعرف على خمس مدن تاريخية، عُرفت بالمدن المسورة.

أصيلة من المدن المغربية المسورة

أصلية هي مدينة ساحلية ذات تاريخ طويل، فقد تدخل فيها الرومان، والفينيقيون، والإدريسيون والقراصنة النورماندية، والمرينية، وأيضًا تدخل فيها الإسبان والبرتغاليين، وكانت بوابة للملك “سيباستيان الأول” ملك البرتغال، والذي توفى فيها خلال “معركة الملوك الثلاثة” الشهيرة.

وتواجدت في المدينة القديمة ثلاث بوابات في سورها، وهما، باب حمر، وبوابة الأرض، وباب البحر، مما فتح المجال لمتاهة من الشوارع الضيقة التي تصطف على جانبيها البيوت البيضاء، ومن معالم المدينة البارزة “قصر الريسوني”.

ولأنها تمتاز بشواطئها الواسعة، ومظاهرها الفنية العديدة، يُعد الصيف في أصيلة نقطة جذب لا تقاوم لعشاق المدن التاريخية المميزة.

مدينة أزمور

جنوب الدار البيضاء، وتبعد عنها حوالي 80 كم، تتواجد مدينة أزمور الصغيرة المحاطة بأسوار، وتُعرف المدينة أيضًا باسم “مولاي بو شعيب” نسبة إلى شفيعها “مولاي بوشعيب الرداد”، والذي يعتبر ضريحه من أهم رموز المدينة، وتُعتبر المدينة غارقة في التاريخ، والآثار المفعمة بالحيوية والشواطئ الممتدة، فأزمور هي جوهرة سياحية نادرة.

وتاريخيًا كانت مصنعًا يتردد عليه القرطاجيون، وكانت مركزًا تجاريًا بحريًا مهمًا عبر التاريخ، وذلك مع وجود التجار البرتغاليين في القرن الخامس عشر، ومر عبر مينائها، الكثير من المنتجات والحيوانات، مثل، القمح، والخيول، والملابس.

في الوقت الحاضر، لا تزال شوارع المدينة تفوح منها رائحة الذكريات البرتغالية، وبالخصوص في شكل أبواب المنازل، ومن برج بيت البارود، يمكنك الاستمتاع بإطلالة رائعة على المدينة والنهر.

وإذا زرت المدينة في يوم من الأيام فلا ينبغي عليك تفويت فرصة زيارة “شواطئ الحوزية”، التي تمتاز ​​بدرجة حرارتها الدافئة على مدار العام، مما يجعلها مقصد للسياح خلال الصيف والشتاء.

مدينة آسفي

مدينة آسفي كانت مركزًا مهمًا للصيد والصناعة، واشتهرت بشكل خاص بسبب تواجد الخزافون الماهرين بها، ولهذا السبب، فإن اثنين من مناطق الجذب الرئيسية في المدينة هي حي السيراميك، والمتحف الوطني للسيراميك.

ومن بين الأماكن الهامة الأخرى في المدينة، هي دار البحر (قلعة البحر)، والكنيسة البرتغالية.

مدينة الجديدة من المدن المغربية المسورة

بعد سيطرة السلطان العلوي “سيدي محمد بن عبد الله“، تم تغيير إسم المدينة إلى البريقة الجديدة (القلعة الجديدة)، وبدأت مدينة جديدة تنمو خارج الأسوار.

وقد احتفظت المدينة بسحرها وبنيتها الأصلية، التي تعود إلى العصور الوسطى، ويختبئ في احشاءها إحدى روائع العمارة في القرن السادس عشر، وهو الخزان أو المسقاة البرتغالية.

المسقاة البرتغالية بمدينة الجديدة المغربية

هذا المبنى الفريد، الذي تم بناؤه في الأصل ليكون بمثابة مستودع لحفظ المياه، قد تم بناءه على إمتداد شاسع تحت الأرض بمساحة 33 × 34 مترًا، وهو مغطى بأقبية مدعمة بخمسة صفوف من الأعمدة الحجرية.

يُذكر أن ذلك المكان قد نُسي لسنوات عديدة، ولكن أعيد اكتشافه بالصدفة في عام 1916، وقد استُخدم هذا المكان الرائع من قِبل المُخرج الأمريكي “أورسون ويلز” لوضع مشاهد في فيلمه “عطيل”.

مدينة الصويرة من المدن المسورة في المغرب

اشتهرت الصويرة في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية بفضل إنتاج اللون الأرجواني، وكانت الصويرة مرغوبة دائمًا.

واطلق عليها العديد من الأسماء الأمازيغية والبرتغالية وحتى الإسبانية، ويعود اسمها الحالي، الذي يعني “المكان المحصن”، إلى السلطان العلوي “سيدي محمد بن عبد الله”، الذي قام بإصلاحها وتجديدها بالكامل في عام 1764 ميلاديًا.

لقد كانت مدينة الصويرة من المدن المغربية التاريخية المسورة، وكانت مسكن للرسامين والنحاتين وصناع الخزائن المشهورين والكتاب وصانعي الزجاج، وهي أيضًا منتجع مُذهل لقضاء العطلات.

فهناك يتحدث مينائها ومعاقلها وجدرانها عن ثروتها وأهميتها التاريخية، ففيها ستتمكن من أن تنتقل من الحاضر إلى الماضي العتيق.

في النهاية هذه نقطة في بحر تاريخ دولة المغرب الكبير، فعلى مر العصور كانت المغرب صاحبة دور محوري في تاريخ منطقتها المحيطة.

أقرأ أيضاً.. قصر الحمراء بغرناطة.. المَرجع الرئيسي للهندسة الإسلامية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *