ثقافات

قبيلة الأمهرة.. منجم أباطرة إثيوبيا

محمد أحمد كيلاني

 

قبيلة الأمهرة هي مجموعة عرقية تقع في المرتفعات الوسطى لإثيوبيا، وهم مجموعة كبيرة بالنسبة لمجموعات السكان الأصليين الحالية الأخرى، ويمثلون واحدة من أكبر المجموعات في إثيوبيا مع مجموعة الأورومو ويبلغ عدد سكانهم مُجتمعين، تقريبًا الثُلث من إجمالي سكان إثيوبيا. 

ويعتبر شعب الأمهرة من الناحية الثقافية والسياسية من أكثر المجموعات العرقية المهيمنة في إثيوبيا.

التعداد السكاني لقبيلة الأمهرة

العدد الدقيق للأفراد الذين تمتلكهم هذه القبيلة حاليًا غير معروف بدقة، حيث لم يتم إجراء إحصاء سكاني في السنوات القليلة الأخيرة، لكن يُقدر أن إجمالي عدد الأفراد الذين تمتلكهم هذه القبيلة بأكتر من 20 مليون فرد في إثيوبيا وحوالي 100 ألف نسمة في دولة الاحتلال الإسرائيلي.

لغة قبيلة الأمهرة

يتحدث أفراد الأمهرة “اللغة الأمهرية” وهي أيضًا لغة سامية للإثيوبيين وتعتبر أكثر اللغات السامية انتشارًا حول العالم وتأتي في المركز الثاني بعد اللغة العربية، وهي أحد خمس لغات رسمية في إثيوبيا، واللغة الأمهرية هي اللغة الرسمية للبلاد وذلك بسبب أن المُتحدثين بها هُم شعب تيغراي والأمهرة وهم الذين دائمًا ما كانوا مُسيطرين على الحُكم هناك.

الدين

معظم أفراد شعب الأمهرة مسيحيون ويمارسون التقاليد القديمة لمملكة أكسوم، ويُعتقد أن المسيحية وصلت لأول مرة هناك في القرن السادس عشر عندما تحول إمبراطور أكسوم إلى المسيحية، ويبدو أن هذا هو السبب الرئيسي في هيمنة المسيحية كدين بين أفراد الامهرة.

“81 في المائة من الأمهرة من الأرثوذكس الإثيوبيين، بينما عشرة بالمائة هم من المسيحيين الإنجيليين”

ويتم تعميد ذكور الأمهرة في اليوم الأربعين بعد ولادتهم بينما يتم تعميد الفتيات في اليوم الثامن بعد الولادة، وهذا يمثل دخولهم إلى الكنيسة حيث يعتقد شعب الأمهرة أن الكنيسة تمثل الخلاص، كما أن لديهم إيمانًا قويًا بالصوم، فيصوم المسيحيون المخلصون حتى 250 يومًا في السنة.

ومع ذلك، فإن شعب الأمهرة الآن يستند في معظم تعاليمه المسيحية على التقاليد والأفكار الغربية، فقديمًا أدى خوفهم من الأفكار الأجنبية إلى تقييد شعب الأمهرة من المبشرين الخارجيين من الطوائف المسيحية الأخرى، وقد ترتب على ذلك أيضًا إلى تقييد وصولهم إلى الكتاب المقدس.

بالإضافة إلى ذلك، لا يستطيع معظم سكان الأمهرة الوصول إلى الكنيسة لأن الكثيرين يعيشون في جبال نائية مع وسائل نقل فقيرة أو بلا وسائل نقل من الأساس، ويركز معظمهم على تعاليم الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية.

نبذة تاريخية عن قبيلة الأمهرة 

قامت بعض القبائل الناطقة بالسامية، ولا سيما قبيلة حبشت، ببناء مملكة أكسوم منذ حوالي ألفي عام، وتوسعت لتشمل ما يُعرف الآن بشمال إثيوبيا وإريتريا، وبعض الأجزاء من اليمن والسودان، والمنطقة المعروفة الآن باسم “أمهرة” في العصر الإقطاعي تتكون من عدة مقاطعات بدرجات متفاوتة من الحكم الذاتي، بما في ذلك جوندر وغوجام وولو وشيوا.

وفي وقت ما في أواخر العصور الوسطى، بدأت اللغتان الأمهرية والتغرينية في التمايز، غالبًا ما تنافس أمراء الحرب في أمهرة على الهيمنة على المملكة مع أمراء الحرب من تيغراي، في حين أن العديد من فروع السلالة الإمبراطورية كانت من المنطقة الناطقة باللغة الأمهرية، وكان عدد كبير منهم من التيغراي أنفسهم، وبدا أن أفراد الامهرة مع لغتهم اكتسبوا اليد العليا مع انضمام ما يسمى “بخط جوندر” للسلالة الإمبراطورية في بداية القرن السابع عشر.

ويعتبر المؤرخون عمومًا أن الأمهرة كانت النخبة الحاكمة في إثيوبيا لعدة قرون، ممثلة بسلسلة الأباطرة المنتهية بالإمبراطور “هيلا سيلاسي“، ومع ذلك، ينكر العديد من المؤرخون، حقيقة مثل هذا البيان، بحجة أن الجماعات العرقية الأخرى كانت دائمًا نشطة في سياسة البلاد، وذلك بسبب وجود العديد من الملوك من مجموعات عرقية مختلفة مثل أجيو وأورومو وتيجراي ووالياتا.

الاقتصاد

يُنظم السكان الأصليون اقتصادهم اعتمادًا على الموارد الطبيعية المُتواجده في أراضيهم، ويحافظ على تلك الأنشطة الأجيال المُتعاقبة.

فباستخدام الموارد الطبيعية للمنطقة، من الممكن إنشاء نظام اقتصادي مستقر، وكان الإنتاج في السابق يستخدم فقط لاستهلاك السكان وسد احتياجاتهم، وحاليًا يتم استخدام كمية الإنتاج اللازمة للقرية والفائض يتستخدم للتجارة مع البلدات المجاورة، لتوليد منفعة مالية أو يمكن استبدالها ببعض المنتجات التي يحتاجها السكان لتطوير أنشطتهم اليومية. 

ومن التقاليد الإقتصادية للأمهرة هي زراعة الذرة والقمح والشعير والذرة الرفيعة والتيف (عشب الحبوب وهو شائع جدًا في المنطقة)، وكانت هذه العناصر مصدر الغذاء لهذه المجموعة لعقود من الزمان وأيضًا أحد مصادر دخلهم الرئيسية، وحوالي 90 في المائة من الأمهرة ريفيون ويكسبون رزقهم من الزراعة.

ثقافة قبيلة الأمهرة

لدى الأمهرة عادات فريدة في الأزياء حيث يرتدي الرجال بطانيات وشالات بيضاء ملفوفة حول أكتافهم، بينما ترتدي النساء أردية وفساتين بيضاء ملفوفة أيضًا حول أكتافهن، الشيئان اللذان يحددان طريقة لبسهم هما ثقافتهم والمناخ البارد الذي يعيشون فيه.

أما عن البناء فالأمهرة يبنون مزارعهم على التلال حنى تحميهم من الفيضانات، ويقوم الأولاد ببناء منازل في مجمعات آبائهم ويبدأون في الزواج عند وصولهم سن 17 عامًا، بينما تتزوج الفتيات في سن 14 عامًا، ويتم التفاوض على الزيجات بين العائلتين ويتم عقد مراسم مدنية لإبرام العقد، وهو زواج غير شائع ويمكن فيه الطلاق ويُعرف بإسم “كال كيدان”.

ويوجد نوعين آخرين من الزواج وهما،الزواج المسمى قربان، وهو زواج مقدس في هذه القبيلة، وهو نوع من الزواج الذي تحتفل به الكنيسة، ولأنه ُمقدس فلا يمكن الطلاق فيه، والنوع الأخير، هو الزواج من نوع داموز في ثقافة الأمهرة،و هو نوع من الترتيب يتم بين شخصين، حيث يدفع الزوج للزوجة المال للزواج منها لمدة تقدر بشهر أو شهرين، وفي هذا النوع من الزواج لا تحصل الزوجة على أي ميراث، والأطفال المولودين خلال هذه الفترة الزمنية معترف بهم بموجب القانون كأطفال شرعيين.

ولسنوات عديدة، سيطر الأمهرة على تاريخ إثيوبيا خلال حكمهم، فلقد تمتعوا بامتيازات كبيرة، ولطالما أنجبت قبيلة الامهرة الأباطرة الدائمين الذين كانوا في طليعة السلطة في إثيوبيا قديمًا، لذلك تُعتبر مجموعة الأمهرة من أهم المجموعات في أفريقيا.

أقرأ أيضاً.. شعب الماوري.. أصحاب الوشوم المميزة.. وآكلي لحوم البشر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *