محمد أحمد كيلاني
لم يكن لدى الماوري لغة مكتوبة، وكانت الطريقة التي كانوا يسجلون بها من هم، وماذا فعلوا، كانت من خلال الوشم، وقد اكتسب وشم الماوري أو “التا موكو” (tā moko)، على غرار شعب الماوري، شعبية كبيرة فس كل أنحاء العالم.
ومع ذلك، وبالنسبة للقبائل الأصلية في نيوزيلندا، لم تكن مجرد تصميمات من أجل الاستعراض، بل كانت لها قصص كاملة، وكانت محفورة على أجسادهم.
لم يكن لديهم لغة مكتوبة
تجدر الإشارة إلى أن الماوري لم يكن لديهم لغة مكتوبة، والطريقة الوحيدة لتوثيق حياتهم، كانت من خلال الوشوم، والمعرفة التي لدينا حول هذه الممارسة محدود، وأغلب المصادر كانت من خلال ملاحظات الأوروبيين الذين وصلوا إلى جزر نيوزيلندا منذ القرن الثامن عشر.
وكان “جيمس كوك” أحد المستكشفين الأوائل الذين تنقلوا بين هذه الشعوب، وأيضًا عالم النبات “سيدني باركنسون” صَنع في عام 1769 واحدة من أقدم رسومات وشم الماوري.
وبشكل عام، فالعلامات عبارة عن أشكال لولبية مرسومة بدقة وحرفية كبيرة، حتى أن كل خط ونقطة تتوافق مع الأخرى، وتشبه وشوم الماوري، تلك العلامات الموجودة على أوراق الزخارف القديمة المحفورة.
وهذه الوشوم صُنعت بإبداع وأفكار مختلفة، لدرجة أنه خلال مائة وشم، بدوا للباحثين متشابهين تمامًا في البداية، بعد الفحص الدقيق، لم يكن هناك اثنان متشابهان.
ماذا كان يُسجل الماوري من خلال تلك الوشوم؟
كانت “التا موكو” هي الممارسة التقليدية التي يميز بها الماوري بشرتهم بزخارف، لتعبر عن هويتهم، وكانت تلك الرسوم تحتوي على، الأنساب، والإنجازات، والرتب، باختصار كل تفاصيل حياتهم.
وهذا هو السبب في أنهم يتمتعون بشخصية مقدسة، كما يزعمون، ويستخدمون طقوسًا لعمل هذه الوشوم.
كيف كانت يُصنع وشم الماوري
لصنعها، تم استخدام ما يسمى “الأوهي” (uhi)، وهي عبارة عن أمشاط مدببة ذات عروض مختلفة مصنوعة من العظام مغموسة في أصباغ داكنة وبداخلها رماد، ويتم ضرب هذه الأمشاط بمطرقة تُسمى “تا”، وهي مطرقة صغيرة لاختراق الجلد، والرسم سيبقى على الجلد بمجرد أن يلتئم الجرح.
وكان التوهونجا (Tohunga)، وهو خبير في الشخصية الدينية في فن الوشم، مسؤولاً عن صنعها، وكان هذا الخبير، يطرح أسئلة حول حياة الشخص الذي يريد رسم الوشوم، من أجل تنفيذ التصميم بشكل صحيح.
وطقس رسم الوشم، يتكرر عدة مرات طوال حياة الماوريين.
ويتم وضع الوشم الأول كطقوس للانتقال من مرحلة المراهقة إلى سن الرشد، واعتمادًا على نجاحاتهم كمحاربين، ومكانتهم في المُجتمع، وغيرها من الإنجازات التي تستحق تمييزًا اجتماعيًا، ستتم إضافة الوشوم من أجل توثيق تلك الإنجازات.
الوشم على الوجه
على الرغم من أنه كان من الشائع أن يقوم الرجال بعمل وشم على الأرداف والفخذين، وكذلك أجزاء أخرى من الجسم، إلا أن المنطقة الأكثر بروزًا لوشم الماوري كانت الوجه.
وذلك حتى يكون من المعروف من يكون هذا الشخص، لأن الوجه هو أول جزء من الإنسان يتم النظر إليه، ومن ناحية أخرى، قامت النساء فقط برسم شفاههن وذقنهن، وكانت الرسومات تشير إلى حالتهم العاطفية.
التبشير واحتفاء المعنى الأصلي لوشم الماوري
وفي منتصف القرن التاسع عشر، بدأ التبشير في نيوزيلندا، ومعه أخذ الكهنة والمبشرون على عاتقهم إسكات تقاليد الماوري هذه، ومع ذلك، فقد انتشر فن الماوري إلى ما وراء الجزر الأصلية، ولا يزال موجودًا في الهيئات الأخرى حول العالم.
وذلك على الرغم من ان معناه لم يعُد كما هو، ولكن مع هذا الموضوع من مستبشر، قد نتمكن من استعادة القليل من معنى وأصل وشم الماوري، التا موكو.
أثرأ أيضاً.. أتلانتس.. الأساطير والنظريات حول القارة المفقودة.. هل هي حقيقية؟