
جهاد مصطفى
يُعتقد أن أسلاف الأينو”التي تعني الإنسان في لغتهم”قد وصلوا إلى هوكايدو، والتي تقع أقصى شمال جزر اليابان الرئيسية، وذلك منذ ثمانية عشر ألف عام، وبعض عاداتهم و تقاليدهم باقية حتى يومنا هذا بأشكال مختلفة.
الأينو
هذه المجموعة العرقية مزيج من القوقاز والبروتو المنغولي، وهي تختلف عن المجموعة العرقية السائدة حاليًا في اليابان”ياماتو”، حيث يتمتع الأينو بخصائص جسدية معينة، مثل أن بشرتهم بيضاء وليست صفراء، ولديهم شعر غزير، والرجال يتمتعون بشوارب ولحي طويلة، وهم أكثر طولًا من اليابانيين الحاليين، ويضعون الأوشام على وجوههم وأجسادهم، وغالبًا ما تضع النساء الوشوم على أفواههم، ويتميزون بإرتداء ملابس وسترات مزينة بأنماط هندسية مذهلة.
وعلى مر العصور شهد مجتمع شعب الأينو العديد من التغيرات، فهم في الأصل يعتمدون على صيد الحيوانات والأسماك، ولكن مع التغيرات اللي كانت تطرأ عليهم أجبروا على تعلم الزراعة حتى تستفيد الحكومة من الموارد الطبيعية الموجودة لديهم.
الاختلاط
في حوالي القرن العاشر، شعر الأينو بالضغط الديموغرافي الناتج عن وصول التيارات المهاجرة من هونشو”ياماتو”، حيث انتشروا بسرعة وقهروا جميع القبائل التي تواجدت في طريقهم، تبع ذلك غزو هوكايدو جزيرة”سخالين”وهي جزيرة تقع شمال هوكايدو والتي تنتمي اليوم إلى روسيا،مما أدى إلى تقسيم تلك الجزيرة بين البلدين.
وفي منتصف القرن الثالث عشر، بدأ الأينو في الانتشار شمال شرقي جزيرة هوكايدو،سعيًا للحصول على أرض خصبة جديدة،والسيطرة على طرق التجارة المحيطة بها الممتدة إلى الكوريلس، وهي مجموعة من الجزر الصغيرة بين هوكايدو وشبه جزيرة كامتشا.
المنازل
عاش الأينو في مجتمعات مستقلة، في أكواخ مصنوعة من الخشب والخيزران تسمى”كوتان”، ويعيش رئيسهم في منزل أكبر،اعتمدوا على صيد الحيوانات والأسماك وجمع الثمار، كانوا خبراء في الصيد، فاصطادوا الخنازير البرية والغزلان والذئاب والثعالب والدببة، مستخدمين سهامًا ورماحًا مسمومة، كما قاموا باصطياد الثدييات البحرية مثل الفقمات والحيتان وأسماك السلمون، وجمعوا الموارد المتواجدة في الغابات الشمالية الكثيفة مثل التوت والجوز والفطر.
أقرأ أيضاً.. أعظم الإمبراطوريات في التاريخ.. فترات الهيمنة المُنفردة
ديانة الأينو
كان دينهم روحانيًا فقد كان لديهم فكرة أن هذا العالم أكثر جاذبية من العالم الآخر الذي تعيش فيه الآلهة، لهذا السبب تشعر الآلهة بالميل إلى زيارة هذا العالم، لذلك يقومون بإتخاذ أشكال الحيوانات، وبمجرد إتخاذهم للشكل الحيواني لا يمكنهم التخلص منه، لذلك لا يمكنهم العودة إلى ديارهم إلا بمساعدة الإنسان،ومن ثَم فإن الأينو يساعدون الآلهة بقتلهم و إزالة جلودهم و أكلهم، وبهذه الطريقة يستطيعون تحريرهم و يتمكنون من العودة إلى ديارهم.
ومن بين العديد من الحيوانات التي أتخذوها آلهة، برزت الدببة بشكل خاص حيث عُرفت تلك العبادة باسم”arctolatry”،وتعتبر الآلهة الرئيسية لدي الأينو،وأطلقوا علي الدب اسم الكائن الإلهي”كاموي”، وقد اعتقد الأينو أن الآلهة عندما قامت بزيارة عالم البشر، ارتدوا الجلود والمخالب وأتخذوا المظهر الحيواني خاصة مظهر الدب، فاعتبروا أن اللحم و الجلد هدية إلى المنزل الذي اختار الإله زيارته.
طقوس وعادات شعب الأينو
وكانت هناك طقوس تسمى”omante”حيث يضحى بالغزلان والدببة البالغة لأكلها وإعادة أرواح الآلهة إلى ديارها، أما الدببة الصغيرة كانت ضمن طقوس مختلفة تسمي “lomante”وتعني الطرد، وتبدأ تلك الطقوس بأسر الدب الصغير الذي كان يعتبر طفلًا من الآلهة، ويُطعم طعامًا بشريًا، وبمجرد أن يكبر يُقام احتفال يُلقِي فيه رب الأسرة الذي اعتنى بالدب خطابًا، ويتحدث فيه إلى الدب ويخبره أنه على وشك العودة إلى المنزل، ثم يتم التضحية به في شكل احتفالي، ويقدم المشاركون القرابين، ثم تُقام مأدبة الطبق الرئيسي بها يخنة لحم الدب المذبوح، ويستمر الاحتفال لمدة ثلاثة أيام، وذلك لاعتقادهم أن تلك فترة كافية لإعادة الإله إلى منزله.
يعتبر الأينو أنه عند قتل الحيوان لا يسببون له أي ضرر،بالعكس هم يقدمون له معروفًا من وجهة نظرهم،ويمكن تفسير ذلك المعتقد على أنه دفاع ضد الشعور بالذنب.
لدى”Nivji”جيران الأينو طقوس مشابهة،حيث يعتقدون أن القيام بهذه الطقوس يعود عليهم بالمكافاة بغابات وفيرة الأشجار،ولكن تم قمع تلك الطقوس عندما أصبحت سخالين تحت الحكم السوفيتي،واليوم لا يوجد ما يحيي ذكرى هذا الاحتفال.
سبب رمزية الدببة عند شعب الأينو
في كوشيرو” التي تقع على الساحل الجنوبي الشرقي من هوكايدو“هناك اسطورة تحاول شرح التبجيل الذي يتمتع به الدب، تقول الأسطورة أنه كانت هناك سيدة تستحم في النهر وتركت طفلها الرضيع على الشاطئ، عندما بدأت بالغناء اجتذب ذلك الدب، وبمجرد أن رأته فرت هاربة وتركت طفلها بمفرده، فأخذ الطفل يبكي فاعتني به الدب وأطعمه وقام بحمايته، وعُثر عليهم مجموعة من الصيادين بعد عدة أيام، فأدركوا أنه مخلوق جيد، فاقاموا احتفالًا به، وأطعموه ثم أعادوه إلى منزله في الآخرة.
تم العثور على عبادة الدببة في العديد من المجتمعات القديمة مثل شمال أوروبا، وأسيا، ورومانيا، وتركيا، وكوريا، وحتى الأغريق حفظوا لها مكانًا بجوار الألهة أرتميس”ألهة الصيد”.
وفي العصور القديمة اُعتبر الدب إله الجبال، وتم العثور على بقايا آثار طقوس له في كهوف إنسان نياندرتال، وفسر بعض علماء الآثار والأنثروبولوجيا أنه ربما كان طقس بدائي قام به الإنسان القديم، ولا علاقة له بعبادة هذه الكائنات حيث لا يوجد ما يؤكد ذلك حتى الآن.
أقرأ أيضاً.. أسطورة أوتسورو بون.. أول اتصال بين البشر والفضائيين