معالم سياحية

كاتدرائية إشبيلية.. الجامع الكبير في “الأندلس”

محمد أحمد كيلاني 


في قلب مدينة إشبيلية تقع أكبر كاتدرائية قوطية في العالم بأسره، وهي مثال مذهل للهندسة المعمارية القوطية والتاريخ والإبداع البشري، وهي كاتدرائية “سانتا ماريا دي لا سيدي”، وذلك على الرغم من أنها تُعرف ببساطة باسم كاتدرائية إشبيلية، إلا أن هذا الهيكل الأندلسي الرائع يحمل هذا اللقب الطويل.

قليلاً من التاريخ

تم بناء كاتدرائية إشبيلية على موقع مسجد كبير للموحدين، وذلك خلال الحكم العربي لإسبانيا، وبعد ذلك، انتهى الأمر بالتحول إلى كنيسة مسيحية، وذلك في أوائل القرن الخامس عشر، وتم اتخاذ قرار ببناء كاتدرائية جديدة في الموقع، وهي كاتدرائية كبيرة جدًا.

وبدأ بناء الكاتدرائية الجديدة عام 1401، وفقًا للسجلات، وذلك على الرغم من عدم وجود سجل لبدء العمل حتى عام 1433. 

وتم الانتهاء من بناء الكاتدرائية عام 1507، وفي ذلك الوقت، أصبحت أكثر من مجرد مكان للعبادة، لقد كانت رمزًا لثروة وقوة إشبيلية خلال عصر الاستكشاف، عندما كانت المدينة المركز الاقتصادي للإمبراطورية الإسبانية وبوابة العالم الجديد.

 كيف تبدو كاتدرائية إشبيلية؟

إنها تجسد بشكل مثالي الهندسة المعمارية القوطية بأقبيتها المرتفعة ودعاماتها الطائرة ومنحوتاتها الحجرية المعقدة.  

ويرتفع الصحن المركزي للكاتدرائية إلى ارتفاع مذهل يبلغ 40 مترًا، وهو رقم لم يكن له مثيل عند اكتماله، ويمثل ارتفاع هذا النوع من المباني سمة مميزة للطراز القوطي، الذي كان هدفه توجيه النظر نحو السماء، وإثارة الرهبة والإيحاء بالإلهية.

وقد تم تزيين الكاتدرائية أيضًا بمتاهة من الكنائس الصغيرة، وجميعها مزينة بمذابح ولوحات ومنحوتات وآثار مذهلة، ولعل أشهر مصلياتها هي الكنيسة الملكية التي تضم رفات الملك فرديناند الثالث ملك قشتالة، كما تضُم أيضًا بقايا ألفونسو العاشر وبيدرو الأول ملوك قشتالة.

كما أنها موطن لثروة من الكنوز الفنية، ومن بين أبرزها قبر “كريستوفر كولومبوس“، الذي رفعته عاليًا أربع شخصيات مجازية تمثل ممالك قشتالة وأراغون ونافارا وليون، وقبر كولومبوس موجود في هذه الكاتدرائية منذ عام 1899.

“نذكر أن مكتشف أمريكا توفي في بلد الوليد في 20 مايو من عام 1506”.

كاتدرائية إشبيلية.. جيرالدا

لا يمكننا أن ننسى جيرالدا، “المئذنة” التي تم تحويلها إلى برج جرس للكاتدرائية، بارتفاع 104.1 متر، وكانت جيرالدا في إشبيلية لعدة قرون واحدة من أطول المباني في العالم.  

يُظهر برج الجرس المصمم على طراز عصر النهضة، والذي تمت إضافته بعد الفتح المسيحي، مزيجًا من التأثيرات الثقافية التي تميز الأندلس، والمناظر من أعلاها مثيرة للإعجاب حقًا.  

وقد تم استبدال الجزء الأخير من برج الموحدين بسبب التدهور الذي عانى منه في الفترات المتأخرة.

كاتدرائية إشبيلية.. ثالث أكبر كنيسة في العالم

لعل كاتدرائية إشبيلية والتي حلت مكان الجامع الكبير، أحد أكبر وأطول الكاتدرائيات في العالم، وإليكم أبرز الأمثلة عن نظيراتها القوطيات، والتي تعد من الأضخم في العالم أيضًا:

تُعد كاتدرائية ميلانو في إيطاليا، وهي عبارة عن مبنى مثير للإعجاب يتمتع بالقدرة على استيعاب 40.000 شخص ويضم أكثر من 3400 تمثالًا يزين الجزء الخارجي منه، اوستغرق بنائه ما يقرب من ستة قرون.

كاتدرائية كولونيا بألمانيا، وأكثر ما يبرز فيها هو برجيها التوأم اللذين يصل ارتفاعهما إلى 157 مترًا، واللذان حملا لقب أطول مبنى بالعالم في الماضي، وتعتبر أكبر كنيسة قوطية في شمال أوروبا.

كاتدرائية أميان في فرنسا، وهي أطول كاتدرائية كاملة في فرنسا، حيث يصل صحنها إلى ارتفاع مثير للإعجاب يبلغ 42 مترًا، وتم بناء الكاتدرائية بين عامي 1220 و1270.

كاتدرائية فلورنسا، إيطاليا، وتُعرف رسميًا باسم كاتدرائية سانتا ماريا ديل فيوري، وتشتهر بقبتها الهائلة التي صممها فيليبو برونليسكي، وقد بدأ بناء الكاتدرائية في أواخر القرن الثالث عشر، ولا تزال قبتها أكبر قبة من الطوب تم بناؤها على الإطلاق.

 كاتدرائية شارتر، فرنسا، وتعتبر واحدة من أروع الأمثلة على العمارة القوطية الفرنسية، وهي معروفة بشكل خاص بزجاجها الملون، الذي يضم أكثر من 150 نافذة تصور قصص الكتاب المقدس والقديسين.

 كاتدرائية لينكولن، إنجلترا، قبل انهيار برجها المركزي، كانت أيضًا أطول مبنى في العالم، وكانت أول كاتدرائية إنجليزية تتميز بتصميم قبو متقاطع وبدأ البناء في عام 1185.

 كاتدرائية كانتربري، إنجلترا، وهي موقع حج تاريخي، وهي مسرح اغتيال توماس بيكيت عام 1170.

 كاتدرائية ريمس،فرنسا، تعد كاتدرائية سيدة ريمس تحفة فنية قوطية فرنسية أخرى والموقع التقليدي لتتويج الملوك الفرنسيين، وقد بدأ بنائه عام 1211، وهو مزين بأكثر من 2300 تمثال.

كاتدرائية يورك مينستر في إنجلترا، وهي ثاني أكبر كاتدرائية قوطية في شمال أوروبا وتشتهر بزجاجها الملون الواسع الذي يعود تاريخه إلى العصور الوسطى، بما في ذلك النافذة الشرقية الكبرى، وهي أكبر مساحة من الزجاج الملون في العصور الوسطى في العالم.

أقرأ أيضاً.. قوة الكنيسة في عالم القرون الوسطى.. تحولت من الدين إلى الثروة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *