محمد أحمد كيلاني
تم تشييد عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية، في عام 1790 على مستنقع، بضفاف نهر بوتوماك، لتصبح المركز السياسي لأكبر اقتصاد في العالم المعاصر، وتم تصميم مدينة واشنطن العاصمة، هي الواقعة بين ولايتي ميريلاند وفيرجينيا، على الساحل الشرقي، لتكريم الأشخاص الذين شكلوا الأمة هناك طوال أكثر من 200 عام، وبلا شك قلب العاصمة، هو المول الوطني، وهو مجمع معماري يتكون من هياكل ضخمة مثل المسلة المخصصة لجورج واشنطن، والمعابد الكلاسيكية الجديدة المستوحاة من الإغريق مثل معبد توماس جيفرسون، والأعمدة الدورية المهيبة مثل تلك التي تدعم نصب أبراهام لينكولن التذكاري، وهو أحد المباني الأكثر شهرة وغموضًا في العاصمة الأمريكية.
نصب لنكولن التذكاري.. عملاق الرخام
هو أكثر من مجرد عمل معماري بسيط، فيقف نصب لنكولن التذكاري، أمام البركة العاكسة التي كانت مسرحًا لأحداث تاريخية مثل تقديم المغني الأسود والمناضل المناهض للعنصرية ماريان أندرسون، في عام 1939، فضلا عن خطاب مارتن لوثر كينغ جونيور الشهير “لدي حلم” خلال المسيرة من أجل الوظائف والحرية في عام 1963.
ويوجد داخل النصب التذكاري تمثال أبراهام لينكولن الذي يبلغ وزنه 170 طنًا، وهو من عمل النحات دانييل تشيستر فرينش وشكله الأخوان بيكيريلي، الذين استخدموا 28 قطعة من الرخام الأبيض من ولاية جورجيا في إنشائها.
وهو تمثال مدروس وجريء ومهيب للرئيس السادس عشر للولايات المتحدة، الذي قاد الاتحاد خلال الحرب الأهلية، وألغى العبودية في البلاد وكان ضحية لقاتل سيئ السمعة، ويرتفع أكثر من ثلاثين قدمًا ونظرته موجهة نحو نصب واشنطن التذكاري.
وقد ظل جالسًا، واضعًا ذراعيه على الواجهات الرومانية (رموز السلطة السياسية) ومحاطًا بخطابين من خطاباته المنقوشين على الجدران، “حكومة الشعب، بالشعب ومن أجل الشعب”.
رسائل سرية
على مر السنين، ظهرت الأساطير الحضرية التي أضافت طبقة من الغموض والجدل إلى نصب لنكولن التذكاري، ويؤكد أحدهم أن وجه روبرت إي لي (الجنرال الكونفدرالي الذي قاتل ضد الاتحاد خلال الحرب الأهلية) مخفي في مؤخرة رأس نصب لينكولن!.
وتشير أسطورة شائعة أخرى إلى أن لينكولن يستخدم لغة الإشارة لتهجئة الأحرف الأولى من اسمه بيديه، حرف (A) بيده اليسرى، وهي مغلقة، وحرف (L) بيده اليمنى، التي تظل مفتوحة، وفقًا لدليل بصمات الأصابع.
نصب لينكولن التذكاري.. تراث من العلامات
وعلى الرغم من النفي الرسمي من قبل خدمة المتنزهات الوطنية، المسؤولة عن إدارتها، يؤكد بعض المؤرخين أن النحات ربما كان ينوي إدراج إشارات إلى لغة الإشارة في تمثال لينكولن.
ويقول المؤرخ جيرالد بروكوبوفيتش إن فرينش، الذي كان لديه ابن أصم وكان على دراية بلغة الإشارة الأمريكية، كان لديه سبب للإشادة بنكولن لدعمه في إنشاء جامعة غالوديت، التي تعد اليوم المؤسسة الوحيدة للتعليم العالي للأشخاص الذين يعانون من الصمم والسمع.
وبغض النظر عما إذا كان تمثاله يستخدم يديه للتحدث أم لا، أصبح أبراهام لنكولن أول راعي بحكم منصبه لجامعة غالوديت من خلال التوقيع على الميثاق الذي أنشأها.
ومنذ ذلك الوقت، دعم كل رئيس أمريكي الدور المهم الذي تلعبه الجامعة في تعليم الأشخاص ذوي الإعاقات السمعية، وهو إرث يعكس التزام الأمة بتكافؤ الفرص التعليمية والاعتراف بالتنوع كنا يزعمون.
أقرأ أيضاً.. “جبل رشمور” نُصب تذكاري أمريكي لتمجيد الرؤساء السابقين