معالم سياحية

تاريخ برج إيفل.. كان لابد من هدمه وعارض بناءه الكثير

محمد أحمد كيلاني

تم افتتاح برج إيفل في عام 1889، وهو العام الذي تم فيه الإحتفال بالذكرى المئوية الأولى للثورة الفرنسية، ويعتبر البرج رمزا للتقدم الصناعي والتكنولوجي لفرنسا في تلك السنوات، وما لا يعرفه الكثيرون هو أن هذا البرج لم يكن مقصودًا له أن يظل مُشيدًا بشكل دائم، ولكن كان لا بد من إزالته في نهاية الإحتفال، ولكن ما الذي جعل هذا البرج قائمًا؟ ولماذا أصبح الرمز المعماري الأكثر رمزية لمدينة باريس، على الرغم من الآراء المتضاربة التي أثارها في ذلك الوقت؟ كل ذلك نجيب عنه، عندما نعرض لكم نبذة عن تاريخ برج إيفل

مبنى جميل لا تتواجد فيه الحجارة

من الناحية الجمالية، كسر برج إيفل فكرة أن المباني الجميلة يجب أن تكون مبنية من الحجر، وتم تحقيق ذلك من خلال تجريد الهيكل بالكامل، فبين الأعمدة، تم بناء أربعة أقواس وظيفتها جمالية في الأساس، ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا التطور في التقاليد المعمارية، فإن برج إيفل ككل يلبي المعايير الجمالية الكلاسيكية للانسجام والتناسب والتناسق.

السمات الهيكلية لبرج إيفيل

يقع البرج على قاعدة رباعية الزوايا مع أربعة أعمدة جيبية، والتي بدورها مدعومة بثمانية روافع هيدروليكية، وتتحد القواعد رباعية الزوايا للبرج مع إرتفاع الهيكل، وتشكل مسلة تبلغ ذروتها فوق المدينة، وبالتالي، يتم توزيع الوزن بالتساوي.

وبشكل عام، ينقسم البرج إلى ثلاثة مستويات، ومنصة وسيطة بين المستويين الأخيرين، وكان التحدي الحقيقي الذي يواجه هيكل برج إيفل هو الريح، وبناءً على هذا الجانب، تم إجراء سلسلة من الدراسات التي نتج عنها الشكل الحالي للبرج.

ويوجد في البرج العديد من المطاعم، مقسمة بين الطابقين الأول والثاني، ويوجد في الأعلى بار.

تاريخ برج إيفل

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأت أوروبا في جني الثمار الإقتصادية للثورة الصناعية، التي ظهرت في القرن الثامن عشر.

وبمرور الوقت، تضمن نظام الإنتاج الجديد هذا إعادة التسلح الإقتصادي للدول الأوروبية الصناعية الكبرى، وقد وسَعت هذه البلدان أسواقها ومجالاتها إلى إفريقيا وآسيا، لتشكل الشكل الحديث لما كان يُطلق عليه تاريخيًا “الإمبريالية”.

وفي هذا السياق، ظهرت المعارض العالمية من أجل الترويج للتقدم الصناعي والمنتجات المصنعة للبلدان، وذلك بحثًا عن فرص تجارية جديدة.

وجاءت المعارض العالمية بعد المعارض الوطنية التي أقيمت بالفعل في فرنسا، منذ النصف الأول من القرن والتي تم تكرارها في بلدان أخرى، ومع ذلك، أقيم أول معرض عالمي في إنجلترا، وذلك عام 1851، وفي عام 1889، أتى دور فرنسا، ومن أجل التباهي تم التفكير في بناء هيكل ضخم، من أجل هذا الحدث.

من الفكرة إلى البناء

استعدادًا للمعرض العالمي عام 1889، والذي صادف الذكرى المئوية للثورة الفرنسية، دعت الدولة الفرنسية إلى مسابقة لبناء برج ضخم يُظهر فخر الصناعة وهيبة الدولة بشكل عام، ويجب أن يكون لهذا المبنى العملاق بعض الخصائص، مثل، القاعدة المربعة، وأن يكون حديدي، وأن يصل الإرتفاع إلى 300 مترًا.

وقد تم إختيار مشروع المهندسين، موريس كويشلين، وإميل نوجير، والمهندس المعماري ستيفن سوفستر، وتم استدعاء هذا الأخير لإضفاء مظهر أكثر جمالية على هذا العملاق الحديدي الذي سيرتفع في مدينة الأضواء.

ويذكر أن رجل الأعمال “غوستاف إيفل” له الفضل الأكبر في بناء النُصب، فهو من تبنى المشروع إقتصاديًا، وحصل على الامتياز لمدة 20 عامًا.

وفي الواقع، تم تقديم هذا المشروع بالفعل إلى مدن أخرى، لكن تم رفضه عدة مرات لعدم تكيفه مع الجمالية الحضرية، مثل برشلونة، وعلى الرغم من موافقة الحكومة الفرنسية، إلا أن هذا المشروع كان له العديد من المعارضين في فرنسا.

تاريخ المعارضين لبناء برج إيفل

لقد عارض العديد من المواطنين بناء برج إيفل، لأنهم كانوا يُخشون أن ينهار، لأنهم لم يُشاهدوا أبدًا مبنى بهذه الأبعاد أو تلك المواد.

وكان الكاتب والروائي “جاي دي موباسان” من المعارضين لبناء البرج، وانضم “غي دو موباسون” إلى المثقفين والفنانين المُعارضين، أمثال، جونود، وساردو، وغارنييه، وكوبي، وبرودوم، ودي ليزلي، وبوجيرو، ودوماس جونيور، وميسونييه، وهوايسمان، وفيرلين، واصدروا بيان مُشترك ضد بناء البرج، ونُشر البيان في جريدة “لو تيمبس” (Le Temps).

بيان جريدة لو تيمبس ضد بناء برج إيفل

تم إصدار البيان المُشترك والمعارض لبناء البرج، وجاء نص البيان على الشكل التالي:

“للحصول على فكرة عما نتوقعه، يكفي تخيل برج يجعل الكل في حالة عدم اتزان، يسيطر على باريس، فبالإضافة إلى لاسانت تشابيل، وبرج سان جاك، ومتحف اللوفر، وقبة الإنفاليد، وقوس النصر، ستكون كل آثارنا هذه، وكل الهندسة المعمارية في حالة سيئة، وقد تختفي بسبب في هذا المبنى”.

لكن نداء الفنانين لم يُسمع، وبدأت أعمال البناء في يناير 1887 وانتهت في 31 مارس من عام 1889.

تاريخ بناء برج إيفل

لبناء برج إيفل، تم تصنيع حوالي 18 ألف قطعة حديدية، واستغرق بناء الأساس للقاعدة خمسة أشهر، بينما استغرق تجميع هذه القطع ما يقرب من عامين.

وعندما تم فتحه للجمهور، لم يكن البرج يحتوي على مصاعد بعد، ومع ذلك، كان النجاح مدويًا، فمنذ ذلك الحين، استقبل برج إيفل ملايين الزوار.

وفي عام 1900، قررت البحرية الفرنسية وضع هوائي لاسلكي في أعلى نهاية البرج، وبذلك يصبح البرج نقطة إستراتيجية وعصبية للمدينة، مما أدى إلى تأجيل تفكيكه إلى أجل غير مسمى، وظل إلى وقتنا هذا تُحفة معمارية وجمالية، ومن أبرز المعالم السياحية في أوروبا.

أقرأ أيضاً.. تمثال الحرية.. مُجاملة فرنسا لأمريكا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *