محمد أحمد كيلاني
يُعد نصب ستونهنج التذكاري ( بالانجليزية – Stonehenge)، الذي يعود تاريخه إلى حوالي 5000 عام، والذي يقع في مقاطعة ويلتشير بإنجلترا، واحدًا من المعالم الأثرية الصخرية التي درسها العلماء لقرون، وبينما زادت معرفتنا بهذا المعلم التاريخي بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لا تزال هناك أسئلة حول الغرض الحقيقي منه ومن بناءه، لذلك دعونا نتعرف أكثر على هذا المعلم التاريخي.
المكان والوصف
يقع نصب ستونهنج في مدينة سالزبوري بلين بمقاطعة ويلتشير، التي تَبعُد حوالي 130 كم غرب العاصمة لندن، وتقدر التحقيقات المختلفة أنه تم بناؤه من قبل عدة أجيال، وعلى مدى 1600 عام، وذلك خلال فترة ما قبل التاريخ من العصر الحجري الحديث.
ويصل طول بعض الأحجار المتراصة العملاقة إلى 5 أمتار وهي مدفونة بالكامل في تربة خصبة، وعلى الرغم من وجود العديد من النظريات والأساطير الرائعة حول إنشاؤه، إلا أننا لانعرف سوى القليل جدًا عن المجتمع الذي بنى نصب ستونهنج، ولا يمكن حتى لأكثر الخبراء معرفة الوصول إلى نتيجة نهائية حول كيفية بناء هذه الكتل من الصخور، أو لأي غرض.
دراسات نصب ستونهنج
بدأت دراسة ستونهنج على المستوى الأثري منذ ستينيات القرن السادس عشر، وذلك عندما فحصها الأثري “جون أوبري” لأول مرة، وقد نسب أوبري النُصب إلى الكلت، معتقدًا أنه كان مركزًا دينيًا يرأسه كهنة درويد، ولكن هذا ما تم رفضه بعد سنوات.
وكان أول عالم يربط علم الفلك بستونهنج هو القس “إدوارد ديوك”، الذي وصف هذا النصب بأنه “قبة سماوية مليئة بالتراصف الفلكي المهم”، ومع ذلك، كانت معظم أفكاره صوفية أكثر من كونها علمية.
ومن ناحية أخرى، كان السير “نورمان لوكير” أول من حدد الغرض من توجه ستونهنج عندما أدرك ذلك في الانقلاب الصيفي في الألفية الثانية والثالثة قبل الميلاد، فقد أشرقت الشمس بالضبط عند نقطة المحور الرئيسي.
وقد شرح المؤلف الشهير جيرالد هوكينز، في كتابه “فك شفرة ستونهنج” (Stonehenge Decoded)، كيف وجد 165 نقطة قابلة للقياس تتماشى فلكياً مع القمر والشمس وليس مع أي نجم داخلي أو كوكب مرئي بالعين المجردة، بما في ذلك زحل والمشتري والزهرة وعطارد.
وقد اكتشف أيضًا أن خسوف القمر يمكن التنبؤ به بدقة من خلال نظام تحريك الأحجار حول ما تُسمى “فتحات أوبري”.
بين العلم والدين
يُقسم نصب ستونهنج اليوم الآراء بين أولئك الذين يعتبرونه مكانًا مقدسًا وأولئك الذين يعتقدون أنه تم استخدامه كمرصد علمي، ويتفق الجانبان على أن المجمع له محاذاة واضحة للشمس والقمر، مما سيكون دليلًا على تنفيذ الطقوس المتعلقة بتغيير الفصول والانقلاب الصيفي والشتوي.
ففي شهر يونيو من كل عام، وفي أقصر يوم من أيام السنة، يتدفق آلاف الزوار من جميع أنحاء العالم إلى ستونهنج.
المشهد هناك مثيرًا للإعجاب لدرجة أن العلماء تساءلوا لعدة قرون عما إذا كانت الدائرة الحجرية في ستونهنج قد تم بناؤها كإعداد للانقلاب الشمسي.
نصب ستونهنج حسب الفولكلور
أدى ماضي ستونهنج الغامض إلى ظهور عدد لا يُحصى من القصص والنظريات، ووفقًا للفولكلور، فقد تم إنشاء ستونهنج بواسطة ساحر أسطوري، وقد نقلت هذه الشخصية الأحجار الضخمة من أيرلندا، حيث أمر هذا الساحر العمالقة بتجميعها.
وتقول أسطورة أخرى أن الغزاة الدنماركيين هُم من رفعوا الحجارة، وهناك نظرية أخرى تقول إنها كانت أطلال معبد روماني، وهناك إصدارات أخرى أكثر غرابة تؤكد أن ستونهنج هي منطقة هبوط لسفن الفضاء.
أقرأ أيضاً.. أهرامات المكسيك.. “تيوتيهواكان” المدينة المُقدسة
تعليق واحد