شريفة منصور
هل تتصور أن تعيش بوطنك بلا حقوق أو امتيازات، بل وتتعرض لشتى أنواع الاضطهاد، وهل تتخيل كيف سيكون مصيرك في هذا المجتمع الذي ينبذك، ستتعرف على إجابة هذه الأسئلة، عندما يصحبك “مستبشر” في زيارة إلى ميانمار لتتعرف على شعب الروهينجا عن قرب، فهيا نبدأ رحلتنا.
من هم الروهينجا ؟
الروهينجا هم أقلية عرقية مسلمة، تعيش في ميانمار ويقدر عددهم بنحو مليون شخص، وينحدرون من أصول مختلفة، ويَعتبرون أنفسهم أهل أراكان، وهو اسم قديم لولاية تسمى”راخين”.
وقد تعرضت هذة المجموعة على مدار سنواتٍ عديدة للاضطهاد والقمع المستمر، ويعيش هؤلاء المسلمون في ظروفٍ صعبةٍ للغاية بسبب التهجير القسري والانتهاكات المروعة التي تُمارس عليهم بدون رحمة.
كما يعانون أيضًا من العنف والتطهير العرقي من قِبل الجيش والميلشييات البوذية، وخاصةً بعد عام 2012، وذلك عندما اندلعت اشتباكات طائفية بينهم وبين البوذيين في راخين.
ومنذ أغسطس 2017، قُتل أكثُر من 10 آلاف شخص، وفر أكثر من 700 ألف إلى بنغلاديش للنجاةِ بحياتهم، وهرب مئات الآلاف إلى الدول المجاورة مثل ماليزيا، والهند، بحثًا عن الأمان والحماية.
وقد وصفت الأمم المتحدة الروهينجا بأنهم “أكثر الأقليات اضطهادًا في العالم”
تاريخ الروهينجا وجذورهم وما يتعرضون له
يعود تاريخ تواجدهم إلى قرونٍ عديدة في ميانمار، ولكن لم يُعترف بهم كمواطنين، ولذلك يعاملون على أنهم مهاجرين غير شرعيين لا يملكون أي حقوق أو امتيازات، وأيضًا يتعرضون لشتى أنواع المجازر والانتهاكات الإجرامية.
ومن المؤسف حقًا ما يتعرض له هذا الشعب من قِبل الجيش ومعتنقي الديانة البوذية في ميانمار، كالقتل العشوائي والإبادة الجماعية، والاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية والمحاكمات الجائرة، وأيضَا الاعتداءات الجنسية وحرق المنازل والقرى، واستهداف المدنيين والأطفال والنساء والمسنين.
إن شعب الروهينجا أصبحَ فى خطرٍ دائم بسبب الحملات العسكرية والهجمات البوذية التي تستهدفهم بشكل منهجي ووحشي، وبمعنى آخر فقد أصبحوا “مهددين بالزوال”.
موقف المجتمع الدولي من القضية
رغم توثيق العديد من تلك الانتهاكات ووجود التقارير الدامغة، إلا أن المجتمع الدولي لم يتخذ أي إجراءات فعالة لحماية الروهينجا، ووقف الاضطهاد والعدوان الجائر الذي يتعرضون له، وذلك على الرغم من أن هذه الجرائم تنتهك القانون الدولي، وتهدد حياة وكرامة ومستقبل شعب الروهينجا.
هل يوجد حل لمشكلة الروهينجا؟
الإجابة ستكون “نعم”، فمن أجل وضع حدًا لمعاناة تلك المجموعة، هناك حلول ممكنة على المستويين الداخلي والخارجي.
على المستوى الداخلي
يجب أن يبذل المجتمع الدولي جهودًا جادة لمحاكمة المسؤولين عن ارتكاب تلك المجازر وهذه الإبادة الجماعية الممنهجة، وتقديم المساعدة الضرورية للناجين.
وأيضًا على حكومة ميانمار، الاعتراف بالروهينجا كمواطنين، ومنحهم الحقوق والامتيازات الكاملة، ووقف العنف والتمييز بينهم وبين باقى الشعب.
ولابد وبشكل سريع توفير سبل الإغاثة والإعمار والتنمية للمناطق المتضررة، والتفاوض مع الجماعات المسلحة، والسماح للمنظمات الإنسانية والإعلامية بالوصول إليهم للمشاركة في حل الأزمة.
كما يجب على الحكومة والمسئولين توفير مخيمات آمنة، وظروف معيشية لائقة، ودعم نفسي، وفرص عمل لهم.
“وليتم كل ذلك بشكل فعلي لابد أن تتصدر قضية الروهينجا أجندة المجتمع الدولي”.
على المستوى الخارجي
يجب على المجتمع الدولي ممارسة الضغط على حكومة ميانمار، لحماية الروهينجا واسترداد حقوقهم، وتقديم المساعدات الإنسانية والمالية كتعويضًا عن الأضرار التي لحقتهم من جراء معاملتهم كمنبوذين بالمجتمع، ودعم الحوار والسلام بين الأطراف المتنازعة، ومراقبة الوضع والتدخل عند الضرورة لفض أى مشاكل قد تحدث، وذلك لمنع المزيد من التصعيد بين الروهينجا والبوذيين.
والجدير بالذكر أن زيادة الوعي عن طريق توفير المزيد من المعلومات حول مدى الإساءة التي يتعرض لها شعب الروهينجا من قتلٍ وحرق، يمكن أن يكون له أثرًا إيجابيًا في إلقاء الضوء على ما يحدث وما يعانونه من ظُلم واستعباد.
وأخيرًا، دعم وتشجيع وسائل الإعلام على تغطية قضية الروهينجا بشكل موضوعي وشامل من الممكن أن يكون سببًا ومحفزًا للدول الأخرى للتدخل وحل النزاع.
إن الروهينجا شعب يستحق الاحترام، ويستحق أن يعيش بكرامة وسلام، كما يجب حماية حياتهم ومستقبلهم واستقرارهم، بما يحقق مصالحهم ويضمن أمنهم.
إقرأ أيضًا.. شعب الماوري.. أصحاب الوشوم المميزة.. وآكلي لحوم البشر