محمد أحمد كيلاني
تعتبر مدينة البتراء الواقعة في الأردن إحدى عجائب الدنيا السبع، وتم إعلانها ضمن مواقع التراث العالمي عام 1985 من قبل اليونسكو، وحاليًا، لم يبق منها سوى آثارها، ولكن في القرن الرابع قبل الميلاد، كانت واحدة من أهم العواصم في المنطقة، وفي إسبانيا، كان هناك كنز يوصف بأنه “بتراء الأندلس”، وهو ليس أكثر ولا أقل من مكان يقع في مدينة أوسونا الإشبيلية المعروف باسم “كوتو دي لاس كانتيراس”، ويعود تاريخه إلى القرن الخامس قبل الميلاد.
بتراء الأندلس في إشبيلية.. جوهرة تاريخية مخفية
يقدم هذا المكان الرائع مزيجًا فريدًا من العجائب الطبيعية والعجائب التي من صنع الإنسان، ويعد كوتو دي لاس كانتيراس أو بتراء الأندلس في جوهره مقلعًا قديمًا، ويقع على بعد مسافة قصيرة من مدينة أوسونا ويتميز بمجموعة رائعة من التكوينات الصخرية والمنحوتات من صنع الإنسان والتي تذكرنا بالروعة المعمارية لمدينة البتراء القديمة والشهيرة في الأردن.
ويعود تاريخ البتراء الأندلسية إلى العصر الروماني وكانت مصدر مواد البناء للمنطقة، وهي تقع على تلة تسمى لاس كانتيراس، حيث توجد آثار تورديتانية، وأيضًا آثار رومانية وعربية.
وليس من قبيل الصدفة أنه كان بمثابة المحجر الأساسي للإمبراطورية الرومانية، حيث قدم المواد اللازمة لبناء الهياكل المهمة في أوسونا، ومع استخراج المواد من المحجر، تم إنشاء نظام واسع من الكهوف والأنفاق.
ومع مرور الوقت، وتحديدًا في نهاية الستينيات، بدأ المحجر في الإهمال، وتوقف عن نشاطه وأخيرًا وفي عام 1999، قرر خيسوس راموس سانشيز شرائه ومنحه حياة ثانية وفتحه للجمهور، باعتبارها منطقة جذب سياحي.
وتُزين جدران المحجر مجموعة متنوعة من المنحوتات وأبدع الكثير منها فنانون محليون في العقود الأخيرة، وتحديدًا على يد فرانسيسكو فالديفيا، وهو نحات من البلدة، وكان مسؤولاً عن نحت جميع أنواع الأعمال المرتبطة بالمدينة.
تبلغ مساحتها أكثر من 4000 متر مربع، ويوجد فيها حدائق ومنحوتات حجرية والعديد من الأشجار.
بتراء الأندلس.. مقارنات
على الرغم من وجود تحذيرات واضحة، فإن البتراء في الأردن وكوتو دي لاس كانتيراس أو بتراء إسبانيا، تعرضان إنجازات معمارية مثيرة للإعجاب، فهما منحوتتان في الصخر.
ومن ناحية أخرى، تشتهر مدينة البتراء في الأردن بهندستها المعمارية المعقدة المنحوتة في الصخر، وخاصة الخزنة، والدير، والواجهة المهيبة التي يبلغ ارتفاعها حوالي 40 مترًا، وهي مزينة بنقوش وأعمدة معقدة، مما يدل على البراعة الفنية والمعمارية للأنباط.
وبالمثل، في كوتو دي لاس كانتيراس، يؤدي الجمع بين التكوينات الصخرية الطبيعية والمنحوتات التي من صنع الإنسان إلى مشهد معماري فريد إلى حد ما.
محمية كانتيراس ستوك
ورغم أن “بتراء الأندلس” لا تحتوي على فن قديم كما في حالة البتراء الأردنية، التي تعرض على واجهاتها الفن النبطي الثمين الذي أثاره الأدوميون في القرن الثامن قبل الميلاد، إلا أنها تضم منحوتات حديثة، أبدعها فنانون محليون.
واليوم، تُعد هذه في من أوسونا منطقة جذب سياحي شهيرة للغاية حيث يمكن للزوار المشي عبر أنفاقها والاستمتاع بالمنحوتات المختلفة.
ويستخدم المكان أيضًا لجميع أنواع الأحداث مثل الحفلات الموسيقية، حيث توفر الصوتيات الطبيعية تجربة ممتازة.
أقرأ أيضاً.. “منارة الإسكندرية” رمز القوة المصرية