ثقافات

الجنس النوردي.. جنون التميز!

شريفة منصور

الجنس النوردي هو مصطلح عنصري، وقد استخدمه بعض العلماء والسياسيين في القرن التاسع عشر للإشارة إلى مجموعة من البيض ينحدرون من شمال أوروبا، وكانوا يعتقدون أن النورديين، هم أفضل فرع من العرق الآري.

وأنهم مسؤولون عن معظم إنجازات الحضارة الغربية، وهذة الفكرة كانت مؤثرة فى النازية، التي ادعت أن النورديين هم عرق من السادة، وأنهم يجب أن يحكموا العالم.

ولقد استخدموا هذا الاعتقاد لتبرير غزوهم، على البلدان الأخرى، وارتكاب شتى أنواع الجرائم فى حق الإنسانية والشعوب التي اعتبروها أقل قيمة،
وهذه حقيقة غريبة ومخيفة في نفس الوقت، ومع مستبشر سوف نتعرف أكثر على هذا الجنس وهل حقا كانوا أسيادًا للعالم أم انها خرافة.

أصل ومفهوم الجنس النوردي

مفهوم الجنس النوردي يعود إلى القرن التاسع عشر والقرن العشرين، عندما بدأ العلماء في تصنيف البشر حسب “العرق واللون والشكل”.

ولقد كان العالم الفرنسي”جوزيف دينيكر” أحد الأوائل الذين استخدموا هذا المصطلح وفى عام 1889 نشر “دينيكر” كتابًا بعنوان “السباقات والشعوب”.

ولقد وصف هذا الجنس في كتابه، بأنهم ذو بشرة بيضاء شاحبة وشعرًا أشقر، وعيون زرقاء وقوام طويل، كما أدعى أن الجنس النوردي هم “الأصليون” للعرق الآري الذي يشمل الايرلنديين والسلت والايرانيين.

وقد تطور المفهوم،
واكتسب شعبية وانتشارًا فى القرن العشرين والحادى والعشرين، خاصة بين العلماء ورجال السياسة الألمان.

أما أبرز المناصرين لهذا المفهوم كان “العالم الالمانى هانس غونتر”، وهو الذى نشر أيضًا كتابًا بعنوان “الجنس النوردي ومساهمته في تاريخ الثقافة والحضارة”عام 1927، حيث زعم “غونتر” أن النورديين هم سبب رئيسي وأساسي في تقدم الحضارة الغربية.

الجنس النوردي.. وهم الصفوة

ولانهم جنس يتمتع بالذكاء والشجاعة، والابداع والقيادة، وكما ادعى انهم الاقرب إلى النموذج المثالى للانسان، وانه من المهم الحفاظ على نقاء دمهم من التلوث بالعناصر الاخرى، فقد كانوا يمثلون بالنسبة له النخبة من العرق الآري، الذي يجب أن يحكم العالم.

وفكرة الجنس النوردى لم تكن مجرد نظرية علمية، بل كانت أيضًا اداة سياسية استخدمها بعض الحكام لتبرير سياساتهم وأهدافهم.

ولهذا الغرض أنشات النازية، مشاريع لتحسين السلالة النوردية، وكان الغرض منها زيادة معدل الخصوبة بين النساء النورديات، والجنود النازيين.

وتراجع مفهوم الجنس النوردي بعد الحرب العالمية الثانية، فقد أظهرت الدراسات العلمية أن الاختلافات بين البشر لا تستند الى العرق واللون والشكل، بل إلى البيئة والثقافة.

ومع ذلك، لا يزال مفهوم الجنس النوردي موجود رغم تراجعه، كما لا زال بعض الأشخاص يؤمنون بفكرة الجنس النوردي المتفوق.

فعلى سبيل المثال، غالبًا ما يتم تصوير الشخصيات النوردية في الأفلام، والمسلسلات التلفزيونية، على أنهم شخصيات قوية وشجاعة تمتاز بالذكاء وذات قدرات اسطورية خارقة، كما يتسمون بصفات جسدية نورانية وغاية فى الجمال والبهاء، وبقدرات لا يمتلكها البشر العاديين.

الفكرة بالنسبة للدول الاستعمارية

الدول الاستعمارية، مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، استخدمت فكرة الجنس النوردي، لتبرير سيطرتها على الشعوب الملونة والفقيرة، فى أفريقيا وآسيا، لأنهم كانوا يروا أن هذه الشعوب أقل تطورًا وثقافة وذكاء منهم.

فقد كانوا يدعون أنه يحملون مهمة ورسالة حضارية وسامية، لتحسين وتنوير وتطوير هذه الشعوب، بينما فى الحقيقة وبشكل مؤكد أنهم جاؤوا للاستفادة من موارد وثروات هذه الدول، وفرض سيطرتها عليها وقمعها.

وفى الختام ومن كل ما سبق نستطيع القول أن فكرة الجنس النوردي ما هى إلا فكرة مضللة، وجدها العديد من المستعمرين وسيلة مبتكرة، لتحقيق أهدافهم ومصالحهم الشخصية فما رأيك أنت عزيزي القارئ.

أقرأ أيضاً.. اليونان القديمة.. من الماضي إلى الحاضر.. الإرث الحي للهيليين في عصرنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *