رُكن مقالات مُستبشر

كيف غيرت صدمة نيكسون والبترودولار النظام الاقتصادي العالمي إلى الأبد؟

مصطفى غازي

في سنة 1971، أصدر الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون، الذي يحكم الدولة الأقوى، والمسيطرة على الاقتصاد العالمي، قرارًا لم تعد بعدَه العملةُ كما كانت، وتغيرت قيمة النقود والنُظم الاقتصادية إلى الأبد، وعُرف هذا القرار باسم “صدمة نيكسون”.

تأسيس صندوق النقد وهيمنة أمريكا بعد اتفاقية بريتون وودز

شاركت الولايات المتحدة الأمريكية في المعارك الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، فحسمتها لصالح الحلفاء، وصنعت واقعًا أصبحت فيه أمريكا الدولةَ الأغنى -صاحبة أكبر احتياطي من الذهب-، والأقوى -صاحبة الانتصار-، بينما الدول الأوروبية جميعها تعاني الإفلاسَ والدمار، انتهزت أمريكا تلك الفرصة التاريخية، ودعت زعماء 44 دولةً إلى بلدة بريتون وودز بولاية نيو هامبشاير؛ للتوقيع على اتفاقية إعادة إعمار هذه الدول، مقابل هيمنتها على الاقتصاد العالمي.

نصت اتفاقية بريتون وودز على:

  • إنشاء صندوق النقد الدولي لمساعدة الدول الأعضاء على تجنب الأزمة المالية،
  • إنشاء البنك الدولي لتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية لدى الدول الأعضاء،
  • تعيين قيمة ثابتة للدولار الأمريكي،
  • أن يكون الدولار احتياطيًا نقديًا بديلًا لعملات الدول التي ليس لديها احتياطي من الذهب.

بموجب هذه الاتفاقية، أصبح اقتصاد العالم كله مرتبطًا بالدولار.

صدمة نيكسون (الدولار أو الفوضى)

بعد أقل من ثلاثة عقود من اتفاقية بريتون وودز كأمر واقع، استقبل العالم صدمة نيكسون سنة 1971، ليجدَ صناعُ القرار أنفسهم أمام اختيارين، إما انهيار اقتصادي عالمي يتبعه فوضى عارمة، أو قبول الوضع الاقتصادي الأغرب في التاريخ، فقد صرَّح نيكسون بأن أمريكا أصبحت منذ سنوات تطبع الدولار دون غطاء ذهبي، أي أن احتياطي الذهب المتوفر لديها لا يغطي في الحقيقة الدولارات المتداولة بالفعل في سوق العملة.

صدمة نيكسون.. البترودولار (تحكُّم السعودية في قيمة الدولار)

في سنة 1974، بعد ارتفاع أسعار البترول بسبب أزمة النفط في أوروبا أثناء حرب أكتوبر 1973، عقدت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية اتفاقية نصت على التزام السعودية ببيع البترول مقابل الدولار، وأن يصبح احتياطي النفط في السعودية هو الغطاء النقدي الجديد للعملة الأمريكية.

تعد هذه الاتفاقية طوقَ النجاة الذي أنقذ الموقف، ليجد الدولار غطاءً من البترول السعودي بعد أن كان عريانًا، وكالعادة، تقبل صناع القرار الأمر رغم غرابته، وبفضل البترول السعودي ازداد الطلب على الدولار من جديد واحتفظ بمكانته كعملة عالمية واحتياطي نقدي لجميع العملات.

استمر الوضع على هذا الحال حتى حدثت الأزمة الاقتصادية سنة 2008، والتي نبَّهت العالم إلى غرابة النظام الاقتصادي العالمي الحالي، وأعادت كثير من النظم للتفكير من جديد في استعادة الغطاء الاقتصادي الذهبي للعملة بديلًا من الدولار.

أقرأ أيضاً.. الثورة الفرنسية.. الشرارة التي أشعلت العالم وغيرت مسار التاريخ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *