محمد أحمد كيلاني
اللغات التونغوسية، المعروفة أيضًا باسم تونغوس، تتألف من 10 إلى 17 لغة يتحدث بها نحو 80 ألف شخص موزعين في منطقة واسعة تمتد من شمال الصين عبر منغوليا حتى الحدود الشمالية لروسيا، باستثناء لغات مانشو المحتضرة وبعض اللغات المنقرضة الأخرى، لم تكن لهذه اللغات نظام أبجدي خاص بها.
المعرفة بتاريخ التطور اللغوي للتونغوسية قليلة بين السكان المحليين، وخاصة بين شعوب المانشو، ومن المرجح أن يستمر هذا الجهل نظراً لأن معظما قد انقرضت أو على وشك الانقراض.
اللغات التونغوسية.. الأصول والتصنيف
تُعتبر التونغوسية جزءًا من عائلة اللغات الألتائية بجانب المنغولية والتركية وفقًا لبعض المتخصصين، ويُعتقد أن هذه العائلة قد تشمل أيضًا اليابانية والكورية، يعود مصطلح “التونغوسية” إلى اسم أجنبي لمجموعة “إيفينك” العرقية، الذي استعارته اللغة الروسية باسم “тунгус” وترجم لاحقًا إلى الإنجليزية كـ “Tungus”، الآن، تستخدم الحكومة الروسية الاسم المحلي “إيفينكس” رسميًا للإشارة إلى هذه اللغات.
استنادًا إلى معايير متعددة، بما في ذلك الخصائص المعجمية والصوتية والمورفولوجية، تم تقديم تصنيفات متنوعة من قِبل علماء اللغة، ومع ذلك، لم تُقبل جميع هذه التصنيفات بالإجماع، إذ يرى بعض العلماء أن اللغات التونغوسية يجب اعتبارها سلسلة متصلة من اللهجات.
التصنيف الشمالي والجنوبي
أحد التصنيفات الرئيسية يقسمها إلى فرعين شمالي وجنوبي، وجرى تبني هذا التصنيف في عام 2004 رغم عدم وضوح الحدود بين الفرعين، يرى اللغوي “ألكساندر فوفين” أن لغتي المانشو والجورشن، المنتميتين إلى الفرع الجنوبي، هما دخيلتان على التونغوسية، ورغم ذلك، لا تزالان جزءًا منها، ويرجع هذا الانحراف إلى التأثيرات من الكورية القديمة وربما لغات أخرى.
اللغات التونغوسية الحية
تاريخياً، عاشت شعوب المانشو في مجتمعات صيد على طول ساحل المحيط الهادئ في آسيا، وشكلت مجموعات بدوية من الصيادين ورعاة حيوان الرنة، ونتيجة لذلك، كانت فرق الصيد صغيرة، مما أدى إلى تمايز اللهجات بشكل واسع، وبسبب عدم وضوح التمييز بين اللغة واللهجة، فإن العدد الدقيق للتونغوسية المستخدمة حاليًا غير مؤكد.
اللهجات المتعددة
على الرغم من قلة عدد المتحدثين بها، تمتلك التونغوسية العديد من اللهجات نتيجة العيش في مجتمعات قبلية صغيرة أو عشائر معزولة نسبيًا، على سبيل المثال، اللغة الإيفينكية تتحدث بها نحو 29000 شخص، وتنقسم إلى ثلاث مجموعات لهجات رئيسية: الشمالية، الجنوبية، والشرقية، وكل منها يتفرع إلى لهجات ثانوية تصل إلى 20 لهجة فرعية، بينما لغة ناناي تنقسم إلى ثلاث لهجات: العليا، الوسطى، السفلى، ولغة أوديهي تحتوي على لهجتين: خورسكو وإيمانسكي، وتتفاوتان في النطق والمفردات.
القواعد والمفردات
التونغوسية تتميز بكونها تراصية، مما يجعل كلماتها سهلة التحليل، فكل مقطع يحتوي على جزء واحد من المعلومات النحوية، وتتشابه المفردات الأساسية لهذه اللغات قليلاً مع اللغات المنغولية والتركية، وتأثرت التونغوسية التي تتحدث في الأراضي الروسية بقوة باللغة الروسية، بينما تأثرت تلك التي في الصين باللغة الصينية، على سبيل المثال، تحتوي لغة “مجموعة سيبي العرقية” على العديد من الكلمات المستعارة من الصينية، خاصة في المصطلحات الاجتماعية.
نظام الكتابة
تستخدم التونغوسية مجموعة متنوعة من الحروف الهجائية، غالبية المتحدثين في روسيا يستخدمون الأبجدية السيريلية، بينما تُكتب الإيفينكية في سيبيريا بالأبجدية السيريلية وتُكتب في الصين بالأبجدية المنغولية، ويستخدم شعب سيبي في الصين نسخة معدلة من أبجدية المانشو في الكتابة، لم تُوحَد نصوص بعض اللغات، وكتبت بإصدارات مختلفة من الأبجديات، بينما لم يكن لبعض تلك اللغات نظام كتابة أساسًا.
الأبجدية المانشوية
تستند أحرف الأبجدية المانشوية إلى الأبجدية المنغولية بينما تستند أصواتها إلى الجورشن، وتم إنشاء أبجدية مانشو في نهاية القرن السادس عشر، وتُكتب في أعمدة رأسية من الأعلى إلى الأسفل ومن اليسار إلى اليمين، ولكل حرف شكل أولي ووسطي ونهائي.
التحديات التي تواجه اللغات التونغوسية
نتيجة لسياسات التحول إلى اللغة الروسية والاضطهاد الذي تعرضت له الأقليات في العهد السوفيتي، تمر معظم اللغات التونغوسية بمراحل مختلفة من الخطر وتواجه مستقبلاً غامضًا، وتُستخدم اليوم في المنازل بين كبار السن، في حين يُجرى التعليم باللغة الروسية، مما يجعل المتحدثين بها أكثر إتقاناً للروسية من التونغوسية.
أقرأ أيضاً.. اللغات السامية.. خصائص ومميزات غصن اللغات الأفروآسيوية