مصطفى غازي
أندرو كارنيجي هو أحد مؤسسي الاقتصاد الأمريكي، نشأته فقيرة معقَّدة فاته فيها قطار التعليم، ومع ذلك بلغ رأس مال شركته ما يعادل 2% من إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة الأمريكية في زمنه، وأصبح رمزَ العطاء والعمل الخيري.
الدرس الأول.. مواكبة التطور أو الانهيار.. أزمة أسرة كارنيجي والهجرة
في مدينة دنفيرملين الإسكتلندية، سنة 1835، ولد أندرو لأسرة كادحة تجني رزقها من الأشغال اليدوية، كالنسيج والحياكة وخياطة الأحذية، ثم تأتي الثورة الصناعية لتدمر الآلات البخارية عملَ الأسرة، فيعيش أندرو الصغير أصعب فترات حياته مشاهدًا أباه عاطلًا محطمًا يتسول عملًا؛ فقررت الأسرة سنة 1848 الانطلاق إلى أرض الأحلام، وتحديدًا إلى ولاية بيتسبورج الأمريكية، المشهورة بإنها مقاطعة المواد الخام، وهناك اضطر أندرو لترك الدراسة والبحث عن عمل، وبدأ كساعي توصيل برقيات التليغراف.
الدرس الثاني.. الاستفادة من نصائح الكبار.. موهبة كارنيجي المبكِّرة
ساعدت أندرو وظيفتُه في التليغراف بالتعرف على أصحاب المناصب ورجال الأعمال؛ حيث برزت من خلالها موهبته في قدرته على فهم شفرة موريس – وهي شفرة عبارة عن رموز صوتية للحروف – وكان كارنيجي يترجمها بالسمع فقط وبدون كتابة، تلك الموهبة لفتت نظر توماس سكوت – المدير الإقليمي لشركة سكة حديد بنسيلفانيا – والذي لم يكتف بتعيين أندرو في الشركة، فاعتبره ابنه، ونصحه بالاستثمار في البورصة والتوجه للعمل الحر، وكانت استجابة كارنيجي لهذه النصيحة بداية نجاحه.
الدرس الثالث.. الفرص متاحة حتى في أحلك الظروف.. الحرب الأهلية
بعد أن انتقل إلى واشنطن، وقد تجاوز أندرو حدَّ الفقر من خلال استثماراته في عدة مجالات، واجه كارنيجي الظروف الصعبة من جديد أثناء الحرب الأهلية الأمريكية، لكنه تعلَّم الدرس ولم يشتكِ سوء الحظ، بل كانت الحرب حدثًا ألهمه فكرةً أسس عليها نجاحه، لاحظ أندرو أثناء الحرب أن الجسورَ الخشبية سهلةُ التدمير وقابلةٌ للاحتراق، وأدرك أن الجسور الحديدية هي البديل الضروري المتطور، وعلى هذه الفكرة أسس كارنيجي شركة متخصصة في بناء الجسور الحديدية جعلته واحدًا من أكبر رجال الأعمال، وكان اسمها .keystone bridge company
الدرس الرابع.. الاستثمار في الأفكار المبدعة.. محوِّل بسمر
سنة 1856 ظهر bessemer converter، وهو آلة على شكل وعاء بيضاوي، تعمل بتقنية متطورة لتنقية الحديد المنصهر، اخترعه العالم هنري بسمر، وقد استفاد به أندرو في مضاعفة قدرة مصانعه الإنتاجية من الفولاذ، واستغل كارنيجي فولاذ بسمر منخفض التكلفة في مشروعات خطوط السكك الحديد، واستطاع تنفيذ ما يقرب من 2000 خط سكة حديد، ساهمت في مضاعفة أرباحه وأعطته دفعة قوية نحو القمة.
الدرس الخامس.. الجشع والطغيان آفة النجاح.. الجانب السيئ
بعد اختراع بسمر بلغ نجاح أندرو مداه، الأمر الذي زاد من رغبته في مضاعفة الإنتاج، فبدأ بالضغط على العمال، وحرامنهم من الراحة والإجازات، وتعامل معهم كأنهم آلات وقد عيَّن لذلك مديًرا تنفذيًّا عنيفًا وقاسيًا يُدعى هنري كلاي فريك، مما أدى لزيادة مشاكل العمال والإضرابات والصدامات، كانت رغبة أندرو في النجاح العملي هي غايته والقيمة الأسمى في اعتقاده، وخاض في ذلك السبيل العديدَ من الصراعات مع العمال داخل مؤسسته وأيضا مع منافسيه من أصحاب شركات الصلب، وكان لا يهتم إلا بتحقيق أهدافه المادية.
الدرس السادس.. صحوة الإنسانية قبل النهاية.. أين ذهبت ثروة كارنيجي؟
انتبه كارنيجي في خريف عمره للحقيقة قبل فوات الأوان، وقرر أن يبيع شركاته لتندمج فيما بعد داخل مؤسسة مورجان مقابل 480 مليون دولار ليصبح أغنى رجل في العالم وقتها، قطع كارنيجي علاقته بالحياة العملية تمامًا وكرس وقته للعمل الخيري، خاصة المكتبات التي تبرع بمعظم أمواله لإنشائها، وقد بلغت حوالي 1500 مكتبة حول العالم، أشهرها قاعة كارنيجي التي سميت باسمه بعد وفاته وهي من أشهر معالم نيويورك.