إيمان محمود خليفة
تعد “الصحراء البيضاء” (The White Desert) واحدة من أجمل الصحاري على مستوى العالم، فهي تبدو وكأنها لوحة فنية فريدة تمزج بين الواقع والخيال، وتضم الكثير من الظواهر الطبيعية العجيبة التي تجعل الزائرين يتمتعون بشكلها الجليدي وصخورها المبهرة الخلابة التي نحتتها الطبيعة ببراعة وإتقان.
أين تقع الصحراء البيضاء؟
تقع الصحراء البيضاء في وسط الصحراء الغربية بمصر، وتبعد حوالي 500 كيلو مترًا جنوب غرب القاهرة، بينما تبعد حوالي 45 كيلو مترًا من شمال “واحة الفرافرة” بمحافظة الوادي الجديد، وهي واحدة من أغرب الظواهر الطبيعية في العالم وأروع الأماكن السياحية التي تجذب السياح، وخاصةً محبي المغامرات ورحلات السفاري.
تبلغ مساحة الصحراء البيضاء حوالي 3010 كيلو متر مربع، ويعد الطريق البري هو الخيار الوحيد للوصول لها، وتستغرق رحلة السفر من القاهرة إلى الصحراء البيضاء حوالي خمس ساعات تقريبًا للوصول إليها.
سبب تسمية الصحراء البيضاء بهذا الاسم
“اسمًا على مسمى” هذا هو الوصف الذي يردده الزائرون عند رؤية الصحراء البيضاء، فاللون الأبيض يغطي معظم أرجائها وكأنك في وسط الجليد، بالرغم أن جوها شديد الحرارة، فالعين تراها جليدية باردة، بينما في الواقع أرضيتها مكونة من الطباشير الأبيض الثلجي الذي تكوَّن في العصر الطباشيري منذ ما يقرُب من 80 مليون سنة، وتتميز بوجود ظاهرة الكارست بها.
مميزات الصحراء البيضاء
تضم الصحراء البيضاء الكثير من أشجار النخيل و”الأكاسيا” التي تنمو وسط الصخور، وهي بمثابة متحف فني مفتوح لدراسة البيئات الصحراوية، والظواهر الجغرافية، والحفريات، والحياة البرية، وذلك لما بها من كهوف ونقوش قديمة وبقايا مومياوات، كما أنها تحتوي على حفريات تعود لملايين السنين، وبها أيضًا الكثير من الحيوانات النادرة المهددة بالانقراض مثل الغزال المصري، والغزال الأبيض، والكبش الأروي، وقد أعلنتها الحكومة المصرية محمية طبيعية عام 2002.
الصحراء البيضاء متحف مفتوح
تحتوي هذه الصحراء على صخور جيرية ناصعة البياض، وبها كهوف نادرة، وتشكيلات صخرية بديعة نحتتها العوامل الطبيعية والرياح بدقة يعجز أمهر الفنانين عن صُنعها، ومن الطريف أن هذه الصخور سُميت بأسماء طيور وحيوانات وفقًا لشكلها النحتي، فهناك صخرة الجمل التي تشبه الجمل، وهناك أيضا صخرة الحصان وصخرة الصقر وصخرة الأرنب والكثير من أشكال المنحوتات المختلفة.
ومن أغرب هذه المنحوتات العجيبة الصخور الأفريقية التي تتشكل على هيئة قارة أفريقيا وكأنها خريطة مرسومة ببراعة للقارة السمراء، وصخور المخيمات التي لها نفس شكل المخيمات، أما منطقة المشروم التي تتشكل الصخور بها على هيئة “فطر عيش الغراب”، فاشتهرت بوجود الحفريات اللافقارية، والأشجار المتحجرة مثل أشجار السنط، والحجر الجيري الأبيض، وأيضًا الكثبان الرملية مما جعلها متحفًا مفتوحًا للحفريات، وهي من أكثر المناطق التي تجذب السياح.
معالم الصحراء البيضاء
تضم الصحراء البيضاء الكثير من المعالم الفريدة والمتميزة التي تجعلها واحدة من أغرب 20 موقعًا في العالم، ومن أهم هذه المعالم:
جبل الكريستال
جبل الكريستال من أشهر المعالم المميزة لهذه الصحراء، ويتكون من تلال بها أكثر من 12 نوعًا من أنواع الكريستال اللامع التي لا يوجد لها مثيل في العالم، وتقول بعض الحكايات أنه تكوَّن نتيجة ارتطام نيزك ضخم بالأرض في تلك المنطقة منذ ملايين السنين، مما أدى إلى انصهار صخور الجبل وتحولها إلى قطع مميزة ونادرة من الكريستال النقي.
كهف الجارة
جمال كهف الجارة الخلاب يفوق الوصف، فهو كهف منخفض تحت سطح الأرض تعلوه تبة مرتفعة، ومدخله من أسفل التبة، ونشأ كهف الجارة نتيجة الماء النقي والمناخ الجاف لملايين السنين، مما أدى إلى رسوبيات رملية على شكل شلالات نارية متجمدة صاعدة وهابطة، ويرجع الفضل في اكتشاف كهف الجارة إلى المستكشف الألماني “جيرهارد رولف” الذي اكتشفه صدفةً عام 1873.
عين السرو (العين السحرية)
“عين السرو” هي عين مياه جوفية فريدة من نوعها فهي جافة طوال الوقت، ولكن بمجرد اقتراب أي كائن حي منها سواءً كان إنسانًا أو حيوانًا أو طائرًا، تبدأ الأرض في ملء العين بالماء العذب، وبعد مغادرة الكائن الحي تعاود العين في الانخفاض مرة أخرى حتى تجف تمامًا.
كهف الأبيض
“كهف الأبيض” من أبرز الكهوف المصرية بالصحراء البيضاء الذي يعود تكوينه للعصر الطباشيري منذ أكثر من 30 مليون عام، وتضم جدرانه بعض النقوش والزخارف الحيوانية التي تعكس الفن النوبي، وهناك أيضًا رسوم ليد إنسان تزين الكهف ويرجع تاريخ تلك الرسوم لأكثر من 8 آلاف عام.
الأنشطة المتنوعة في الصحراء البيضاء
بالإضافة إلى الاستمتاع بمعالم الصحراء الرائعة، فهي تُعد مكانًا جيدًا للقيام بالكثير من الأنشطة المتنوعة ليلًا ونهارًا، كإقامة سباقات السيارات، وسباقات المشي مثل رالي الفراعنة، ورالي المشي الدولي، وركوب الدراجات الجبلية، والتزلج على الرمال، والاستمتاع بمشهد شروق الشمس وغروبها في سماء الصحراء الصافية.
كما يعد التخييم والمبيت في الصحراء ورصد النجوم اللامعة في السماء الصافية من أفضل الأنشطة الليلية للزائرين، حيث يمكنهم رؤية مجرة درب التبانة بوضوح، وكوكب الزهرة اللامع أيضًا.
الصحراء البيضاء في العصر الروماني
“أرض الغلال” هو اللقب الذي تم إطلاقه على الفرافرة والواحات الداخلية والواحات البحرية في العصر الروماني، وذلك لاعتماد الرومان على الواحات للحصول على الحبوب، ولا يزال هناك بقايا أبنية من هذا العصر الروماني في وقتنا الحالي مثل “قصر الفرافرة”، و”معبد عين بس” وبعض المقابر الصخرية الخالية من النقوش.
وأخيرًا تعد الصحراء البيضاء قيمة تاريخية وأثرية، ومصدر إلهام للكثير من الفنانين والمبدعين بسبب جمالها الساحر وطبيعتها الخلابة التي تزداد سحرًا عند شروق الشمس وغروبها، فهي مكان تجتمع فيه الكثير من العجائب الطبيعية، كما أنها أول حديقة جيولوجية بمصر وفقًا لمنظمة اليونسكو.
أقرأ أيضًا.. بويرتا ديل سول.. قلب “العاصمة مدريد”