محمد أحمد كيلاني
“مسيرة إلى الغرب” هو الإسم الذي يطلق على عملية التوسع الإقليمي التي حدثت في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال القرن التاسع عشر، وتميزت هذه العملية بالتوسع الإقليمي وبتأسيس المستوطنين (سكان هذه الأراضي الجديدة).
وخلال هذه العملية، لم تعد الولايات المتحدة، منحصرة على المستعمرات الثلاثة عشر السابقة، ووصلت إلى السهول الوسطى وامتدت إلى الساحل الغربي (ساحل المحيط الهادئ).
البداية
بدأ التوسع الإقليمي للولايات المتحدة بعد نهاية حرب الإستقلال ضد الإنجليز بين عامي 1776-1781، وتم التصديق على إنتصار الأمريكيين بموجب معاهدة باريس عام 1783، المسؤولة عن الإعتراف باستقلال المستعمرات الثلاثة عشر وظهور الولايات المتحدة الأمريكية كأمة.
وكانت النتيجة الأخرى لهذه المعاهدة هي تنازل الإنجليز عن الأراضي لصالح الولايات المتحدة، وامتدت هذه الأراضي على منطقة جبال الآبالاش المرتبطة بضفاف نهر المسيسيبي.
وبعد حصولهم على استقلالهم، بدأ الأمريكيون بضم، سريعًا، جزء كبير من الأراضي، وذلك على حساب السكان الأصليين، وحدثت عملية التوسع الإقليمي للولايات المتحدة أيضًا، من خلال شراء الأراضي، وكانت الأراضي التي تم الحصول عليها هي:
لويزيانا، وهي منطقة اشتراها فرنسيان عام 1803.
فلوريدا، وهي منطقة اشتراها إسبانيان عام 1819.
ألاسكا، واشترتها الولايات المتحدة من روسيا عام 1867.
تفاصيل شراء الولايات في مسيرة إلى الغرب
كانت “لويزيانا” منطقة اشترتها أمريكا من فرنسا، وذلك في بداية القرن التاسع عشر، وتحديدًا عام 1803، وارتبطت عملية الشراء في لويزيانا بمصير الفرنسيين، الذين كانوا يحتاجون إلى المال لتمويل القوات النابليونية، التي كانت في حالة حرب، وعلى الرغم من أن لدى نابليون بونابرت خططًا مستقبلية لأمريكا، إلا أن الرغبة إلى المال في تلك اللحظة كانت أعلى، ووافق الفرنسيون على بيع المنطقة مقابل 15 مليون دولار.
وتم شراء “فلوريدا” في فترة ضعف إسبانيا، وفي تلك اللحظة، واجهت الدولة الأوروبية سلسلة من حركات الإستقلال التي بدأت في مستعمراتها في القارة الأمريكية، ومع وجود فلوريدا، ذهبت الحكومة الأمريكية للضغط على الحكومة الإسبانية لبيع الأراضي، زاعمة أن السكان الأصليين في فلوريدا يمثلون منحدرًا لهم.
ووافقت الحكومة الإسبانية، على بيع المنطقة كوسيلة لتجنب الحرب ضد الأمريكيين، وتم بيع فلوريدا في عام 1819 مقابل 5 ملايين دولار، وذلك بموجب إتفاقية موقعة في معاهدة آدامز-أونيس.
أخر الولايات
وكانت آخر الأراضي التي تم الحصول عليها من خلال الشراء هي ألاسكا، وتم الحصول عليها بالاتفاق مع الروس في عام 1867، وحدث بيع ألاسكا لأن روسيا واجهت أزمة قوية في اقتصادها بعد حرب القرم، وتم النظر إلى مناطق مثل ألاسكا، على أنها غير مرغوب فيها، واختار الروس بيعها، وكان ويليام إتش سيوارد، وزير خارجية الولايات المتحدة، مسؤولاً عن موافقة الولايات المتحدة لدفع 7.2 مليون دولار لإقليم ألاسكا.
ورافق هذه المشتريات تدفق كبير من الناس الذين انتقلوا وأقاموا مناطقهم الجديدة، وكان هذا الحجم الكبير من الأرض “الفارغة” مأهولًا، ويرجع الفضل في ذلك بشكل أساسي إلى الحوافز التي قدمتها الحكومة الأمريكية من خلال قانون المساكن، أو قانون السيادة.
ووضع هذا القانون من قبَل “أبراهام لنكولن” في عام 1862، وأصدر مرسومًا يقضي بأن جميع الأشخاص المهتمين بالاستقرار في هذه الأراضي، يمكنهم القيام بذلك بسعر منخفض جدًا، وكانت الشروط التي طلبتها الحكومة هي أن يسكن الشاري الأرض، ويزرعها لمدة خمس سنوات على الأقل.
وتم تشجيع التوسع والانتشار في الغرب من قبل الأمريكيين من خلال الإعتقاد الذي كان موجودًا في ذلك الوقت، والمعروف باسم “مانيفست ديستني” ( بالانجليزية – Manifest destiny)، وأكد الأمريكيون أن الولايات المتحدة أمة اختارها الله لتكون عظيمة ومزدهرة، وتم استخدام هذا الإعتقاد كمبرر، لإلقاء اللوم بعيدًا عن الأمريكيين في جميع الأعمال التي ارتكبت في “مسيرة إلى الغرب”.
إلى الحرب المكسيكية الأمريكية
لم تحصل الولايات المتحدة على أراضي جديدة لنفسها طوال القرن التاسع عشر فقط من خلال الدبلوماسية والشراء، وحدث التوسع الأمريكي أيضًا من خلال الحرب، فبمجرد أن انخرط الأمريكيون في صراع ضد المكسيك، استمر لمدة عامين، وأصبح معروفًا باسم الحرب “المكسيكية الأمريكية”.
وقد وقعت الحرب المكسيكية الأمريكية بين عامي 1846 و 1848، وكانت نتيجة تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والمكسيك، طوال القرن التاسع عشر، بسبب الصراع الذي شمل تكساس، وفي الأصل، كانت تكساس إقليمًا مكسيكيًا بدأ يسكنه المستعمرون الأمريكيون ابتداءً من عام 1821 (بتفويض من الحكومة المكسيكية).
ومع ذلك، انقلب المستعمرون الأمريكيون على اثنين من المكسيكيين في تكساس لعدم التزامهما بالقوانين المنصوص عليها من قبل حكومة ذلك البلد، وبالتالي بدأت انتفاضة أجبرت المكسيك على التنازل عن تكساس للولايات المتحدة في ثلاثينيات القرن التاسع عشر.
وفي أربعينيات القرن التاسع عشر، أعربت الولايات المتحدة عن اهتمامها بولاية كاليفورنيا، وأعلنت الحكومة المكسيكية الحرب على الولايات المتحدة للدفاع عن أراضيها، ومع هزيمة أخرى، اضطرت المكسيك للتنازل.
حال السكان الأصليين في مسيرة إلى الغرب
تم تنفيذ المسيرة إلى الغرب الأمريكي طوال القرن التاسع عشر، وأدت هذه العملية إلى تشتيت الآلاف من السكان الأصليين وأجبر الكثيرين منهم عن التخلي عن أراضيهم وطريقة حياتهم.
وفي ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وضعت الولايات الأمريكية سلسلة من القوانين أجبرت الهنود على الانسحاب من أراضيهم، وذلك من أجل السماح للأمريكيين بتطوير مستعمرات في هذه المناطق، وأدت قوانين الإزالة هذه إلى حدث يُعرف باسم (درب الدموع)، حيث أضطر الآلاف من الهنود إلى السير لمسافة عدة كيلومترات في البرد القارس لتأسيس أنفسهم في مكان جديد تحدده الحكومة.
وخلال هذه المسيرة، قدر المؤرخون أن 15000 هندي ماتوا، في المنطقة الوسطى من الولايات المتحدة.
أقرأ أيضاً.. الحضارة الفينيقية.. أول من اخترعوا الكتابة