محمد أحمد كيلاني
من بابل إلى مصر، نشأ تاريخ العطور في العصور القديمة، وذلك على الرغم من أن استخدامها قد يعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وتلك العطور التي تشكلت بتفاصيل كبيرة أو صغيرة، كانت جزءًا من جميع الحضارات والثقافات عبر التاريخ، وتمكن علماء الآثار والمؤرخون من تتبع تاريخ العطور والتحقق من الروائح الأولى التي ملأت أقدم البيئات التي يسكنها البشر بالروائح، فلنتعرف معًا على أول عطر للبشرية.
أول عطر للبشرية
قبل مليون سنة عَرف البشر النار، ومن تلك النيران كان أسلافنا يستنشقون الرائحة الغنية التي كانت تتطاير مع دخان أي نبات عطري ألقي في النار، لذلك، من المحتمل أن يكون العطر الأول في التاريخ هو البخور، الراتنجات، والأخشاب العطرية التي تنفث دخانًا برائحة طيبة عند حرقها، وبالطبع، من الصعب العثور على دليل ملموس على مثل هذا الاستخدام المبكر للعطور، وهو مجرد استنتاج لبعض الدراسات.
العطور في الحضارة المصرية القديمة
تُقدم مصادر مختلفة من مصر شهادات مباشرة عن البحث وتطوير العطور لأغراض مختلفة، فقد قضت “دورا جولدسميث،” عالمة المصريات سنوات في البحث عن الروائح المختلفة المشار إليها في النصوص المصرية القديمة، وللاقتراب أكثر من عطور الماضي، بدأت في إجراء التجارب التي أعادت من خلالها إنشاء بعضًا من أقدم العطور في العالم، والتي يعود تاريخها إلى 5000 عام.
واختارت أن تيدأ بعطر يُسمى “كيفي” (kyphi)، وهو أحد أشهر العطور في مصر القديمة وواحد من العطور الأولى المُسجلة في العالم، وتوضح جولدسميث أنه بالنسبة لنا سيكون أشبه بالبخور، لأنه كان يستخدم لتعطير المنزل، وملابس النساء وشعرهن، وحتى كعلكة، ويمكن أيضًا تناول العطر في بعض الأحيان.
بالإضافة إلى ذلك، فإن حالة “الكيفي” فريدة من نوعها لأنه كان هناك نسخة خاصة للمعابد وهي مخصصة للآلهة، وكانت فاخرة، وكان ذلك العطر المصري يتكون من العديد من المكونات ويصعب صنعه، لذلك يَنسب الكثير من المؤرخين شرف إكتشاف وصناعة العطور إلى المصريين القدماء.
العطار الأول
تخبرنا بعض الكتابات من بابل القديمة عن أول كيميائي معروف في التاريخ، وهي، تابوتي، التي تُعتبر العطارة الأولى التي لدينا أدلة عليها، وكانت مشرفة على القصر الملكي، وهي التي تركت الوصفات المكتوبة والمنتجات والاستعدادات اللازمة لصناعة عطر لملك بابل من الورد والبلسم والكالاموس والسرو والمر.
ومن أكثر من ثلاثة آلاف عام، كانت تابوتي شخصية لها شأن كبير في بابل، فقد كانت تلك العطارة القديمة ذات تأثير عظيم بسبب معرفتها بالمواد العطرية، فقد كانت دائمًا متواجدة لتعطير المناسبات الاحتفالية، والطبية، والسياسية، وحتى الطقوس الدينية، وبالطبع لتعطير المتوفيين خلال الطقوس الجنائزية.
أقرأ أيضاً.. أول طبيب في التاريخ.. الطب والحضارة الإنسانية جنبًا إلى جنب