تاريخ

عصر النهضة.. التاريخ وأبرز الخصائص

محمد أحمد كيلاني

كان عصر النهضة “فترة تاريخية” بدأت منذ نهاية الموت الأسود (الطاعون) -الذي اجتاح أوروبا- في منتصف القرن الرابع عشر، واستمرت حتى النصف الأول من القرن السادس عشر.

ويعتبرها البعض بداية العصر الحديث، وعلى أي حال، لقد كانت فترة تحول تاريخي نحو العلمنة، من خلال تعزيز الفكر العلمي والإنساني، وهي عمليات تبلورت في الفن والأدب في ذلك الوقت بالطبع.

عصر نهضة المعرفة وعلمنتها

تكمن السمة الرئيسية لعصر النهضة في علمنة المجتمع، والعلمنة هي الاسم الذي يطلق على تحول مجتمع منظم وفقًا لعقيدة دينية نحو دولة ذات مصالح متنوعة ومستقلة.

وقد جلب هذا التغيير معه علمنة المعرفة، أي إمكانية تنمية المعرفة وتعزيزها بين القطاعات المدنية، خارج المجال الكنسي، وهذا يعني حرية أكبر في البحث العلمي.

الأنثروبوسنترية والإنسانية

يُعرَّف عصر النهضة بأنه فترة مركزية الإنسان، حيث أصبح الإنسان المركز المرجعي الذي بُني منه النظام الإجتماعي والثقافي، وبهذه الطريقة، اختلف عن الفكر الثيولوجي للعصور الوسطى، حيث كان الله مركز الكون.

ومع ذلك، لا ينبغي فهم هذا على أنه انتقال من مجتمع مؤمن إلى ملحد، بل تغيير في التركيز.

عصر النهضة وإعادة تقييم العصور القديمة الكلاسيكية.. والفكر العقلاني

في هذه الفترة كان الإلهام يأتي من العصور القديمة الكلاسيكية، أي دراسة فكر وفن اليونان القديمة وروما، وأصبح الماضي اليوناني الروماني هو النموذج المرجعي، ولهذا السبب، أعطت هذه الفترة إسم “عصر النهضة” وكان مركزها في شبه الجزيرة الإيطالية، وكانت حريصة على استعادة روعة العصر الروماني.

وبدأ جيل النهضة في التشكيك في معتقدات العصور الوسطى والبحث عن تفسيرات منطقية لأكثر الظواهر تنوعًا، وأصبح الفكر العقلاني أداة لاكتشاف العالم والطبيعة والإنسان.

الفضول العلمي والتقني

كان الفضول العلمي هو النظام السائد في عصر النهضة، وكان هناك العديد من التطورات التي تم تسجيلها في جميع المجالات، مثل علم الفلك، وعلم التشريح، وعلم الأحياء، وعلم النبات، وما إلى ذلك.

ولقد كانت أيضًا فترة تميزت باختراعات مهمة مثل المطبعة، والتي سمحت بنشر الفكر بين النخبة المتعلمة.

الفن واستقلاليته في عصو النهضة

عَمل مبدعو الفنون التشكيلية من الدراسة الواعية للطبيعة وفهموا الفن كشكل من أشكال المعرفة، وبفضل هذا، بدأ الفصل بين الفن والحرف في التبلور، وبلغ ذروته مع عودة ظهور “توقيع الفنان”، الذي كان قد توقف عن الاستخدام خلال العصور الوسطى.

وكان التمايز بين الفن والحرف مرتبطًا بأنماط الإنتاج، بالإضافة إلى ذلك، تم إنهاء نظام العصور الوسطى القديم الذي صنفت فيه الفنون وفقًا للمحتوى، مثل، الفن المقدس، والفن الدنيوي، وفي تلك الفترة كان أي موضوع يمكن أن يُطرح فنيًا.

البحث عن التناظر والنسبة والتوازن وظهور “الرجل المحترم”

أخذ عصر النهضة القيم الجمالية للعصور الكلاسيكية القديمة كمرجع، وبهذه الطريقة، أصبح التناسق والتناسب والتوازن نماذج مطبقة في الفنون والأدب.

وخلال عصر النهضة ظهر نموذج شخصي جديد، وكان يُدعى “الرجل المحترم”، وكان يشير إلى الصورة النموذجية للإنسان المتعدد والمتعلم، الذي يجب أن يكون لديه معرفة بجميع المجالات، مثل، العلوم، والفنون، ولم تكن فكرة الاختصاصي موجودة، لكن المعرفة التي غطت فروعًا متعددة كانت موضع تقدير.

النظام المصرفي الحديث ونمو المُدن في عصر النهضة

في الانتقال من أواخر العصور الوسطى إلى عصر النهضة، نشأت طبقة “المرابين” معهم، وظهرت أول البنوك الحديثة، وبدأت هذه العملية في مدن فلورنسا، والبندقية، وجنوة في إيطاليا، وكانت عائلة “ميديشي” (Medici) أو الأطباء، واحدة من أوائل الذين شاركوا في هذا النشاط.

وبدأ نمو المدن في أواخر العصور الوسطى، وفي تلك الفترة، أدى فائض الإنتاج الزراعي، إلى جانب عوامل أخرى، لتنشيط التجارة وتشكيل المدن حيث تم إنشاء الأسواق.

وفي عصر النهضة، وصلت المدن إلى إرتفاع أكبر وفرضت نفسها كمراكز مرجعية، وفي شبه الجزيرة الإيطالية، تم تنفيذ التنظيم الإجتماعي السياسي من خلال دول المدن التي تنافست مع بعضها البعض، مثل فلورنسا، وروما، ونابولي.

الإزدهار الفني والأدبي وأهم الأعمال

كان عصر النهضة فترة ازدهار ثقافي في ظل مخططات أكثر جمالية، وقبل كل شيء، الحرية الموضوعية، وطوال هذه الفترة، كان هناك تطور كبير في فنون مختلفة، مثل، الأدب والعمارة والنحت والرسم.

إذا أردنا عمل قائمة بأهم أعمال عصر النهضة، فهذا غير هين، لأنها كانت فترة غزيرة الإنتاج للغاية، ومع ذلك، هناك حاجة إلى عرض نبذة عن بعض الأعمال، وفيما يلي قائمة مقترحة بالرسامين والنحاتين، وأبرز أعمالهم:

  • ساندرو بوتيتشيلي
    ولادة فينوس، الربيع، كوكب الزهرة والمريخ، العشق من المجوس.
  • ليوناردو دا فينشي
    لاجيوكوندا أو الموناليزا، العشاء الأخير، عذراء الصخور، السيدة ذات القاقم، القديس يوحنا، المعمدان.
  • رافائيل سانزيو
    مدرسة أثينا، خطبة العذراء، تصوير شخصي، سيستين مادونا.
  • دوناتيلو
    جاتاميلاتا، ماريا ماجدالينا عيد هيرودس.
  • مايكل أنجلو بوناروتي
    قبو كنيسة سيستين، موسى، توندو دوني، الشفقة.
  • لورنزو غيبيرتي
    نقوش لما يسمى ببوابة الجنة من معمودية فلورنسا.
  • فيليبو برونليسكي
    قبة سانتا ماريا ديل فيوري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *