تاريخ

الجزار الأحمر.. زعيم هجوم “الشياطين” على المكسيك 

محمد أحمد كيلاني 

في كل الحروب الأكثر فظاعة، هناك دائمًا شخصية في ساحة المعركة تتميز باستراتيجيتها العسكرية، وأيضًا بقسوتها وإراقتها للدماء، وفيما يعرف بالتدخل الفرنسي الثاني في المكسيك، كانت هناك شخصية مظلمة اكتسبت لقب “الجزار الأحمر”، وليس لأنه كان شيوعيًا، ولكنه انغمس في ذلك الوقت بهذه المغامرة، الوحشية والإرهاب الأكثر وحشية خلال الحرب، تاركًّا وراءه أثراً من الدمار.

صعود الجزار الأحمر

في عام 1861، كان الاقتصاد في دولة المكسيك يتراجع، ولمنع الأمور من التفاقم، كان الرئيس “بينيتو خواريز” يعتزم تعليق الديون الخارجية المستحقة عليه مع بلدان أخرى، إلا أن بعض هذه الدول لم توافق، وأرسلت قواتها لفرض إلغاء القانون الجديد.  

وفي النهاية انتصر الجيش الأجنبي، لكن الفرنسيين قرروا البقاء في البلاد وإنشاء الإمبراطورية المكسيكية الثانية بقيادة ماكسيميليان الأول، لكن حالة الحرب كانت لا تزال قائمة، وانتشر العنف في الشوارع دون رادع.

وخلال السنة الأولى في السلطة، كان لدى فرنسا ما يسمى “الجيش الإمبراطوري” تحت قيادتها، والذي ضم فيلقًا من المتطوعين المحافظين البلجيكيين والنمساويين وحتى بعض المكسيكيين الذين دعموا النظام الملكي، ورغم كل شيء، فإنها لم تتمكن من تقليص عدد الضحايا في مواجهة الهجمات المفاجئة التي شنها المتمردون المكسيكيون، في مواجهة كارثة “معركة كامارون” عام 1863.

وقد قرروا أخذ الأمور بأيديهم واستدعاء مغامر لإنشاء حرب عصابات خاصة بهم، وكان معروفًا في المجموعة بعدم أخذ السجناء، وكان اسمه تشارلز لويس دو بين.

زعيم مكافحة العصابات

وللتكيف مع الحياة في المكسيك، أحدث دو بين الفوضى في منطقة فيراكروز وبويبلا وتاماوليباس، وأصبح قائدًا لقوات مكافحة العصابات الفرنسية بين فبراير 1863 ومارس 1865. 

وكانت هذه القوات تُعرف باسم “الشياطين”، وكانت مكونة من من أفراد من جنسيات مختلفة وكان لديهم الصلاحيات الكاملة لتطهير البلاد من قطاع الطرق.  

وقد سهّل عليهم هذا الإفلات من العقاب مواجهة الشعب المكسيكي بوحشية، وقتلهم بلا رحمة، وإحراق المزارع وحتى بلدات بأكملها حيث اعتقدوا أن قطاع الطرق يختبئون فيها.

ومن أجل الحفاظ على النظام، تم تأديب هذه القوات المكونة من لصوص وقراصنة بقسوة تحت قيادة دو بين، الذي لم يُظهر لهم أيضًا أي رحمة.  

ولقد تكيفوا بسرعة مع الظروف المناخية للتضاريس، وتم تدريبهم على الذهاب في مجموعات صغيرة والسفر لمسافات طويلة لمفاجأة المتمردين المكسيكيين ليلاً، ولم يأخذوا سجناء قط إلا لشنقهم أو إطلاق النار عليهم.

ولم تتوقف الأساطير عن النمو حول ما يسمى “كولورادو” و”الجزار الأحمر”، لكن المقاتلين لم يأخذوا أسرى أيضًا، وشيئًا فشيئًا اكتسبوا الأرض حتى انسحاب القوات الفرنسية وسقوط ماكسيميليان.

أصل اسم الجزار الأحمر

ولكن لماذا أطلقوا عليه ذلك؟ ليس فقط بسبب عنفه، ولكن أيضًا بسبب لون زيه اللافت للنظر، كان لدى “دو بين” (Du Pin) طريقة غريبة للغاية في ارتداء الملابس، فقد كان يرتدي قبعة مكسيكية،  وكان يرتدي دائمًا عباءة العقيد في الأعلى، والتي كانت في ذلك الوقت حمراء وسوداء.

وتوفي الجزار الأحمر في فرنسا عام 1868 عن عمر ناهز 54 عامًا، لكن ظله الشرير لا يزال باقيًا في ذكريات أولئك الذين نجوا من حكمه الإرهابي.

أقرأ أيضاً.. أخطر المجرمين في العالم.. قائمة مكتب التحقيقات الفيدرالي “الشهيرة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *