محمد أحمد كيلاني
في تاريخ روما القديمة، خلف الشخصيات الذكورية الشهيرة، وقفت نساء بارزات على حد سواء، وقد تركت إنجازاتهن وتأثيرهن علامة دائمة في التاريخ الروماني، وسوف تتعمق هذه المقالة في حياة النساء القويات في روما، وتكشف عن مساهماتهن في السياسة والثقافة والمجتمع في عصرهن، وتسلط الضوء على كيفية تحديهن لتقاليد مجتمعهن لترك إرث لا يمحى في تاريخ روما.
النساء القويات في روما.. كورنيليا أفريكانا
كانت ابنة الجنرال بوبليوس كورنيليوس سكيبيو، الفائز المنتصر في معركة زاما ضد حنبعل خلال الحرب البونيقية الثانية.
وهي من الطبقة الأرستقراطية، وعُؤفت باسم كورنيليا، “والدة غراتشي”، وكان ابناها، تيبيريوس وجايوس، من منبر العوام ومصلحين طموحين، وقاتلت من أجلهم حتى نهايتها المأساوية (قُتلوا على يد خصومهم في مجلس الشيوخ).
وقد جسدت كورنيليا المثل الأعلى للمربية الرومانية، فقد كانت الأم والزوجة المثالية، وعندما أصبحت أرملة، رفضت زواجًا جديدًا، على الرغم من أن الملك المصري بطليموس الثامن طلب يدها، وتقاعدت لتكرس نفسها لدراسة اليونانية واللاتينية والفلسفة.
ميراث أوريليا
من المحتمل جدًا أن مهارة يوليوس قيصر السياسية جاءت جزئيًا من تعاليم والدته أوريليا كوتا، وهي امرأة وصفها بلوتارخ بأنها “محترمة وصارمة، ذكية وجميلة ومستقلة”، وقد أدركت أهمية الحفاظ على الحياة والمظاهر في روما في القرن الأول قبل الميلاد.
كان لأوريليا تأثير حاسم على تعليم ابنها، مما ميز طموحه وشخصيته.
فولفيا.. دورها في السياسة والمجتمع الروماني
هي وريثة قوية لمنزل آل فولفيان وسيمبرونيانز، وتذكرها تاريخ الجمهورية الرومانية المتأخرة لطموحها ونشاطها السياسي.
فهي ذكية وحازمة، وقد تزوجت فولفيا ثلاث مرات، ومع كل زوج جديد، زادت قوتها.
النساء القويات في روما.. ليفيا دروسيلا
لقد كانت واحدة من أجمل النساء في عصرها، نموذجًا للمرأة الرومانية المكرسة لمنزلها وعائلتها، ولكنها في الوقت نفسه ناشطة سياسيًا، وكانت وصية على العرش في عدة مناسبات، وتُعرف أيضًا باسم جوليا أوغستا، وكانت الزوجة الثالثة لأغسطس (أوكتافيوس)، أول إمبراطور روماني وهو ابن أخ يوليوس قيصر.
وقد استمر الزواج 52 عامًا، وكان لها تأثير كبير على الإمبراطور في المجال الخاص، وكانت تعتبر يده اليمنى ومستشارته الموثوقة، وسمح لها بإدارة شؤونه المالية وخصص لها تمثالًا عامًا.
أقرأ أيضاً.. الإمبراطور نيرو الذي أعدم والدته.. آخر أباطرة الرومان
ومع صعود ابنها إلى السلطة أصبحت أكثر وضوحا، وقد عاشت 86 عامًا، وهو أمر استثنائي في ذلك الوقت، وشهدت سقوط الجمهورية وحكم زوجها أوغسطس وجزئين من حكم ابنها الإمبراطور تيبيريوس.
وكانت جدة جرمانيكوس وكلوديوس، والجدة الكبرى لكاليجولا وأغريبينا، وجدة نيرون.
وتم تأليهها من قبل كلوديوس، وحصلت على لقب أوغوستا من كاليجولا.
أجريبينا الصغرى.. السلطة والمأساة في عهد أسرة جوليو كلوديان
عدد قليل من النساء كان لهن علاقة عائلية أوسع مع البيت الإمبراطوري، فقد كانت أجريبينا الصغرى حفيدة أغسطس، وأخت كاليجولا، وزوجة كلوديوس، وأم نيرون.
وتمكنت من النجاة من مؤامرات القصر والارتقاء إلى القمة كأقوى امرأة في عصرها، وأصبحت إمبراطورة منذ زواجها من خليفة كاليجولا، كلوديوس، مما منحها قوة غير مسبوقة، وقام بتسميم كلوديوس المسن بطبق من الفطر ليضع ابنه نيرون على العرش.
“بومبي بلوتينا” من نساء روما القويات
لطيفة ومثقفة وخيرية، وقد تزوجت تراجان، إمبراطور هيسبانيا بايتيكا، قبل وقت طويل من صعوده إلى العرش الإمبراطوري وكان إلى جانبه عندما دخل منتصرًا إلى روما.
وحصلت على لقب وتكريم أوغستا من مجلس الشيوخ، ولم تكن قادرة على إنجاب أطفال لزوجها، لكنها أثرت على قرار تراجان بتبني هادريان وريثًا، وذلك قبل وقت قصير من وفاته.
“جوليا دومنا” إمبراطورة سيفيران روما
عدد قليل من النساء، باستثناء ليفيا، احتكرن قدرًا كبيرًا من السلطة في زمن الإمبراطورية مثل هذه الإمبراطورة وهي من أصل سوري، وقد تزوجت من لوسيوس سيبتيموس سيفيروس.
وطوال فترة الصراع على السلطة، كانت جوليا دومنا تقف إلى جانب زوجها وكانت قريبة جدًا من الشعب، وكانت لديها طفلان، وهما، كركلا وجيتا.
وبعد وفاة والدهما، حاولت جوليا التوسط بينهما حتى يتقاسما العرش، لكن كركلا قتل جيتا، وأصبحت هي بمثابة الوصي الرسمي مع ابنها، واتخذت العديد من القرارات الحكومية وتأكدت من اكتمال العمل الإداري لسيبتيموس سيفيروس.
غالا بلاسيدا.. أميرة وملكة أواخر روما
لعبت دورًا أساسيًا في نهاية الإمبراطورية، أثناء حصار روما من قبل ألاريك، ملك القوط الغربيين، عام 408.
واستولى عليها العدو، وتزوجت من أتولف، خليفة ألاريك، ولكن عندما مات ألاريك، أعيدت غالا وانتهى بها الأمر، واستمر تأثيرها السياسي حتى وفاتها، قبل عام من هجوم أتيلا على روما.
أقرأ أيضاً.. “حياة المليونيرات” في الإمبراطورية الرومانية
