
يشهد العالم الثقافي حدثًا فارقًا بعد إعلان فوز خالد العناني اليونسكو بمنصب المدير العام الجديد للمنظمة، في خطوة تاريخية تُعد انتصارًا عربيًا ومصريًا يضع التراث والهوية الإنسانية في صدارة الاهتمام الدولي، وجاء هذا الفوز بعد منافسة قوية داخل المجلس التنفيذي للمنظمة في باريس، ليصبح العناني أول مصري يتولى هذا المنصب الرفيع الذي يجمع بين التعليم والعلوم والثقافة تحت مظلة واحدة.
من القاهرة إلى باريس.. رحلة عالم آثار إلى قمة الثقافة الدولية
بدأ خالد العناني مسيرته الأكاديمية في كلية الآثار بجامعة القاهرة حيث حصل على الدكتوراه في علم المصريات، ثم تدرّج في المناصب حتى أصبح وزيرًا للآثار، وبعد دمج الوزارتين تولّى وزارة السياحة والآثار، وعمل على تطوير المتاحف المصرية وافتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية، وإطلاق مشاريع كبرى مثل موكب المومياوات الملكية الذي خطف أنظار العالم، هذه الخبرة العميقة في إدارة التراث جعلته مؤهلًا لقيادة منظمة عالمية مثل اليونسكو التي تتعامل مع ثقافات وحضارات العالم أجمع.
كواليس انتخاب خالد العناني اليونسكو
تم ترشيح خالد العناني رسميًا من قِبل جمهورية مصر العربية في منتصف عام 2024، وحظي بدعم عربي وإفريقي واسع، وخلال جلسات التصويت التي أجراها المجلس التنفيذي للمنظمة في أكتوبر 2025، فاز العناني بالأغلبية، ليصبح المرشح النهائي الذي سيتم التصويت عليه في المؤتمر العام المقبل، وقد اعتبر المراقبون أن هذا الفوز يعكس قدرة مصر على بناء جسور من التعاون الدبلوماسي والثقافي، خاصة في ظل منافسة قوية من مرشحين من أوروبا وأمريكا اللاتينية.
خالد العناني اليونسكو..دلالات انتخابه على المستوى العربي والدولي
انتخاب خالد العناني لمنصب مدير عام اليونسكو يحمل رمزية كبيرة للعالم العربي، فهو يؤكد على أن المنطقة العربية ليست مجرد مهد حضارات قديمة، بل تمتلك كفاءات قادرة على المشاركة في رسم السياسات الثقافية العالمية، كما أن هذا الحدث يفتح آفاقًا جديدة أمام التعاون في مجالات التعليم وحماية التراث ومواجهة التحديات الثقافية التي تعاني منها دول عدة بسبب النزاعات وتغير المناخ والرقمنة السريعة.
رؤيته المستقبلية لإدارة اليونسكو
أوضح خالد العناني في تصريحاته بعد الفوز أن مهمته الكبرى هي جعل اليونسكو أكثر انفتاحًا وتنوعًا وعدلًا في تمثيل الثقافات، مؤكدًا أن المنظمة يجب أن تكون جسرًا للسلام بين الشعوب، ومن المتوقع أن يركّز خلال ولايته على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز التعليم الشامل في الدول النامية، حماية التراث الثقافي المهدد، واستثمار التكنولوجيا الحديثة لخدمة الثقافة والعلوم، وهي رؤية طموحة تتسق مع التحولات الكبرى التي يعيشها العالم اليوم.
التحديات التي تنتظر القيادة الجديدة
تواجه اليونسكو تحديات معقدة أبرزها نقص التمويل، والضغوط السياسية بين الدول الأعضاء، فضلًا عن ضرورة التكيّف مع الثورة الرقمية التي أعادت تعريف طرق التعلم والمعرفة، ويُنتظر من العناني أن يوازن بين طموحاته الإصلاحية وواقعية الميدان، وأن يعمل على جذب مصادر تمويل جديدة وإعادة الثقة إلى المنظمة كبيت عالمي للثقافة والتعليم والسلام.
مصر تحتفي وتنتظر التصويت النهائي
استقبلت الأوساط الثقافية المصرية والعربية نبأ فوز خالد العناني اليونسكو بترحيب كبير، إذ اعتُبر تتويجًا لمسار طويل من العمل الأكاديمي والدبلوماسي، كما عبّرت وزارة الخارجية المصرية عن فخرها بما حققه العناني، مؤكدة دعمها الكامل له حتى التصويت النهائي المقرر في نوفمبر 2025، ليبدأ بذلك فصل جديد في مسيرة الثقافة المصرية داخل المؤسسات الدولية.
فوز يحمل الأمل والتحدي
فوز خالد العناني بمنصب مدير عام اليونسكو ليس مجرد إنجاز شخصي، بل خطوة تعيد للعرب حضورهم في المشهد الثقافي العالمي، وتضع مصر مجددًا في قلب الحراك الدولي لحماية التراث وتعزيز التعليم، ويبقى الأمل معقودًا على أن تكون ولايته بداية مرحلة جديدة تُعيد للمنظمة توازنها ودورها الريادي في نشر الثقافة والمعرفة والسلام بين شعوب الأرض.
اقرأ ايضًا.. “منارة الإسكندرية” رمز القوة المصرية