شخصيات

“هدى شعراوي” وجوانب مظلمة في حياتها

رحاب الرشيدي 

تُعد من أشهر الشخصيات المصرية، فهي نسوية وقومية مصرية، وقد أسست العديد من المنظمات الحقوقية، وتعتبر مؤسسة الحركة النسائية في مصر، وكتبت الشعر باللغتين العربية والفرنسية، وروت حياتها في مذكراتها، هدى شعراوي أو هدى الشعراوي المولودة في 23 يونيو عام 1879، هي موضوع حديثنا في هذا المقال.

طفولتها وزواجها

ولدت هدى شعراوي في مدينة المنيا بصعيد مصر، وهي ابنة “محمد سلطان باشا الشعراوي”، وهو أحد ملاك الأراضي، الذي فيما بعد أصبح رئيسًا لمجلس النواب المصري، وكانت والدتها “إقبال هانم” من أصل شركسي، وتلقت هدى تعليمها في سن مبكر مع أخواتها، حيث درست مواضيع مثل القواعد والخط بلغات عديدة، وكانت لغة التدريس الأساسية لها هي الفرنسية، وحفظت أيضًا “القرآن الكريم” باللغة العربية، وأمضت طفولتها وشبابها في مجتمع من الطبقة العليا، ونشأت في نظام الحريم، حيث كانت النساء محصورين في شقق منعزلة داخل المنزل ويرتدين الحجاب والبرقع عند الخروج.

وفي سن الثالثة عشرة تزوجت من ابن عمها على الشعراوي، الذي كان في أواخر الأربيعينات من عمره، وهو الذي جعله السلطان الوصي القانوني على هدى شعراوي، ثم انفصلت عنه لمدة سبع سنوات، ومنحها هذا وقتًا للتعليم الرسمي الممتد، وتلقت دراساتها على يد معلمات في القاهرة، وتحت الضغط من عائلتها عادت إلى زوجها، وأنجبت طفلين، ابنة تُدعى بثينة، وابن اسمه محمد.

هدى شعراوي والقومية

في عام 1908 ساعدت في تأسيس أول منظمة خيرية تديرها النساء المصريات، وهو مستوصف طبي للنساء والأطفال المحرومين، وكانت هي وزوجها من المؤيدين لقضية استقلال مصر عن بريطانيا، وكان زوجها من الأعضاء المؤسسين لحزب الوفد القومي.

وكانت ثورة 1919 عبارة عن احتجاج للمطالبة باستقلال مصر عن بريطانيا، وقادته أعضاء النخبة المصرية النسائية مثل هدى الشعراوي وجماهير المتظاهرين، وقامت نساء الريف ونساء الطبقة الدنيا بالمساعدة، وشاركن في المظاهرات بمختلف الشوارع مع الناشطين الذكور.

وعملت شعراوي مع زوجها عندما كان نائب رئيس الوفد، أثناء الثورة، وأطلعها على الأمر حتى تتمكن من الحلول مكانه إذا تم القبض عليه، أو على أعضاء آخرين في الوفد، وقامت بتأسيس لجنة مركزية لنساء الوفد، وأصبح العديد من النساء اللاتي شاركن في المظاهرات أعضاء في اللجنة، وانتخبن هدى شعراوي رئيسة لتلك اللجنة إلى جانب صفية زغلول زوجة سعد زغلول، وعملت كرئيسة لها في عام 1920، وشكلت مشاركة المرأة المصرية في الحركة القومية نقطة تحول في المجتمع المصري.

وفي عام 1938 قامت شعراوي واتحاد القوى التحريرية برعاية مؤتمر المرأة الشرقية للدفاع عن فلسطين في القاهرة، مع إعطاء الأولوية للقضايا القومية على الاهتمامات النسوية.

العمل النسوي لهدى شعراوي

استاءت الشعراوي من القيود المفروضة على النساء، فقامت بتنظيم محاضرات للنساء حول مواضيع مهمة، مما دفع العديد من النساء للخروج من بيوتهن إلى الأماكن العامة لأول مرة، وقامت بإقناعهن بمساعدتها في إنشاء جمعية رعاية المرأة لجمع الأموال للنساء الفقراء في عام 1910، واستطاعت فتح مدرسة للبنات وركزت على تدريس المواد الكيميائية بدلًا من المهارات العملية.

وفي عام 1919 خرجت الكثير من النساء المصريات بقيادة هدى شعراوي ضد الاستعمار البريطاني، وبعد أربع سنوات، وفي نفس التاريخ قادت المسيرة لتشكيل أول حركة في مصر.

وبعد وفاة زوجها، حولت جهودها من الحركة القومية إلى مساواة المرأة، وفي عام 1923 أسست “اتحاد النساء المصري”، وأصبحت أول رئيسة له، وقد منح الحزب للمرأة حق التصويت، وإصلاح قوانين الأحوال الشخصية، مثل الزواج والطلاق وحضانة الأطفال، وزيادة الفرص التعليمية للنساء والفتيات، وتحت قيادتها أطلق الاتحاد النسائي المصري، المجلة المصرية في عام 1925، وأطلق الاتحاد النسائي العربي “المرأة العربية ” في عام 1946.

أقرأ أيضاً.. الحركة النسوية العالمية.. الأهداف وأبرز الخصائص

وبعد عودتها من المؤتمر التاسع لمؤتمر التحالف الدولي لحق المرأة في التصويت بروما، خلعت حجابها وعباءتها، وصُدمت النساء في البداية، ولكن خلعت بعضهن حجابهن وعبائتهن لعدة عقود، حتى حدوث الحركات الرجعية، وتأثرت شعراوي بالنسوية المصرية الفرنسية “أوجيني لو يرون”، ولكنها تناقضت مع بعض المفكرات مثل “ملك حفني ناصف”.

وقامت بتأسيس لجنة مركزية لنساء الوفد وعملت كرئيسة لها في عام 1920، وشكلت مشاركة المرأة المصرية في الحركة القومية نقطة تحول في المجتمع المصري، وقامت بقيادة اعتصامات النساء المصريات عند افتتاح البرلمان في عام 1924.

لقاءها مع أتاتورك

كتبت في مذكراتها: بعد انتهاء المؤتمر، تلقت دعوة لحضور الاحتفال الذي أقامه “مصطفى كمال أتاتورك” محرر تركيا الحديثة، ووقف المندوبون المدعوون على شكل نصف دائرة في الصالون المجاور لمكتبه، وبعد لحظات فتح الباب، ودخل أتاتورك وساد الشعور بالهيبة.

وعندما جاء دوري تحدثت معه بشكل مباشر، وكان المشهد فريد من نوعه بالنسبة لي، سيدة شرقية تقف عند الهيئة العالمية للمرأة، وتلقي كلمة، وقلت هذا هو المثل الأعلى، وشجعت كل دول المشرق على محاولة تحرير المرأة والمطالبة بحقوقها، وقلت إذا كان الأتراك يعتبرونك أجدر بأبيهم ويسمونك أتاتورك، إن هذا لا يكفي بل أنت بالنسبة لنا أبو المشرق، ثم توسلت إليه أن يقدم لنا صورة له لنشرها في المجلة المصرية.

العمل الخيري

شاركت في مشاريع خيرية طوال حياتها، وفي عام 1909 أنشأت أول جمعية خيرية تديرها النساء المصريات، وقدمت الخدمات الاجتماعية للنساء والأطفال الفقراء، وكانت مشاريع الخدمة الاجتماعية التي تديرها النساء مهمة لسببين، هما:

أولًا

من أجل الانخراط في مثل هذه المشاريع، ستتوسع آفاق النساء، وسيصبحون قادرين على كسب المعرفة العلمية، ويوجهن تركيزهن إلى الخارج.

ثانيًا


أن تتحدى وجهة النظر التي تقول بأن جميع النساء كائنات تتمتع بالمتعة وتحتاج إلى الحماية.

وبالنسبة لهدى شعراوي كان حل مشاكل الفقراء يأتي من خلال الأنشطة الخيرية للأغنياء، وذلك عن طريق التبرعات لبرامج التعليم.

إنجازات هدى شعراوي

قامت هدى شعراوي بالعديد من الإنجازات منها:

  1. بذلت مجهودًا كبيرًا في سبيل تحقيق حقوق المرأة، ومنها تحديد الحد الأدنى لسن الزواج 16 للنساء و18 للرجال.
  2. في عام 1924 فتحت المدارس “الثانوية العامة” للنساء، وأيضًا الجامعات في عام 1929.
  3. كانت أول مصرية تطالب بإلغاء قانون الدعارة المنزلية، وتم بالفعل إلغاؤه بعد وفاتها.
  4. أسست اتحاد النساء العربي عام 1944، وضم الاتحاد مصر ولبنان، وسوريا، والعراق، الأردن، وفلسطين.

وفاتها

توفيت هدى شعراوي في 12 ديسمبر من عام 1947، وأُطلق اسمها على الكثير من المدارس والمؤسسات والشوارع في مدن مصر تكريمًا لها، وحصلت أيضًا في حياتها على عدة أوسمة ونياشين من الدولة المصرية.

أقرأ أيضًا.. جوليا توفانا.. “المرأة الثعبان” التي تسببت في ذُعر رجال إيطاليا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *