شخصيات

هيرودوت أبو التاريخ”

محمد أحمد كيلاني

متى بدأ البشر بدراسة تاريخهم؟ وما الذي أثار في عرقنا الاهتمام بمعرفة وتحليل وتذكر الأحداث الماضية، هل كان ذلك من أجل فهم الحاضر ولمنع الأحداث المستقبلية؟، فلقد وجد العلماء والمؤرخون الإجابة على هذه الأسئلة الصعبة في شخصية هيرودوت، وهو مؤلف يوناني معروف باسم أبو التاريخ.

من هو هيرودوت أبو التاريخ؟

قضى الكاتب والرحالة يوناني الأصل الكثير من الوقت وهو يتنقل عبر أوروبا وآسيا، وحاول بنصوصه أن يصنع وثيقة تتحدث عن تاريخ العالم كله.

ومن الغريب أن نعرف أن هناك تفاصيل كثيرة عن حياة هيرودوت غير معروفة أو لسنا متأكدين منها.

ويبدو أن مسقط رأسه كان في مدينة هاليكارناسوس، وهي مدينة في آسيا الصغرى كانت تحت حكم الفرس، في حوالي عام 484 قبل الميلاد، في خضم الحروب الطبية، ويبدو أن والديه كانا من أصل يوناني وأن العائلة تركت مدينة هاليكارناسوس في النهاية وذهبت إلى هيلاس، حيث انغمس هيرودوت في الثقافة والنثر الهيليني.

ومن المعروف أيضًا أنه قضى وقتًا طويلًا في أثينا في عهد “بريكليس“، حيث شهد ولادة الديمقراطية في المدينة والتقى بشخصيات عظيمة في ذلك الوقت مثل بروتاجوراس، وسوفوكليس، وسقراط، وأريستوفانيس.

هيرودوت ورغبته في دراسة التاريخ

وبدافع من فضوله لفهم العالم من حوله، قام هيرودوت بالعديد من الرحلات التي أخذته إلى أبرز النقاط على الخريطة.

فبالإضافة إلى السفر لجميع أنحاء اليونان ومقدونيا، زار أيضًا العديد من الأماكن في الإمبراطورية الفارسية مثل مصر، وليبيا وسوريا، وبابل، والعاصمة الإمبراطورية برسيبوليس.

وفي كل رحلة من هذه الرحلات، جمع هيرودوت معلومات حول الثقافة والتقاليد والمجتمع بالإضافة إلى التحدث مع الشهود والعلماء لفهم اللحظات الرئيسية بشكل أفضل مثل بناء هرم الجيزة مثلاً في عهد حكومة خوفو أو أحداث الحروب الفارسية التي واجهتها المدينة اليونانية ضد قوات زركسيس الأول.

ومن كل هذه المعلومات أنشأ هيرودوت روايته التاريخية العظيمة.

هيرودوت المؤرخ الأول

كان كتابة يحمل عنوان بسيط وهو “التاريخ” ونشره في مجلد واحد، وهذا النص المكتوب نثرًا وباللهجة الأيونية يروي بأسلوب قريب وبسيط وكم كبير من التفاصيل الحروب الفارسية، والبيلوبونيسية، بالإضافة إلى أحداث مهمة من أماكن أخرى، ولكنه لم يركز على الأحداث والمعارك ولكنه تعمق في البنية الاجتماعية وتأثير التقاليد والثقافة، ويرى العديد من الخبراء أن تاريخ هيرودوت ليس مجرد سجل تاريخي أو مقال تاريخي ولكنه أيضًا وثيقة إثنوغرافية ذات قيمة كبيرة.

ويتوقف سرد التاريخ في عام 430 ق.م، ولذلك، يُعتقد أن هيرودوت لا بد أن يكون قد توفي في نفس العام أو العام التالي.

وفي ذلك الوقت، انتقد بعض المعاصرين عمل هيرودوت لاعتبارهم أن نصوصه كانت حرة للغاية وأقرب إلى أسطورة مثل الإلياذة منها إلى وثيقة تاريخية، ولكن هذا لم ينه شهرته.

وكان الفقيه شيشرون هو الذي منح هيرودوت لقب مؤرخ لأول مرة وتم انتشال نصوصه في عصر النهضة، واكتسبت أهمية وقد تم إثبات أن الكثير مما رواه كان صحيحا تماما.

وقد وصل تأثيره إلى حد أن الصحفي ريزارد كابوسينسكي نشر رحلات مع هيرودوت في عام 2004، وهو كتاب أشاد فيه بعمل المؤرخ الأول، وأبو التاريخ هيرودوت.

أقرأ أيضًا.. ليوناردو دا فينشي.. “عبقري فلورنسا”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *