محمد أحمد كيلاني
حدائق بابل المعلقة في العراق، هي سلسلة من الحدائق، وتتواجد في مدينة بابل القديمة، وبسبب جمال تلك الحدائق الفاتن، تم إدراجها في القوائم القديمة لعجائب العالم.
ولكن على الرغم من أن وصف شكلها معروف بالفعل، ومن قبل الكثير من الكُتاب البارزين، إلا أن هذه الأعجوبة هي الأكثر إثارة للجدل في التاريخ، حتى أن البعض تسائل عما إذا كانت موجودة بالفعل أم لا.
وذلك لأنه لدينا بقايا لمعظم عجائب العالم الأخرى، أو على الأقل دليل مادي على وجودها، أما بالنسبة لحدائق بابل، فكان من الصعب جدًا الحصول على أي دليل.
المصادر الوثائقية
لعل الصعوبة التي وجدت في المصادر الوثائقية التي وصفت حدائق بابل المعلقة، هي أن هذه المصادر غير مباشرة، أي أنها شهادات مبنية على شهادات أخرى، وهكذا، ومن بين عديد الوثائق المتاحة، كان هناك اثنان فقط يستحقان الاهتمام، وهما وثائق:
جوزيفوس فلافيوس
كان فلافيوس جوزيفوس مؤرخًا رومانيًا في القرن الأول، وقد كتب في كتابه وصفًا لحدائق بابل، وقد فُقد هذا الكتاب القديم، ولم يصلنا إلا باقتباسات من خلال مؤلفين جدد.
ديودورس من صقلية
وهو مؤرخ من القرن الأول قبل الميلاد، وقد تناول في سيرة الإسكندر الأكبر وصف لحدائق بابل المعلقة.
وهناك بعض النصوص الأخرى التي يمكن الاستناد إليها، مثل تلك الخاصة بالعالم الجغرافي “سترابو”، في عمله “الجغرافيا”، وأيضًا “فيلو دي بايسانس”، الذي أدرجها ضمن عجائب الدنيا السبع في كتابه “من العوالم السبعة. “.
وبمثل هذه النصوص القديمة، يبدو من المستحيل التشكيك في وجود حدائق بابل المعلقة.
موقع حدائق بابل المعلقة
وقد تسببت تحديد موقع الحدائق، في إثارة الجدل عند المختصين، الذين بادر إلى ذهنهم الكثير من الأسئلة، مثل، ماذا لو لم يتم العثور على البقايا الأثرية؟ وماذا لو لم تكن حدائق بابل في بابل من الأساس؟.
ومع ذلك، فمن المفترض أنها كانت في مدينة بابل القديمة.
وحدائق بابل، هي الوحيدة الغير مصرية ولا يونانية، ضمن قائمة عجائب الدنيا القديمة، ويرجع وجودها في القائمة إلى جمالها الفريد كما ذكرنا.
ونظرًا لأن علماء الآثار لم يعثروا على أي أثر مادي للحدائق البابلية، فمن المستحيل تحديد موقعها بالضبط.
من بنى حدائق بابل المعلقة
تعود أصول حدائق بابل المعلقة إلى “نبوخذ نصر الثاني”، وهو ملك بابل في القرن السادس قبل الميلاد وكانت بابل في في عهده أعظم مملكة، وكانت في أوجها.
وقد بنى نبوخذ نصر الثاني العديد من المعالم والمعابد في بابل، وتقول الأساطير أنه بنى الحدائق من أجل زوجته، وتقول أساطير أخرى أن هذه الحدائق تم إنشاؤها قبل فترة طويلة مع “سميراميس”، وهو الإسم الذي تنسبه هذه الأسطورة إلى الملكة الآشورية سامورامات التي تواجدت في القرن الثامن قبل الميلاد.
ولكن هذه الفرضية ليست ذات مصداقية كبيرة، كما أنه من غير الواضح لماذا ومتى تم تدمير هذه الحدائق.
هل كانت حدائق بابل مُعلقة كما يشير إسمها؟
في الواقع، لم تكن كذلك، وربما ظهرت هذه الكلمة في وقت متأخر قليلاً، وهي لا تتوافق مع حقيقة الحدائق التي لم يكن من الممكن تعليقها لأنها كانت ثقيلة جدًا.
وفي الواقع، كانت الحدائق عبارة عن سلسلة من المدرجات، وقد بنيت بهذا الشكل من أجل أعطائُها هواءًا متجددًا ومستمرًا، وذلك الشكل الذي سمح بمرور الهواء، وهو ما يفسر لنا لماذا تخيل البعض أن الحدائق كانت معلقة في الهواء، وهو بالطبع خطأ.
لماذا تواجد حدائق بابل ضمن قائمة عجائب الدنيا السبع؟
لقد سلطت قائمة عجائب الدنيا السبع الضوء على أكثر المعالم المميزة والمُبهرة في التاريخ القديم للأرض، وذلك من أجل الاحتفاء بخصوصيتها وجمالها وتقنياتها، وقد تميزت حدائق بابل المعلقة بخصائص مماثلة لتلك الموجودة في الحدائق الآشورية والفارسية العظيمة، لكن تفردها كان في البنية التحتية المعمارية التي تدعمها، فلا يوجد شيء من هذا البناء في الشرق الأوسط، بلا شك.
وحدائق بابل المعلقة تواجدت في التاريخ القديم للعراق، حتى وإن لم يكن هناك أي بقايا تدُل على وجودها، وهذا ما يفسر لنا، تلك المحاولات العديدة التي أرادت إعادة بناء أو تمثيل تلك الحدائق في جميع أنحاء العالم.
أقرأ أيضاً..تمثال زيوس.. أعجوبة العالم القديم