عماد الصاوي
الحرب العالمية الأولى (World War I) هي من أهم الأحداث على مستوى التاريخ الحديث، والتي رسمت خريطة العالم والجغرافيا المعاصرة، وأُطلق عليها الحرب العظمى، ووُصفت بالحرب التي ستُنهي كل الحروب.
نشبت الحرب العالمية الأولى في أوروبا، واستمرت من عام 1914 إلى عام1918، وشارك فيها أكثر من 60 مليون جندي من جميع أنحاء العالم، وقُدرت خسائرها بحوالي 40 مليون شخص، بين قتلى وجرحى ومفقودين.
أسباب الحرب العالمية الأولى
أسباب غير مباشرة
في عام 1871، كانت الإمبراطورية الفرنسية في حرب ضد اتحاد شمال وجنوب ألمانيا، وقد عُرفت بالحرب الفرنسية الألمانية، وكانت تلك المعركة من أهم أسباب الحرب العالمية الأولى.
وبعد ستة أشهر من القتال، هُزمت فرنسا واتحد المنتصرون لتشكيل الإمبراطورية الألمانية، وأُلحقت منطقة الألزاس واللورين بالإمبراطورية الألمانية، مما أثار غضب الجانب الفرنسي.
أسباب مباشرة
في يونيو 1914، قام شاب صربي القومية في البوسنة بقتل ولي عهد الإمبراطورية النمساوية وزوجته في مدينة سراييفو عاصمة البوسنة.
واغتيال ولي العهد يعتبر شرارة الحرب العالمية الأولى، حيث اتهمت الإمبراطورية النمساوية صربيا بتنظيمها للهجوم واعتبرت الاغتيال إعلان حرب.
وبعد ستة أشهر من حادثة الاغتيال، أعلنت النمسا الحرب على صربيا، وبعدها قامت روسيا بتحريك قواتها على حدود الإمبراطورية النمساوية، وردًا على ذلك أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا.
لعبة التحالف في الحرب العالمية الأولى
بعد تقدم ألمانيا الصناعي بشكل سريع ونمو اقتصادها بشكل مُلفت، بدأت ببناء تحالفات مع الإمبراطورية النمساوية المجرية أولًا ، ثم مع إيطاليا، وشكلت الثلاث دول ما يُعرف بالتحالف الثلاثي أو القوى المركزية.
وعلى الجانب الآخر، تحالفت فرنسا مع الإمبراطورية الروسية، ووقعت الاتفاقية السرية بعدم الاعتداء مع إيطاليا، وبذلك تكون تجنبت جبهة ثانية في حالة اندلاع الحرب.
وقد خرجت بريطانيا عن صمتها، واقتربت من فرنسا وروسيا، بسبب تخوفها من تفوق الجيش الألماني وبالخصوص القوات البحرية والأسطول، وبذلك نتج عنه ما يُعرف بـ الوفاق الثلاثي أو دول التحالف لاحقًا.
تحالف صربيا مع روسيا
في البلقان قامت الإمبراطورية النمساوية المجرية بضم البوسنة والهرسك تحت حكمها، وأدى ذلك إلى استياء صربيا المجاورة، فهي التي حلمت بتوحيد الشعب السلافي الجنوبي، وهذا الحلم الذي كان محببًا لدى روسيا، التي تحالفت مع صربيا دبلوماسيًا.
خطط ألمانيا في الحرب العالمية الأولى
قام ألفريد شليفن رئيس أركان الجيش الألماني بوضع خطة للتغلب على الجيش الفرنسي وروسيا، حيث كانت الفكرة أنه قبل انتهاء روسيا من عملية تعبئة الجيش بالكامل، يجب احتلال فرنسا في أسرع وقت وهزيمتهم من الشمال.
وأرسلت ألمانيا برقية للحكومة البلجيكية، للسماح بعبور الجيش الألماني من أراضيها لغزو فرنسا، ولكن بلجيكا رفضت الطلب.
وقامت ألمانيا بغزو بلجيكا مجبرة الجيوش الفرنسية والبريطانية والبلجيكية على التراجع، وذلك خوفًا من الاستيلاء على باريس، ولكن بعد ذلك هاجم الجيش الفرنسي من الأطراف، وتراجع الجيش الألماني إلى الشمال، وفشلت خطة شليفن.
انضمام قارات ودول أخرى في الحرب العالمية الأولى
بعد فشل خطة شليفن وإيقاف زحف الجيش الألماني، تغيرت الأحوال وتكونت عدة جبهات في أماكن متفرقة.
وانضمت بعض الدول مثل اليابان، والولايات المتحدة الامريكية، وذلك بعد زيادة التوترات وهجوم الغواصة الألمانية على السفينة الأمريكية لوسيتانيا، وقررت الولايات المتحدة الأمريكية الانضمام إلى الحرب في عام 1917.
الحرب العالمية الأولى وحرب التكنولوجيا
الحرب التكنولوجية كانت من العوامل المحورية في الحرب العالمية الأولى، وأثمرت عن خسائر هائلة في الأرواح وأحدثت تغيير جذري في الحروب المستقبلية.
فقد قامت ألمانيا في أول مرة بعملية القذف الجوي عن طريق المنطاد الحربي، أما السلاح الجوي كان يُستخدم للمراقبة والاستطلاع، وسرعان ما تطور وتم تزويد الطائرات بالمدافع الرشاشة، ولأول مرة تقوم ألمانيا بإطلاق غواصة في المياه الإقليمية البريطانية، وذلك بالإضافة إلى استخدام الغازات التي تسببت في كثير من الضحايا.
حرب الخنادق
حرب الخنادق كانت جانبًا حاسمًا في الحرب العالمية الأولى، فقد كان الجنود الذين نجوا من القتال يتم إلقائهم في الخنادق، ويُجبرون على العيش في ظروف قاسية، حيث الطين والحيوانات، ورائحة الجثث المتحللة.
الحرب الاقتصادية
ركزت ألمانيا في الحرب العالمية الأولى على الجانب الاقتصادي، حيث قامت بإرسال غواصاتها إلى المحيط الأطلسي لإغراق جميع السفن حتى التجارية منها.
نهايه الحرب العالمية الأولى
بعد سقوط نظام القيصر ووصول البلاشفة إلى الحكم، قاموا بتوقيع اتفاقية وقف إطلاق النار مع دول القوى المركزية.
وركزت ألمانيا قواتها في الغرب، ونجحت بالفعل باختراق الخطوط الأمامية وتدمير الخنادق والاقتراب من باريس، لكن الجيش الألماني قام بالتحرك بسرعة نحو الجنوب.
وشجع هذا الفعل الجيش الفرنسي للقيام بهجمات مضادة، أدت إلى تفكك الدفعات الألمانية، وتراجع الجنود الألمان إلى الشمال، وجعلتهم في حالة ذعر، وانتهزت قوات الحلفاء الفرصة وشنت هجوم على كل الجبهات.
وفي الداخل الألماني اشتعلت ثورة تُطالب بخلع الإمبراطور، والسماح بالتوقيع على هدنة، ووقف إطلاق النار.
نتائج الحرب العالمية الأولى
في 28 يونيو 1919، تم توقيع معاهدة السلام والمعروفة “بمعاهدة فرساي” ولم يتم دعوة الطرف الألماني مع إلزامهم بتنفيذ جميع مطالب المنتصرين، وقد جاءت المطالب على الشكل الآتي:
تتحمل ألمانيا وحلفائها المسؤولية كاملة عن أضرار الحرب.
يتم تفكيك الإمبراطورية العثمانية والإمبراطورية المجرية، مما فتح الطريق في ذلك الوقت لتكوين بلدان جديدة وبناء مستعمرات جديدة.
تتنازل ألمانيا عن ما يزيد عن 15% من أراضيها إلى فرنسا، وبلجيكا، والدنمارك، وبولندا.
وكان العزاء الوحيد لألمانيا، أنها ظلت إلى حد كبير سليمة وغير مدمرة بسبب عدم وجود قتال على أراضيها، كما أن بنيتها التحتية ومصانعها لازالت كما هي ولم تتأثر.
أقرأ أيضًا.. “الحرب العالمية الثانية” لم تُفرق بين عسكري ومدني