
في واحدة من أغرب القصص التي شهدتها المملكة العربية السعودية، ظهرت امرأة «خاطفة الدمام» استطاعت أن تخطف أطفالاً حديثي الولادة من مستشفيات حكومية، لتعيش معهم حياة مزيفة على مدار 20 عاماً. لم تكن جريمة عابرة، بل كانت مؤامرة محكمة غيّرت مصير عائلات بأكملها، وظلت أسرارها مدفونة حتى كشفتها الصدفة والتحقيقات.
كشف المستور.. كيف انهارت القصة بعد سنوات؟
مع مرور السنين، كبر الأطفال الذين اختطفتهم، لكن الشكوك بدأت تلاحق تلك “الأم المزيفة”. كانت تحرص على إخفاء تفاصيل حياتها بعناية، لكن قدر الله شاء أن تكشف الحقيقة عندما حاولت تسجيل أحد الأطفال رسمياً بعد مرور عقدين على اختطافه.
أظهرت التحقيقات والفحوصات الطبية الدقيقة حقيقة مروعة، حيث أثبتت نتائج البصمة الوراثية أن هؤلاء الأطفال ليسوا أبناءها. كما كشفت التحقيقات اللاحقة أنها اختطفت أكثر من طفل من مستشفيات مختلفة في فترات متباعدة.
خاطفة الدمام.. تفاصيل الجريمة.. بين الواقع والخرافة
كشفت التحقيقات تفاصيل مذهلة عن طريقة ارتكاب الجريمة، حيث استغلت المتهمة ضعف الرقابة في أقسام الولادة بالمستشفيات الحكومية. كانت تتنكر في هيئة ممرضة أو زائرة لتتمكن من الوصول إلى الأطفال حديثي الولادة.
لم تكن الجريمة توقف عند حد الخطف، بل امتدت إلى تزوير مستندات رسمية بما في ذلك شهادات الميلاد والهويات الشخصية. كما تبين أنها عاشت حياة غير مستقرة مع عدة شركاء ساعدوها في تنفيذ جرائمها.
الأمر الأكثر إثارة للصدمة كان استخدامها لأساليب غريبة مثل الاستعانة بممارسات سحرية وشعوذة لإيهام المحيطين بها بأنها أم حقيقية لهؤلاء الأطفال.
الحكم الذي طال انتظاره
بعد سنوات طويلة من التحقيقات والمحاكمات، أصدر القضاء السعودي أحكاماً صارمة بحق الجناة. حكم على المتهمة الرئيسية بالإعدام تعزيراً بعد ثبوت تورطها في جرائم الخطف والتزوير واستغلال الأطفال.
كما صدرت أحكام بالسجن لفترات طويلة بحق شركائها في الجريمة الذين ساعدوها في تزوير المستندات الرسمية وإخفاء معالم الجريمة. وكان من أبرز نتائج المحاكمة إعادة الأطفال إلى عائلاتهم الحقيقية بعد سنوات من الفراق القسري.
خاطفة الدمام.. ردود فعل تتراوح بين الفرح والألم
عندما نُشر خبر الحكم النهائي، تفجرت المشاعر في منازل الضحايا. بكى الأهالي فرحاً بعودة أبنائهم، لكن دموعهم اختلطت بحسرة على السنوات الضائعة التي قضوها بعيداً عن فلذات أكبادهم.
في الجانب الآخر، عبر المجتمع السعودي عن غضبه واستنكاره لهذه الجريمة البشعة، حيث طالب العديد من الناشطين والمختصين بتشديد العقوبات على جرائم اختطاف الأطفال. كما تصدر وسم خاطفة الدمام منصات التواصل الاجتماعي لعدة أيام، مع مطالبات بتحسين أنظمة الرقابة في المستشفيات.
عبر مستفادة: دروس من المأساة
أثارت هذه القضية العديد من التساؤلات حول الثغرات الأمنية في المنشآت الصحية. وأبرزت الحاجة الملحة لتطوير أنظمة حماية الأطفال حديثي الولادة.
من أهم الدروس المستفادة ضرورة تعزيز الرقابة في أقسام الولادة بالمستشفيات، وزيادة الوعي المجتمعي بخطورة ترك الأطفال دون رقابة. كما ظهرت الحاجة إلى تطوير أنظمة التتبع الحديثة مثل تسجيل البصمة الوراثية للمواليد الجدد.
كما أكدت القضية أهمية التعامل السريع مع بلاغات اختفاء الأطفال، وضرورة تكثيف التوعية الأسرية بأساليب الحماية والوقاية من مثل هذه الجرائم.
العدالة تنتصر لكن الثمن غالٍ
رغم انتصار العدالة في النهاية، إلا أن القضية تركت ندوباً عميقة في نفوس الضحايا وعائلاتهم. السنوات الضائعة لا يمكن تعويضها، والذكريات الأليمة ستظل عالقة في الأذهان.
اليوم، أصبحت المملكة أكثر وعياً وقدرة على مواجهة مثل هذه الجرائم. القوانين أصبحت أكثر صرامة، والأنظمة الأمنية أكثر تطوراً. لكن تبقى القضية تذكيراً مؤلماً بأن الشر قد يختبئ خلف أقنعة البراءة، وأن اليقظة المجتمعية تظل أفضل وسيلة للحماية.
اقرأ أيضًا.. رسوم تجديد الإقامة للمقيمين في السعودية 2025