رُكن مقالات مُستبشر

اكتشاف السم في لوحة الموناليزا!

محمد أحمد كيلاني

يبدو أن ليوناردو دافنشي و”الموناليزا” لا يزال لديهما أسرار ليكشفاها، وآخرها هو أن العلماء عثروا على كمية كبيرة من الأصباغ السامة الكامنة في ضربات الفرشاة لهذه اللوحة الشهيرة التي رسمها العبقري الفلورنسي، فلنتعرف أكثر على ذلك السم في لوحة الموناليزا.

أجرى دافنشي تجاربه على المواد الكيميائية

نحن نعلم أن دافنشي كان عالمًا موسوعيًا، وعبقريًا في عصره، وقد أتقن جميع أنواع العلوم، من الهندسة، إلى علم الأحياء، والنحت، وعلم النبات، والتشريح، وكان أيضًا كيميائيًا.

ويُظهر البحث الجديد، الذي نُشر في مجلة الجمعية الكيميائية الأمريكية، أنه من المحتمل أن يكون ليوناردو دافنشي قد ابتكر نوعًا جديدًا من خليط الطلاء الذي استمر استخدامه بعد ذلك لعدة قرون.

وقام العلماء بفحص جسيم طلاء صغير مأخوذ من الزاوية اليمنى العليا من الموناليزا باستخدام حيود الأشعة السينية السنكروترونية عالية الدقة ومطياف الأشعة تحت الحمراء لتحويل فورييه الدقيق وقاموا بتحليلها لتحديد تركيبها الكيميائي.

ولم يعثر الفريق على النفط والرصاص الأبيض فحسب، كما كان متوقعا، بل وجد شيئا آخر، وهي مادة (Pb5(CO3)3O(OH)2) البلومبوناكريت، ويصف الباحثون “خليطًا فريدًا من الزيت عالي التصبن وعالي الرصاص وصبغة الرصاص البيضاء المستنفدة للسيروسيت”، ويكون هذا المركب سام عندما يمتزج بالزيت وأكسيد الرصاص.

السم في لوحة الموناليزا

ربما حاول ليوناردو إعداد طلاء سميك مناسب لتغطية اللوحة الخشبية للموناليزا عن طريق معالجة الزيت بكمية عالية من أكسيد الرصاص، كما كتب المؤلفون الذين أكدوا أن دافنشي لم يترك أي مرجع مكتوب لهذا الأمر، ولا يوجد سوى ملاحظة استخدام هذا المركب نفسه لعلاجات الجلد والشعر.

وعادة، لم يرسم رسامي عصر النهضة مباشرة على القماش، بل وضعوا أولاً طبقة سميكة من جص أو عجينة باريس ثم رسموا فوقها.

ومع ذلك، فإن وجود مادة البرمبوناكريت يشير إلى أن دافنشي أنشأ طبقات من صبغة الرصاص البيضاء، الممزوجة بزيت أكسيد الرصاص، وأكسيد البرقوق، وهو الشيء الذي ربما لعب دورًا حيويًا في تشكيل روائعه المميزة.

ويسلط الخبراء والعلماء ومؤرخو الفن من فرنسا وبريطانيا الضوء على الاستخدام التجريبي لأكسيد الرصاص في كل من “الموناليزا” و”العشاء الأخير” لدافنشي.

ومن الواضح أن ابتكاراته لم تركز فقط على العلوم، بل أوضح أيضًا أن ذوقه في التجريب امتد حتى إلى الطبقات الأساسية أسفل لوحاته.

ويُعتقد أن دافنشي قام بتسخين وإذابة قوة أكسيد الرصاص في زيت بذر الكتان أو الجوز، مما أدى إلى إنتاج خليط أكثر سمكًا وأسرع تجفيفًا من الدهانات الزيتية التقليدية، وهي وصفة استخدمها العديد من الفنانين لاحقًا.

على سبيل المثال، رامبرانت، في لوحة “المراقبة الليلية” (The Night Watch) التي تم إنشاؤها عام 1642، واستخدم الرسام والنقاش الهولندي أيضًا مادة بلومبوناكريت بتقنية مشابهة لتقنية دافنشي.

وباستخدام خلطات طلاء مختلفة لأعمال فنية مختلفة، يعتقد الباحثون أن دافنشي أراد إظهار نهج حديث في هذه الحرفة، ويُعتقد أن أكسيد الرصاص، ربما تم استخدامه لمساعدة الطلاء المطبق عليه على الجفاف.

وأوضح فيكتور غونزاليس، المؤلف الرئيسي للدراسة والكيميائي في الهيئة البحثية الرئيسية في فرنسا، CNRS، الذي درس التركيبات الكيميائية لعشرات من النباتات: “لقد كان شخصًا يحب التجربة، وكل لوحة من لوحاته مختلفة تمامًا من الناحية الفنية”.

فلقد أحاطت هالة من الغموض بالدهانات والأصباغ في استوديو دافنشي، مما دفع العلماء إلى استكشاف كتاباته وأعماله الفنية بحثًا عن أدلة.

ومرة أخرى، يبدو أن العالم الشهير كان متقدمًا على عصره، بتقنية نجدها أكثر في القرن السابع عشر، وعلى الرغم من عدم وجود دليل مكتوب على ذلك في الوثائق التي لدينا عنه، فإن هذه النتائج تظهر أنه استخدم هذه التقنية التي ساعدته في إنشاء الروائع التي لا نزال نستمتع بها حتى اليوم، فلم يضع السم في لوحة الموناليزا إلا من أجل الإبداع.

أقرأ أيضاً.. أسرار لوحة الموناليزا.. إعجاز “دا فينشي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *