محمد أحمد كيلاني
هل تعلم أن كلمة غرفة العمليات الجراحية مشتقة من الكلمة اليونانية kheirurgía – والتي تعني عملية جراحية ، والتي بدورها مشتقة من الكلمة اليونانية kheirurgós وتعني الشخص الذي يعمل باليدين، وكان هناك عدد قليل من المستشفيات التي كان يجري بها تلك الجراحات وقد تطورت عبر التاريخ، ولعدة قرون كانت تجري تلك العمليات بدون تخدير، حيث لم يكن هناك أي مواد للتخدير أو للتعقيم، وقد أجرى الجراحون العمليات الجراحية لمرضاهم بدون قفازات أو أي مواد عازلة، ورغم وجود تلك العمليات إلا أنها لم تكن ناجحة بشكل كبير، وكان المرضى يموتون فيها بشكل متكرر بعد معاناتهم الرهيبة.
علاوة على ذلك، لم يتم حتى نهاية القرن الثامن عشر صياغة كلمة للإشارة إلى المساحات التي كانت على شكل مدرجات، والتي أجريت فيها التدخلات الجراحية، وكانت تُعرف باسم “مسارح العمليات”.
أقدم مسرح للعمليات الجراحية
في لندن، تم الحفاظ على أقدم مسرح عمليات للعمليات الجراحية، ويعود تاريخه إلى عام 1822، وهو عبارة عن غرفة عمليات تقع في أعلى الكنيسة، والتي تم الوصول إليها من الجناح النسائي في مستشفى “سانت توماس”، من خلال درج حلزوني ضيق للغاية من اثنين وثلاثين درجة.
وتم إجراء عمليات جراحية كثيرة هناك، وكانت تستمر بالكاد من 10 إلى 15 دقيقة من البداية إلى النهاية، حيث تم خلالها نشر عظم أو إجراء عملية التهاب الزائدة الدودية، أو إزالة حصوات من المثانة، ومن بين العديد من العمليات الجراحية الأخرى، كان التخدير الوحيد لتهدئة الألم هو “الماندريك” أو ماندراكورا، وهو نبات ذو تأثيرات طبية، أيضًا تم استخدام قصب مغطى بالجلد، يقوم المريض بقضمه وعضه أثناء الجراحة.
وتم إجراء الجراحة أمام جمهور كبير منتشر في جميع أنحاء المدرج، والذين يصل عددهم أحيانًا إلى مائتي شخص، ويتكونون من مساعدي الجراحين والمتدربين وطلاب الطب، وقد مُنعت النساء من هذه الإجراءات لأنهن اعتُبِرن حساسات للغاية وقد يفقدهن وعيهن.
جراحة في الهواء الطلق.. كيف كانت تتم؟
على الرغم من كل ماسبق، علينا أن نعود إلى أبعد من ذلك بكثير، وتحديدًا إلى الوقت الذي تم فيه أولى التدخلات الجراحية في التاريخ، علينا العودة إلى عصور ما قبل التاريخ.
فعلى حافة نهر، أو وسط غابة أو حتى على قارب، ومع غناء الطيور، كان الرجل من عصور ما قبل التاريخ يرتجل غرفة عمليات بهذا الشكل، وهي بالطبع في مكان بعيد جدًا عن الحد الأدنى من الشروط المطلوبة حاليًا لإجراء تدخل جراحي.
وقد قام الجراحون الأوائل في تاريخ الطب بحفر ثقوب في جمجمة شخص حي، وذلك باستخدام الصوان، و حجر السج أو السبج، وتنوعت أشكال ثقب الجمجمة بين بيضاوي، ودائري، ورباعي الأضلاع، ومن حيث الحجم، من صغير ومنقط إلى كبير.
والسبب الذي من شأنه أن يقودهم للقيام بهذا التدخل كان قائماً على أسباب دينية سحرية، للسماح بخروج الأرواح الشريرة، ومن المحتمل جدًا أن ينسب هؤلاء السكان الأوائل إلى هذه الأرواح ظهور الصداع، ونوبات الصرع، واضطرابات المجال النفسي.
أقدم دليل للعمليات الجراحية بهذا الشكل
يعود أقدم دليل على ثقب العظام إلى ما يقرب من 7000 عام ، وتم ممارسته في أماكن متنوعة على كوكب الأرض مثل أمريكا الشمالية والجنوبية أو إفريقيا أو بولينيزيا.
وفي كل هذه الثقافات البدائية، الطريقة الوحيدة لتحقيق تأثير مخدر ستكون من خلال النباتات، أو المشروبات الكحولية، وكي الأنسجة وإيقاف أي أوعية نازفة، فإنهم يطبقون كمادات نباتية، ومن المحتمل أنهم لم يجروا غرزًا في أي منهم، وذلك على الرغم من أنه في بعض الحالات تم ربط الشعر بين طرفي الجرح.
ومن المفترض أن المضاعفات، إما أثناء العملية الجراحية أو بعدها (الالتهابات والنزيف والأورام الدموية على مستوى الجمجمة، إلخ)، كانت متكررة جدًا، ووفقًا لبعض الدراسات العلمية التي تم إجراؤها، نجا أكثر من 50 بالمائة من الأشخاص الذين تم ثقبهم في عصور ما قبل التاريخ أثناء عمليات الجراحة.
وفي وسط أوروبا تم العثور على براهين، تثبت نجاة أكثر من 90.5 بالمائة من الذين خضعوا لعملية جراحية في العصر الحجري الحديث.
أقرأ أيضاً..تايتانيك.. كَشف اللُغز وراء غرق السفينة العملاقة