محمد أحمد كيلاني
شارك فيها اثنان وسبعون دولة وتم شنها في جميع القارات، بشكل مباشر أو غير مباشر، وتجاوز عدد القتلى خمسين مليوناً، مع حوالي ثمانية وعشرين مليون مشوه، أهلا بكم في الحرب العالمية الثانية.
من الصعب حساب عدد الملايين الآخرين الذين تخطوا الصراع ومازالوا على قيد الحياة، لكنهم، بكل تأكيد، غير صالحين تماماً بسبب الصدمات النفسية التي تعرضوا لها (القصف الجوي والتعذيب والجوع والخوف الدائم)، ويوجد أسباب أخرى أيضاً، وربما السبب الأكثر وحشية، هو عدم التفريق بين أولئك الذين يقاتلون في الجبهة والسكان المدنيين العُزل، لقد كانت هذه الحرب شاملة، ولم يختر أي من المتورطين فيها أهدافه العسكرية حتى يستبعد المدنيين.
سلوك الحرب العالمية الثانية.. حرب الاستنزاف
أصبحت مهاجمة مؤخرة العدو ومدنه وصناعاته ونسائه وأطفاله وشيوخه جزءاً مما وصفه الاستراتيجيون بشكل ملطف بأنه “حرب نفسية” أو “حرب استنزاف”، وبطبيعة الحال، سمح تطور الطيران والأسلحة ذاتية الدفع بقمع الفصل القديم بين الخطوط الأمامية، والخلفية، لقد كان كل شيء مُباح.
تكلفة الحرب العالمية الثانية
إذا تسببت الحرب العالمية الأولى في تكلفة قدرها 208 مليار دولار، فقد وصلت الحرب العالمية الثانية إلى رقم مخيف، ومثير للاهتمام، وهو، 1 تريليون و 500 مليار دولار، وهو مبلغ لو استثمر في محاربة البؤس البشري، كان سيقضي عليه من على وجه الأرض، وتم حشد ما يقرب من 110 مليون رجل وامرأة، 30% منهم فقط لم يتعرضوا للقتل أو الإصابة.
الصراع التكنولوجي
وكما هو الحال في أي حرب أخرى، فقد تم حشد البراعة البشرية بالكامل لإنشاء أدوات مميتة بشكل سريع، وذلك باستخدام القنبلة الفسفورية، والنابالم، وأخيراً القنبلة النووية للإبادة الجماعية، وبناء مجالات خاصة لهذا الغرض.
“المفهوم الذي تمتلكه الإنسانية عن نفسها لن يكون هو نفسه بعد الحروب العالمية”.
نهاية الحرب
أخيرًا، فشلت عصبة الأمم، وهي جهاز تأسس للحفاظ على السلام بين الأمم، في أداء دورها، وانهارت من خلال السباق العسكري الذي أعدته دول غير راضية عن الهيمنة السياسية والعسكرية التي مارسها الفائزون في الحرب العالمية الأولى، وبدون سبب واحد، كانت هذه الحرب نتيجة لتفاقم التنمية الصناعية للدول الأوروبية، بطريقة ما، مع مراعاة خصوصياتها، فقد بدت هذه الحرب استمراراً لمشاكل الحرب العالمية الأولى.
وبهذه الطريقة، تُعتبر هذه الحرب حرباً عالمية حقيقية ومُرعبة، نتيجة لمجموعة من الاستمرارية والقضايا التي لم تحل بموجب معاهدات السلام التي أُبرمت بعد الحرب الأولى، فقد انقسمت المواجهات بين تحالفين عسكريين كبيرين، وهم، الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة وإنجلترا وفرنسا والإتحاد السوفيتي، والمحور الذي تكون في البداية من إيطاليا وألمانيا واليابان، ونتيجة لأبعادها الكبيرة، نشأت الصراعات في أوروبا وشمال أفريقيا وبلدان المحيط الهادئ.
أقرأ أيضاً..حرب “الثلاثين عاماً”.. عندما مَزقت أوروبا نفسها