محمد السيد
دائما ما نسمع في المحافل والمؤتمرات والبطولات الرياضية الكبرى أن الرياضة هي وسيلة للتقارب بين الشعوب وتوطيد العلاقات بينها، لكننا نغفل كثيرًا عن قوة تأثير السياسة على الرياضة بل والسيطرة عليها في كثير من الأحيان، وذلك لأن العلاقة بين السياسة والرياضة مثل أي علاقة بين طرفين حيث تميل إلى كل طرف منهم بين الحين والأخر.
تأثير السياسة على الرياضة حقيقة لاتقبل الشك
منذ زمن بعيد يصل إلى قرون كثيرة بدأت الرياضة بمفهومها المعاصر في الظهور بشكل تدريجي إلى أن وصلت إلى عالم الاحتراف الذي نعيشه الأن، ولطالما كانت العلاقة بين السياسة والرياضة يسودها الكثير من الحذر والترقب على الأصعدة الدولية خاصة في المنافسات الدولية الكبرى مثل الألعاب الأوليمبية وكأس العالم لكرة القدم، وذلك على سبيل المثال وليس الحصر، حيث شهد العالم أحداثًا خالدة في الأذهان أظهرت تلك العلاقة وذلك التأثير بشكل كبير.
الحرب العالمية الثانية تؤجل صافرة الحكم
اندلعت الحرب العالمية الثانية في الأول من سبتمبر عام 1939 بعد اجتياح ألمانيا الأراضي البولندية، وقبل ذلك التاريخ بعام واحد استطاعت إيطاليا الفوز بالنسخة الثالثة لبطولة كأس العالم التي أقيمت على الأراضي الفرنسية بعد أن فازت في المباراة النهائية على المجر، وكان من المقرر أن تقام النسخة التالية في عام 1942 لكن اندلاع الحرب قام بتأجيلها 12 عام حتى أقيمت أول نسخة بعد انتهاء الحرب في البرازيل عام 1950 في نسختها الرابعة.
ومن طرائف نهائي عام 1934 بين إيطاليا والمجر أن الزعيم التاريخي موسوليني قد هدد اللاعبين بالموت في حالة عدم تحقيقهم الفوز باللقب، ولكن الفوز على المجر بأربعة أهداف مقابل هدفين قد أنقذهم حقا من الإعدام، وربما كان هذا أيضا مشهدًا من مشاهد تأثير السياسة على الرياضة إذ أن ذلك التهديد بالموت كان حافزًا إضافيًا من أجل تحقيق اللقب.
حرب الكرة بين السياسة والرياضة
في عام 1969 اندلعت حرب مدتها أربعة أيام عرفت باسم حرب الكرة، وقد وقعت تلك الحرب بين السلفادور وهندوراس وهما دولتان في قارة أمريكا الجنوبية، على إثر تلك الحرب وقع أكثر من ثلاثة ألاف قتيل وتم تشريد مثلهم، وسميت بحرب الكرة نتيجة فوز السلفادور بالمباراة الحاسمة المؤهلة إلى كاس العالم عام 1970، ولكن في الحقيقة أن القضية كانت لها أبعاد سياسية قبل المباراة.
كان العديد من المزارعين في السلفادور يعانون الفقر نتيجة سيطرة الملاك على أراضيهم، مما دفعهم إلى الهجرة بشكل مستمر إلى هندوراس وهو ما أزعج المواطنين نتيجة انتشار البطالة وتضاؤل فرص العمل، وبالتلي بدأ المواطنون في هندوراس في المجاهرة بالغضب أمام المهاجرين السلفادوريين ووصل الأمر أحيانا إلى القتل والاغتصاب.
وجاء موعد تلك المباراة وسط تلك الأحداث حيث فازت هندوراس بالمباراة الأولى على أرضها لدرجة أنهم شنوا هجمات على الأحياء التي يقطنها المزارعون السلفادوريين، ومباراة العودة فازت فيها السلفادور على ملعبها وحدثت مناوشات بين الجماهير في المدرجات، وجاءت المباراة الفاصة في المكسيك وهي سبب اندلاع الحرب.
وفي الأيام التالية للمباراة تبادل الطرفان الاتهامات بشأن التعدي على جماهير الطرف الأخر، وتطورت تلك الاتهامات إلى مناوشات عسكرية انتهت إلى قرار السلفادور بالهجوم على هندوراس في 14 يوليو عام 1969 والاستعداد لغزوها، حيث استمرت الغارات الجوية والهجمات البرية اربعة أيام حتى استطاعت الجهود الدولية والوساطة الأمريكية إيقاف تلك الكارثة الدموية.
إقليم الباسك والحكم الذاتي
يقع إقليم الباسك في شمال إسبانيا وتتكون من 17 منطقة صغيرة تدخل ضمن الحكم الذاتي للإقليم الذي يتخذ من مدينة فيتوريا-غاستايز عاصمة له، حيث تبنت حركة إيتا الانفصالية قضية الإقليم والمطالبة باستقلاله منذ عام 1959 وذلك من خلال تمردات سياسية أحيانا وفي الأحيان الأخرى نزاعات مسلحة مما جعلها منظمة إرهابية في إسبانيا، كما تم حظرها كذلك من قبل السلطات في فرنسا وانجلترا وأميركا حيث تم وضع الأشخاص والأفراد البارزين فيها ضمن المطلوبين على قوائم السفر دوليا.
ذلك الإقليم يمارس أنشطته بشكل اعتيادي وحتى على الصعيد الرياضي، حيث يشارك في مسابقات الاتحاد الإسباني لكرة القدم بأربعة فرق هي أتليتيك بيلباو وريال سوسيداد وألافيس وإيبار، وهذه الأندية تشارك في مسابقات كرة القدم الخاصة بإتحاد كرة القدم التابع للمملكة الإسبانية، كما تشارك في البطولات الأوروبية الخاصة بالأندية تحت مظلة الاتحاد الإسباني.
وعلى الرغم من ذلك ترتدي تلك الفرق شارة القيادة وبها علم إقليم الباسك، ولا تضم إلى قائمة اللاعبين أي لاعب خارج نطاق الإقليم حيث يبذل الكشافون والمدربين مجهودًا ضخمًا لاستكشاف المزيد من المواهب من أجل القدرة على المنافسة في البطولات المحلية، ورغم كل هذا فإن اللاعبين الباسكيين يشاركون بصفة مستمرة مع المنتخبات الإسبانية في الأعمار السنية المختلفة.
ويرى البعض مؤخرًا أن تلك القضية تعتبر في فصلها الأخير خاصة أن حركة إيتا قد أنهت النزاع المسلح منذ أكتوبر عام 2011 في عهد رئيس الوزراء الإسباني خوان ثاباتيرو، كما أن استطلاعًا للرأي تم إجراؤه عام 2021 أظهر أن نسبة 41% من سكان الإقليم يرفضون الانفصال بينما 21% من السكان يؤيدون الانفصال والنسبة الباقية غير مهتمة بالقضية من الأساس نظرُا لانشغالهم ببعض الأزمات الداخلية مثل البطالة والصحة.
محمد علي كلاي وسياسة العنصرية
الملاكم الأشهر تاريخيًا والذي كانوا يلقبونه بالزنجي الأسود، ظهرت نبوءات تفوقه الرياضية وهو في سن الثانية عشرة من عمره، استطاع التغلب على أقوى الملاكمين في ذلك الوقت في مختلف البطولات في الوزن الثقيل، كان مثلًا عظيمًا للولايات المتحدة في تلك اللعبة، لكن كل ذلك قد تغير بعد لحظة واحدة.
في عام 1964 أعلن كاسيوس مارسيلوس كلاي – وهو الإسم الأصلي للملاكم العظيم – أنه قد اعتنق الإسلام، وأن إسمه أصبح محمد علي كلاي، وقد أثار هذا الخبر ضجة واسعة في الولايات المتحدة ليس على الصعيد الرياضي فقط بل على كل الأصعدة الأخرى لأن كلاي كان رمزًأ للكثيرين في العطاء والقوة والشجاعة خاصة للشباب والأطفال الذين اتخذوه قدوة لهم بعد النجاحات العظيمة التي حققها.
وفي عام 1966 تم استدعاء كلاي للانضمام إلى الجيش الأمريكي في الحرب ضد فيتنام، لكن كلاي كان يراها حربًا ليست من منطلق ديني سليم حسب تشريعات الدين الإسلامي، وبناء على ذلك رفض كلاي الانضمام للجيش، عندئذ ثارت حملة غاضبة ضده وتم سحب اللقب الذي حققه قبل عامين، بل وزادت المطالبات والنداءات بسحب الجنسية الأمريكية نظرًا لرفضه الخدمة العسكرية وبالتالي يعتبر في منزلة الخائن لوطنه.
استمر منع كلاي من المشاركات الرياضية حتى عام 1970 حين عاد مجددًا لممارسة الملاكمة في مباراة القرن ضد الملاكم جو فريزر، ومنذ ذلك الحين استمر كلاي في انتصاراته وواصل إنجازاته الرياضية التي أجبرت الجميع على احترامه ومساندته ضد حملات الإهانة والعنصرية، أما تأثير السياسة على الرياضة في حياة كلاي لم يكن سوى أربعة سنوات ابتعد فيها قسرًا عن المسابقات المحلية والدولية لكنه عاد بعدها أقوى من ذي قبل.
روسيا في مواجهة الاتحاد الأوروبي
روسيا هي أكبر دولة في العالم من حيث المساحة حيث تمتد عبر قارتي آسيا وأوروبا بمساحة تقدر بحوالي 17 مليون كيلومتر مربع، ومنذ زمن بعيد تحاول أن تكون هي أيضا القوة الأعظم على وجه الأرض وذلك دفعها لمواجهة الغرب والأمريكان في مواقف سياسية عديدة، ولكن الأمر تطور في شهر فبراير من عام 2022 عندما قررت روسيا الهجوم على أوكرانيا في حرب كانت بمثابة المفاجأة حتى بالنسبة للشعب الروسي نفسه.
هذه الحرب عزلت روسيا عن الغرب في شتى المجالات وبالطبع كان من أهمها المجال الرياضي، حيث تم إيقاف جميع المنتخبات والأندية الروسية ومنعها من المشاركة في شتى المسابقات على المستوى القاري أو الدولي، وقام المستثمرون الروس ببيع حصتهم في الأندية الأوروبية التي كانوا يمتلكونها أو يشاركون في ملكيتها، كل هذه القرارات جاءت نتيجة تأثير السياسة على الرياضة من خلال أحداث ومواقف عديدة على مدار مايزيد عن عامين.
وبالطبع هذه القرارت أثرت ماليًا على الأندية الروسية نظرًا لضياع عوائد المشاركة في المسابقات الأوروبية والأرباح القادمة من التذاكر والبث التلفزيوني وماشابه، وهو مادفع البعض إلى التفكير في الانضمام إلى الاتحاد الأسيوي، إلا أن الاتحاد الروسي رفض تلك الفكرة بالإجماع.
كل الأحداث والمواقف السابق ذكرها تؤكد العديد من البراهين أبرزها أن السياسة تستطيع بقوة أن تطغى على الجوانب الرياضية، وأن لعبة المصالح دائما تتغلب على العبارات الدبلوماسية.
My programmer is trying to persuade me to move to .net from PHP.
I have always disliked the idea because of the expenses. But he’s tryiong none the less.
I’ve been using WordPress on a number of websites for about
a year and am nervous about switching to another platform.
I have heard good things about blogengine.net.
Is there a way I can transfer all my wordpress content into
it? Any kind of help would be greatly appreciated!