فيروس ماربورغ، المعروف بكونه أحد الفيروسات الأكثر فتكًا، عاد إلى الساحة العالمية من جديد مع إعلان رواندا مؤخرًا عن انتشار التفشي الأخير. وفقًا للتقارير، تم الإبلاغ عن 36 حالة إصابة مؤكدة بالفيروس، منها 11 حالة وفاة، ويُعَدّ العاملون في القطاع الصحي الأكثر تضررًا، ما يعزز المخاوف بشأن إمكانية انتشار الفيروس بشكل أكبر، خاصةً في ظل التنقل المستمر بين الدول المجاورة لرواندا.
ما هو فيروس ماربورغ؟
فيروس ماربورغ ينتمي إلى عائلة الفيروسات الخيطية، وهي نفس الفئة التي تضم فيروس الإيبولا، وقد تم اكتشافه لأول مرة في عام 1967 في مختبرات بألمانيا ويوغوسلافيا آنذاك، بعد تفشي المرض بين العلماء الذين تعاملوا مع نُسَخ مُصابة من القرود المستوردة من أوغندا، وينتقل الفيروس بين البشر عبر سوائل الجسم مثل الدم، اللعاب، والعرق، ويُعتبر الاتصال المباشر أو غير المباشر مع هذه السوائل هو الطريقة الأساسية لانتقال الفيروس من شخص لآخر.
الأعراض الأولية للمرض تشمل الحمى الشديدة، الصداع الحاد، والضعف العام، ومع تقدم المرض، تظهر أعراض نزفية داخلية وخارجية تؤدي إلى الوفاة في غالبية الحالات، ووفقًا لتقديرات منظمة الصحة العالمية، تصل نسبة الوفيات إلى ما بين 24 بالمائة و88 بالمائة، وذلك اعتمادًا على سلالة الفيروس وسرعة تلقي العلاج.
الانتشار الحالي في رواندا
في سبتمبر 2024، أعلنت وزارة الصحة الرواندية عن اكتشاف أولى حالات الإصابة بفيروس ماربورغ في بعض المناطق الريفية، وتفشي الفيروس أثار القلق حول انتشار سريع، خاصة مع تسجيل حالات جديدة بين العاملين في الرعاية الصحية، مما يثير التساؤلات حول مستوى الإجراءات الوقائية في المستشفيات. ينتظر العالم الآن بفارغ الصبر نتائج الجهود المبذولة من قبل السلطات الرواندية لاحتواء التفشي ومنع انتقاله إلى مناطق جديدة، وعلى الرغم من التحذيرات الدولية، يبدو أن الفيروس ما زال يشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة في هذه المنطقة.
الجهود العالمية لمكافحة فيروس ماربورغ
في إطار مكافحة فيروس ماربورغ، تسعى المنظمات الصحية العالمية، مثل منظمة الصحة العالمية ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، لتوفير الدعم الفني واللوجستي لاحتواء التفشي الحالي، ويتم نشر فرق ميدانية متخصصة لتقديم الرعاية الصحية للمصابين، بالإضافة إلى تدريب العاملين في القطاع الصحي على كيفية التعامل مع الحالات المشتبه بها، ومن الناحية العلمية، هناك جهود حثيثة لتطوير لقاح فعال يمكنه الوقاية من الإصابة بهذا الفيروس القاتل.
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت مبادرة “اللقاح ضد الإيدز” أنها ستبدأ في إنتاج جرعات تجريبية من لقاح ماربورغ الذي يعتمد على نفس التقنية المستخدمة في لقاح الإيبولا، والذي أثبت فعاليته في مكافحة الفيروسات النزفية، ومع ذلك، يظل الخبراء حذرين، حيث يتوقعون أن تمر عدة سنوات قبل أن يكون هناك لقاح متاح للجمهور بشكل واسع، وخلال هذه الفترة، يتم استخدام تدابير الوقاية المعتمدة مثل عزل المرضى المشتبه بإصابتهم، والتعقيم الشديد، واستخدام الملابس الواقية للعاملين في القطاع الصحي.
التحديات الصحية والاقتصادية
التفشي الحالي في رواندا ليس مجرد أزمة صحية، بل هو أيضًا تحدي اقتصادي، ومع انتشار الذعر بين السكان، تأثرت قطاعات السياحة والزراعة بشكل كبير. تجنب الناس السفر إلى المناطق المتأثرة بالفيروس، مما أثر سلبًا على الاقتصاد المحلي. في الوقت نفسه، زادت الحاجة إلى استثمار الموارد في القطاع الصحي لمواجهة التفشي وتوفير الرعاية للمصابين، ويؤدي هذا إلى ضغط على النظام الصحي في رواندا، الذي يعاني بالفعل من نقص في الموارد الطبية والتجهيزات.
ما الذي يمكن فعله للوقاية؟
حتى الآن، الوقاية هي الخيار الأهم في مواجهة فيروس ماربورغ، وتنصح السلطات الصحية بضرورة تجنب التعامل مع الحيوانات التي قد تكون مصابة، خاصة الخفافيش التي تعتبر المضيف الطبيعي للفيروس، وكما يُنصح بتجنب الاختلاط المباشر مع المصابين واستخدام معدات الحماية الشخصية، ومن الضروري تعزيز الوعي العام حول طرق انتقال الفيروس وسبل الوقاية منه، خاصة في المجتمعات الريفية التي قد تكون أكثر عرضة للتفشي.
هل هناك أمل في المستقبل؟
على الرغم من المخاوف الحالية، هناك أمل في المستقبل، ومع التقدم العلمي السريع وتضافر الجهود الدولية، من الممكن أن يتم تطوير لقاحات فعالة وعلاجات جديدة للفيروس. في الوقت الحالي، يظل التركيز على الوقاية واحتواء الفيروس، ولكن مع مرور الوقت، قد نشهد تحسنًا في الاستجابة العالمية لمثل هذه الأوبئة.
وفيروس ماربورغ يمثل تحديًا عالميًا جديدًا في مجال الصحة العامة، مع تزايد الإصابات والوفيات، وجهود البحث العلمي مستمرة، ولكن التحديات لا تزال كبيرة. يحتاج العالم إلى التضامن والتعاون لمواجهة هذا الفيروس القاتل ومنع انتشاره إلى مناطق جديدة.
أقرأ أيضاً.. نتائج وزارة الدفاع السعودية للقبول الموحد.. فرص جديدة للوظائف العسكرية