محمد أحمد كيلاني
جين توبان (Jane Toppan) هي واحدة من أكثر القتلة المتسلسلين شهرة في التاريخ، فسجلها الإجرامي يتضمن 31 جريمة قتل، والغالبية العظمى من تلك العمليات تم عن طريق السُم، وقبل أن يتم حبسها في مستشفى الأمراض العقلية، قالت بأنها” لم تندم على أفعالها”.
طفولة جين توبان
لقد بدأت القصة الدرامية لجين توبان في عام 1863، وهو العام الذي أخذتها والدتها إلى مركز بوسطن للإناث، وهو دار للأيتام للفتيات المعوزات، وذلك بصحبة أختها إيليا جوزفين، وفي ذلك الوقت، كان يُطلق على توبان اسم هونورا كيلي، وقد ولدت توبان عام 1854 في مدينة بوسطن الأمريكية.
وعندما رأى مديرو المؤسسة الحالة الجسدية للفتيات، وافقوا عليهن بالإجماع، حيث كان من الواضح أنهن عشن في ظروف غير مواتية تمامًا.
وبعد مرور عام، اختار الزوجان أبنر، وآن توبان، الطفلة هونورا الصغيرة، وعلى الرغم من أنهم لم يتبنياها رسميًا، فقد غيرت هونورا اسمها رسميًا إلى جين توبان، وهو الاسم الذي ظل ملاصقًا لها لبقية حياتها.
لحظات صعبة
كان على جين التعامل مع أم حاضنة مسيئة لديها ابنة بيولوجية تدعى إليزابيث، وعلى الرغم من حقيقة أنها لم تعامل جين بشكل سيء أبدًا، إلا أنها شعرت بالغيرة والكراهية تجاه الفتاة، لأن المعاملة التي تلقاها كلاهما داخل الأسرة كانت معاكسة تمامًا.
ويقال إن أحد أكثر المشروبات مرارة في حياة توبان كان خيبة أمل عاطفية ميزت حياته، فقد كانت الشابة واقعة في حب شاب وقد خطبت له بالفعل، ومع ذلك، عندما ذهب للعمل في مدينة أخرى، وقع في حب ابنة صاحب العمل، التي تزوجها في النهاية.
وتسببت تلك “الضربة الشديدة” في أن تبدأ جين محاولة تدمير الذات، فقد حاولت الانتحار في مناسبتين، وأصبحت تمتلك سلوك فظ.
وبعد وفاة والدتها بالتبني، ذهبت جين للعمل لدى إليزابيث، وهي أختها غير الشقيقة، لكن العلاقة انتهت عندما تزوجت إليزابيث من شماس شاب يدعى “أوراميل إم بريجهام”.
جين توبان الممرضة
في عام 1885 حققت جين واحدًا من أعلى تطلعاتها، وهي الدخول إلى مجال التمريض، وقد فعلت ذلك في مستشفى كامبريدج، ولكن سرعان ما جعلتها شخصيتها الاجتماعية تواجه مشكلات مع زملائها ومشرفيها.
وكان يُنظر إلى توبان على أنها غريبة الأطوار، امرأة مهووسة بتشريح الجثث وكثيراً ما كانت تكذب بشأن ماضيها، وقد قادها هذا إلى أن تكون مرفوضة ومعزوله عن الأخرين، ومع ذلك، فقد تعاملت جيدًا مع المرضى الذين عرفوها باسم “جين جولي”.
وقد كانت نوايا جين جولي معهم تخبىء جانبًا شريرًا، فقد كانت تقصي معهم الكثير من الوقت، وكانت تعرف نتائج تغيير جرعات الأدوية التي يوصي بها الأطباء بالنسبة لهم، وخاصة الأتروبين.
ويُشتبه في أن هذا أدى إلى مقتل عشرات النساء والرجال، وبعد سنوات، وعندما تم القبض عليها، قالت توبان في الاستجوابات المختلفة أنها تعرضت لنوع من التحفيز الجنسي، فعندما يموت المرضى أو يتم تخديرهم بما يكفي حتى لا يشعروا بأي شيء، كانت الممرضة تصعد معهم إلى الفراش.
وفي عام 1889 ذهبت إلى مستشفى ماساتشوستس لفترة وجيزة، وبعد عام عادت إلى مستشفى كامبريدج، وفي كل من المكانين والفترتين، كان يُشتبه في أن جين تتعاطى الأفيون، مما أدى إلى وفاة العديد من المرضى، بسبب إهمالها بالطبع.
بداية مسار مستقل والجريمة الأولى
اتخذت جين توبان قرارًا بمتابعة مسيرتها المهنية في التمريض بشكل مستقل، ودخلت في خدمة العائلات المختلفة في جميع أنحاء نيو إنجلاند.
وفي تلك الفترة تم لم شمل توبان بإليزابيث، اختها غير الشقيقة، وفي أغسطس 1899، ولو كانت تعرف حظها، لتجنبت توبان، فقد توفيت اليزابيث مسمومة بسبب جين التي اعطتها جرعة زائدة من الإستركنين، وانتهزت جين الفرصة للاحتفاظ بساعة ذهبية وسلسلة تخص إليزابيث.
من تلك الجريمة، بدأت توبان حياتها المهنية كقاتله، وازداد عدد ضحاياها، ففي عام 1899 قتلت امرأة تدعى “ماريا ماكلير” وفي عام 1900 فعلت نفس الشيء مع صديقتها ميرا كونرز، وكلاهما عن طريق التسمم.
جرائم عائلة ديفيس
مما لا شك فيه أن الجرائم التي ارتكبتها توبان ضد عائلة ديفيس عام 1901 كانت الأشهر، فقد أودت بحياة كل من، ماتي ديفيس، وجينيفيف جوردون، وألدن ديفيس، وميني جيبس.
وقد أثارت تلك الوفيات شكوك الكابتن جيبس، وهو والد زوجة ميني، لذلك استأجر الرجل ليونارد وود، وهو خبير وعالم سموم شهير في ماساتشوستس، وبعد أن عَلمت، هرب توبان إلى لويل، وهو مسقط رأسها، حيث تم لم شملها مع صهرها، السيد أورمايل إم بريغهام.
وفي أواخر أغسطس 1901، قضى الطبيب الشرعي بأن الابنة الكبرى على الأقل لعائلة ديفيس قد توفيت بسبب تسمم بالمورفين والأتروبين، وتم وضع القضية في يد المحقق جون باترسون، الذي كرس نفسه لمتابعة توبان حتى جمع أدلة كافية ضدها.
سقوط جين توبان
تم القبض على جين توبان في 29 أكتوبر 1901 في بلدة أمهيست، بنيو هامبشاير، وفي الاستجوابات التي أجريت في سجن بارنستابل، اعترفت المرأة بارتكاب 31 جريمة قتل، ولكن أولئك الذين درسوا حياتها يعتقدون أن الرقم قد يصل إلى 100 حالة وفاة.
وفي 23 يونيو من عام 1902، اعتبرت المحكمة جين توبان مجنونة وقررت إرسالها إلى مصحة الأمراض العقلية في تاوتون بماساتشوستس، حيث قضت بقية حياتها حتى وفاتها في عام 1938، وخلال فترتها في تلك المصحة، تميزت جين بطابعها الهادئ وذلك على غير العادة.
أقرأ أيضاً..جوليا توفانا.. “المرأة الثعبان” التي تسببت في ذُعر رجال إيطاليا