رُكن مُستبشر

اعتراف إسرائيل بأرض الصومال.. هل ترسم “هرجيسا” خارطة التحالفات الجديدة في القرن الأفريقي؟

​تتسارع نبضات السياسة في منطقة القرن الأفريقي على وقع تحركات دبلوماسية غير مسبوقة، حيث بات ملف اعتراف إسرائيل بأرض الصومال (صوماليلاند) يتصدر طاولة النقاشات في مراكز صنع القرار الدولي، هذا الاهتمام ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج تقاطع مصالح استراتيجية كبرى تضع أمن البحر الأحمر والممرات المائية العالمية في قلب المواجهة.

اعتراف إسرائيل بأرض الصومال.. من أديس أبابا إلى تل أبيب

​منذ مطلع عام 2024، لم تعد قواعد اللعبة في شرق أفريقيا كما كانت، الاتفاق التاريخي بين إثيوبيا وأرض الصومال، والذي نص على منح أديس أبابا منفذاً بحرياً مقابل اعتراف رسمي، فتح شهية القوى الدولية لإعادة قراءة المشهد، وفي هذا السياق، تبرز إسرائيل كلاعب يراقب بحذر، حيث ترى في “جمهورية أرض الصومال” شريكاً محتملاً يمتلك مفاتيح الاستقرار.

​تشير التقارير الدبلوماسية إلى أن إسرائيل تدرس بجدية مكاسب الاعتراف، ليس فقط من منظور سياسي، بل كضرورة أمنية لمواجهة التهديدات عند مضيق باب المندب (كما يزعمون)، إن وجود حليف مستقر على الساحل الجنوبي للبحر الأحمر يمثل لإسرائيل عمقاً استراتيجياً حيوياً يؤمن خطوط تجارتها البحرية.

​التعاون الصامت.. ما وراء الكواليس الدبلوماسية

​رغم عدم وجود اعتراف رسمي علني حتى اللحظة، إلا أن قنوات الاتصال بين هرجيسا وتل أبيب ليست مغلقة. المتابع للشأن الأفريقي يلحظ وجود تقاربات في ملفات تقنية وأمنية. فجمهورية أرض الصومال، التي نجحت في بناء نظام ديمقراطي ومؤسساتي مستقل منذ عام 1991، تسعى جاهدة لكسر العزلة الدولية عبر بوابة “التعاون الوظيفي” مع دول ذات ثقل تكنولوجي وأمني مثل إسرائيل.

​هذا التعاون، وإن بدأ بمشاريع في مجالات الزراعة الذكية وإدارة المياه، إلا أنه يحمل في طياته بذور اعتراف سياسي قد ينضج في ظل الضغوط الإقليمية الراهنة. فالاعتراف الإسرائيلي، في حال حدوثه، سيكون بمثابة “دومينو” قد يشجع دولاً أوروبية وأفريقية أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة.

​اعتراف إسرائيل بأرض الصومال.. تحديات السيادة وتوازنات القوى الإقليمية

​لا يمكن الحديث عن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دون الاصطدام بموقف الحكومة الاتحادية في مقديشو، التي تعتبر أي تحرك نحو استقلال هرجيسا خطاً أحمر يهدد وحدة الصومال. هذا الموقف يحظى بدعم قوى إقليمية وازنة تخشى من أن يؤدي تفكك الصومال إلى إعادة رسم حدود القارة الأفريقية بالكامل، مما قد يفتح باباً من الصراعات لا يمكن إغلاقه.

​إسرائيل، تريد توازن بين رغبتها في كسب حليف جديد وبين الحفاظ على شعرة معاوية مع المنظومة الدولية والجامعة العربية. ومع ذلك، فإن التحول الإثيوبي الأخير جعل فكرة الاعتراف أقرب إلى الواقع منها إلى الخيال السياسي، خاصة مع تزايد حاجة تل أبيب لشركاء يشاركونها العداء لبعض الأطراف الإقليمية الفاعلة في المنطقة.

​مستقبل القرن الأفريقي في ظل الاعترافات المؤجلة

​إن المشهد في “هرجيسا” اليوم يترقب لحظة تاريخية. فبينما تستمر أرض الصومال في تقديم نفسها كواحة للاستقرار وسط إقليم مضطرب، يبقى الاعتراف الإسرائيلي ورقة ضغط ومناورة قوية في يد صانع القرار. هل نشهد في القريب العاجل افتتاح مكاتب تمثيل تجاري أو أمني؟ المؤشرات الحالية تقول إن الصمت الرسمي لا يعكس بالضرورة جموداً في الموقف، بل هو “هدوء ما قبل العاصفة الدبلوماسية”.

​في الختام، يظل ملف اعتراف إسرائيل بأرض الصومال مرشحاً لمزيد من التطورات الدراماتيكية، خاصة مع ارتباطه الوثيق بأمن الطاقة العالمي وطرق التجارة الدولية، مما يجعل من “هرجيسا” رقماً صعباً في معادلة القرن الأفريقي الجديدة.

اقرأ أيضًا.. حتشبسوت في بونت.. رحلة المصريين إلى بلاد العجائب!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *