محمد أحمد كيلاني
الأفعال البشرية لا تمر دون أن يلاحظها أحد على كوكبنا، ويبدو أن تأثيراتنا في كل مرة تكون أكثر دراماتيكية، فنحن لا نفشل في وضع حد للغازات المسببة للاحتباس الحراري والعواقب المتزايدة لارتفاع درجة حرارة الكوكب بسبب تغير المناخ فحسب، بل إننا ننفذ “إبادة بيولوجية” حقيقية، فالبشر هم محرك الانقراض الجماعي الجاري.
الانقراض الجماعي السادس
يعد الحمام الزاجل والنمر التسماني وبيجي (دلفين نهر اليانغتسى) من أكثر الضحايا المعروفين لما يسميه العديد من الخبراء بالانقراض الجماعي السادس الناجم عن الأنشطة البشرية التي تؤدي إلى اختفاء الأنواع الحيوانية بمعدل أسرع بمئات المرات من تكاثرها.
والانقراض الجماعي السادس من صنع الإنسان يقضي على فروع كاملة من شجرة الحياة بالطبع.
الوضع مقلق للغاية
بسبب أفعال البشر التي شوهت شجرة الحياة كما ذكرنا، هذا ما كشفته دراسة جديدة نشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of the National) (Academy of Sciences، إنه أمر فظيع كما يبدو وأسوأ بكثير مما توقعه الخبراء، فنحن لا نشهد انقراضًا سريعًا للأنواع فحسب، بل إن فروعًا كاملة من شجرة الحياة تختفي الآن.
وإذا عدنا إلى الأنواع المذكورة، مثل الحمام الزاجل، فإن كل نوع من هذه الأنواع كان هو الأخير في جنسه، وهو ما يمثل الاختفاء الكامل لفرع كامل من شجرة الحياة، كما أوضح باحثون من جامعة ستانفورد وجامعات أخرى حول العالم.
أقرأ أيضًا.. لماذا لا نشعر بحركة الأرض؟
وتذكر الأبحاث أن الانقراضات الجماعية خلال الـ 500 مليون سنة الماضية قضت بسرعة على فروع شجرة الحياة واحتاجت إلى ملايين السنين حتى يتمكن التطور من توليد بدائل وظيفية لجميع تلك الأنواع التي انقرضت.
وذلك على عكس الانقراضات الجماعية السابقة، كان سبب هذا الانقراض نوع واحد، وهو “الإنسان العاقل”.
الانقراض الجماعي.. بيانات الدراسة
قام الباحثون بفحص 5400 جنس من الفقاريات (باستثناء الأسماك) تضم 34600 نوع، وفي المجموعات التصنيفية الرئيسية المدروسة جيدًا، اختفت آلاف الأنواع وعدد لا يحصى من المجموعات السكانية.
ولقد تم تغيير معظم النظم البيئية من قبل الإنسان وانخفضت وفرة الحياة البرية الموجودة سابقًا بشكل كبير، وقد اختفت أجناس بأكملها، ولهذا السبب وصفها الخبراء “بإنه تشويه لشجرة الحياة”.
وعلى المدى الطويل، نحن نحدث تأثيرًا كبيرًا في تطور الحياة على هذا الكوكب، ولكن أيضًا، في هذا القرن، ما نفعله بشجرة الحياة سوف يسبب الكثير من المعاناة للبشرية، بسبب ما نخسره، وأوضح المؤلفون أن هذه الكائنات هي رفاقنا الأحياء الوحيدين المعروفين في الكون بأكمله.
كم عدد الأنواع التي انقرضت؟
يبدو أن الرقم مخيف، فهناك 73 جنسًا كاملاً من الكائنات انقرضت منذ عام 1500 ميلادي، وكانت الطيور هي الأكثر تأثرا بـ 44 جنسًا منقرضا، تليها الثدييات والبرمائيات والزواحف، أي أننا، في خمسة قرون فقط، أطلقنا العنان لموجة من الانقراضات، التي لو حدثت بشكل طبيعي، لاستغرقت حوالي 18 ألف سنة.
عواقب؟ وهذا الخلل يؤثر أيضاً على الإنسانية، فعلى سبيل المثال، أدى اختفاء الحمام الزاجل، الذي كان يتغذى على الفئران ذات الأقدام البيضاء، التي كانت الناقل الرئيسي لمرض لايم، إلى زيادة حالات المرض بين البشر، وقد يعني الانقراض الجماعي للأجناس انفجارًا متناسبًا للكوارث بالنسبة للبشرية.
يجب أن نقضي على الانقراض الجماعي
قال جيراردو سيبالوس، قائد الدراسة: “علينا كعلماء أن نكون حريصين على عدم إثارة المخاوف”، لكن الأمر خطير للغاية لدرجة أنه من الضروري التحدث بهذه المصطلحات، “سيكون من غير الأخلاقي عدم شرح حجم المشكلة، لأننا وعلماء آخرون نشعر بالقلق”.
ويمكن أن يؤدي فقدان الأنواع أيضًا إلى تفاقم أزمة المناخ المتفاقمة أصلًا، ويؤدي التغير المناخي إلى تسريع عملية الانقراض، ويتفاعل الانقراض مع المناخ، لأن طبيعة النباتات والحيوانات والميكروبات الموجودة على الكوكب هي أحد المحددات الكبرى لنوع المناخ الذي نعيشه”.
لقد حان الوقت لندرك أزمة المناخ ومسؤوليتنا عن كل ما يحدث للمنزل الوحيد الذي نعرفه.
أقرأ أيضًا.. مصدر المياه على الأرض.. كيف أتت إلى كوكبنا؟