محمد أحمد كيلاني
شعب الفانغ، هم مجموعة عرقية من أفريقيا، يتميزون عن من بقية شعوب منطقتهم بإعطاء قيمة كبيرة لعادات وتقاليد أسلافهم، وهم يستوطنون أجزاء من غينيا الاستوائية، وشمال الجابون، وجنوب الكاميرون، وفي هذا المقال، سنتعرف على المزيد من ثقافتهم وكل ما يتعلق ببيئتهم.
أصل شعب الفانغ
يفيد التاريخ المكتوب أن الفانغ أتوا مما يُعرف الآن بجنوب السودان، وقد غادروا لعدم رغبتهم في دخول الإسلام أو الاندماج في المجتمعات الإسلامية، وقد هاجروا إلى جنوب القارة السمراء، حتى وصلوا إلى الكونغو ونيجيريا، ويتفق علماء الأنثروبولوجيا على أنهم ينتمون إلى مجموعة البانتو العرقية، وقد اختلطوا بشدة مع السودانيين والإثيوبيين والكونغوليين.
اللغة
للفانغ لغتهم الخاصة، (FANG)، وهي لغة مشتركة بين جميع المجموعات أو الدوائر اللغوية التي تتكون منها والتي تنتمي إليها ثقافة البانتو، وبالتالي، فهي لغة ضمن العائلة الكبيرة للغات النيجر والكونغو.
وكل ثروة الفانغ الأدبية قد أتت إلينا متناقلة بتلك اللغة، ولا يوجد مؤلف يثير الشكوك حول لغة الفانغ،وذللك على الرغم من وجود إجماع بأنها تأثرت في عمليتها وتطورها بلغات أخرى خارج البانتو من الجماعات العرقية السودانية والإثيوبية.
خصائص شعب الفانغ وانتشارهم
لقد اشتُِهروا بشخصيتهم القوية ومحاربيهم الجيدين، فقد عرفوا كيفية احتلال وتخصيص المناطق التي أجبروا على الهجرة إليها، واستخدموا “اقتصاد الكفاف” القائم على الزراعة والصيد، وقد جاءوا للاستقرار في العديد من دول غرب أفريقيا.
ووفقًا للبيانات، ينتشر شعب فانغ في خمس دول، هي، غينيا الاستوائية حيث يمثل سكان الفانغ فيها ما يقارب 75 في المائة من إجمالي عدد السكان، ويتواجدون بنسبة 38 بالمائة في الكونغو، وبنسبة 33% في الجابون، والكاميرون بنسبة 23%، وساو تومي بنسبة 10%، وهو وضع يجعلنا نفكر في مدى ملاءمة ذلك، فيمكننا النظر إلى المجموعة العرقية لبلد ما ككيان حصري ومستقل بذاتة، ولهذا، يمكننا قول أن شعب الفانغ لديه كيان ثقافي أكثر من كونه بيولوجي.
لقد ذكرت الأنثروبولوجيا وعلم الأعراق البشرية أن الفانغ ليسوا من البانتو، على الرغم من أنهم أخذوا واستوعبوا لغاتهم من خلال الإختلاط التدريجي بين الثقافات، وتحافظ هذه المجموعات البشرية على علاقة اجتماعية كبيرة، مما سهّل علاقتهم الإنسانية واستيعاب اللغات الأخرى، وهذا الجانب الذي يمنحهم الوحدة كشعب مترابط جدًا.
التنظيم الاجتماعي عند شعب الفانغ
على المستوى الاجتماعي، تبرُز مكانة المُعالجين وتحظى بالاحترام والإعجاب لمعرفتهم جيدًا بطريقة استخدام جميع أنواع الأعشاب الطبية، بالإضافة إلى ذلك، يساعد هؤلاء المعالجون في تحقيق أهدافهم من خلال التعاويذ والشعوذة، ويصبح السحر تجارة مدفوعة الأجر لأنهم يعتقدون أنه بدون الأرواح ووسطائهم لا يوجد علاج لأمراض الإنسان أو لدرء الحظ السيئ الذي يرسله السحرة أو الأرواح الأخرى.
أيضًا المعلمين يتمتعون بمكانة كبيرة في المجتمع.
الزواج
يتم الزواج من خلال نظام المهر السائد، والذي بموجبه يجب على العريس دفع مبلغ معين لأسرة العروس، يزيد المبلغ المذكور إذا كانت ستساهم في أعمال منزل عائلة الزوج، لأنه من المفهوم أنها ستكون قوة عاملة في مساعدة الأسرة.
عندما يأتي مولود جديد، تقام الشعائر لحمايته من الأرواح الشريرة، في الوقت نفسه، تُعطى الأم عظمة أحد الأسلاف التي تحمي الطفل.
الفنون
يُعد الفن التقليدي جزءًا مهمًا من ثقافة مجتمع الفانغ، ومن أهم الفنون لديهم هي فن تشكيل الاخشاب، والتي يصنعون منها منحوتات وأعمالًا فريدة لا يتم فيها البحث عن الجمال فحسب، بل هناك شيء أكثر أهمية وهو الكمال الروحي، كما يزعمون.
والآن معظم الفنانين متأثرون بمتطلبات العالم المعولم الذي يتطلب قطعًا للأغراض التجارية فقط، ويقومون بصنع تماثيل لأشخاص عامة وغيرها.
الدين والمعتقدات
يعبد شعب فانغ الأرواح، وتتذكر الأسرة وتروي الإنجازات التي حققها الأجداد في الحياة وعن مصيرهم الجديد، وهم الذين استمروا في السيطرة على حياتهم ومراقبة رفاهية أحفادهم، ويتم تسهيل هذه العلاقة من خلال الحفاظ على الجماجم وعظام أسلافهم، وذلك لأنهم يظنون أن لدى أجدادهم القوة لتوفير الاستقرار في منزل الأسرة.
أولاً وقبل كل شيء يتم الاحتفاظ بعظام الأب والأم، يليهما الأعمام، ولهذا السبب، فإنهم يحرصون على الحفاظ بهذه البقايا في أماكن مخصصة ودائمًا ما تكون مُظلمة، ويتم الإهتمام بها دائمًا.
بشكل عام يعتبر التدين مهمًا لشعب الفانغ، مما يدفعهم إلى اعتبار الدين عنصرًا أساسيًا في حياتهم، فهو عبارة عن مجموعة من المعتقدات التي تسمح بتصور الحياة بما في ذلك جميع أنشطتها من أجل قضية روحية، حيث يعمل الأسلاف كوسطاء بين الأقارب والعالم الآخر، ويعتبر الفانغ أنه من سوء الحظ أن يموت شخص لم ينجب.
طقوس الجنازة
على غير العادة، فتعتبر الجنازة عند شعب الفانغ عبارة عن إحتفال، ويتم إجراءها بجوار منزل المتوفي، حيث تذهب العائلة بأكملها لتقديم التكريم الاخير له، ويتم استدعاء مجموعات من الموسيقيين المحليين، الذين يقومون بالغناء والرقص من بداية الليل حتى الفجر، وإلى جانبهم يرقص مهرج ويقوم بحركات بهلوانية.
أيضًا يتم سرد قصص الأبطال المحليين، والتي يتم سردها مصحوبة بموسيقى “غيتار فانغ”، ويرقص الجميع، ويتم أقامه هذا الحفل، ليكون المتوفي وسيط بين عالمين ويعطيهم السعادة والأمان والقوة.
في المجمل، بدأت هذه العادات الثقافية في الضياع، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تفكك أسر الفانغ مؤخرًا وأيضًا بسبب تأثير المعتقدات الأخرى التي تتهم هذه الممارسات، وتتهم شعب الفانغ بعبادة الأصنام.
أقرأ أيضاً.. مدينة ويتير.. شعب تحت سقف واحد