تاريخ

كتاب الموتى.. “الخروج إلى النهار”!

أماني محسن

لطالما إهتم المصريين القدماء بالحياة الأخرى (الحياة بعد الموت) ومثلت لغزًا كبيرًا في العصور المصرية القديمة، ولهذا قاموا بتأليف كتاب الخروج إلى النهار أو كتاب الموتى، وهو كتاب يساعد الميت خلال رحلته للحياة الأخري.

ما هي أهمية كتاب الموتى؟

كتاب الموتى عبارة عن مجموعة متجانسة من الترانيم والنصوص التي تساعد المتوفي على تخطي الاختبارات والمصاعب خلال رحلته للحياة الأخرى، وقد تم استخدام هذه النصوص منذ ما يقارب 1400 عام، وهو أول كتاب تاريخي جعل لكل إنسان الحق في التغلب على مصاعب رحلته للحياة الأخرى والوصول لمرحلة الخلود، حيث كان ذلك الحق مقتصر على الملوك فقط.

وغالبا كانت تُكتب هذه الترانيم والتعاويذ السحرية على ورق البردي أو يتم نقشها على جدران مقبرة المتوفي ولذلك أطلق عليه علماء الآثار اسم “كتاب الموتي” ولكن المصريون القدماء أطلقوا عليه “الخروج في ضوء النهار” (prt m hrw)

أسطورة إيزيس وأوزوريس

تقوم الشرعية الروحية والفلسفية لكتاب الموتى على أسطورة إيزيس وأوزوريس، وهي أسطورة استمر تأثيرها على وجدان المصريين ثلاثة آلاف عام، حيث أن أوزوريس الذي أصبح سيدًا للأبدية، تم قتله على يد أخوه ست وهو رمز الشر والظلم وقد مزقه لأشلاء وظلت حبيبته وزوجته إيزيس تجمع هذه الأشلاء لسنوات إلى أن تم بعثه من جديد، ومن ثم إتخذ المصريون تعاليمه عقيدة لهم، وتضم نصوص الكتاب تضرعات للآلهة وكذلك السيرة الذاتية للمتوفي والرسائل التي أرسلها إليه ذويه لكي لايشعر بالغربة والعزله.

يتكون الكتاب من 200 فصل، وبه وصف الأماكن التي تمر خلالها روح المتوفي، والمواقف والكلام الذي يتم قوله لحرس الأبواب، والتعاويذ التي تبطل شر أعداء النور، ويتخذ المتوفي إله كحامي له من خلال تلاوته وردا ليكتسب صفات هذا الإله.

وقد ظهرت فصول هذا الكتاب أو نصوصه من عصر الدولة الحديثة وحتى الأسرة السادسة والعشرين، وهي جزء مهم جدًا من الأدب الجنائزي، وقد كانت العقيدة المصرية القديمة تمزج بين ثلاث عوالم: البشري، الإلهي، والطبيعة، وكانت تلك العقيدة تري أن الموت هو عملية انتقال من عالم إلى عالم أخر. ولذلك اهمتوا كثيرًا بالإعداد لما بعد الموت ولذلك قاموا بتشييد المعابد الضخمة بجانب المقابر وقد حرصوا أيضًا على وضع الحُلي والطعام وكل ما يحبه المتوفي في مقبرته لاعتقادهم بالبعث والخلود.

أشهر فصول كتاب الموتى

أشهر فصول هذا الكتاب هو الفصل 125 والذي يتم فيه محاكمة المتوفي في العالم الأخر، حيث يتم عرضه على الإله أوزوريس ومعه 42 قاضيًا ومجموعه من الآلهة، ويتم وزن قلب المتوفي الذي تم تطهيره بالماء قبل دخوله ومقابله ريشة إله العدل “ماعت” لمحاسبته على أعماله، ويوجد تحت كفتي الميزان حيوان خرافي يتأهب لإلتهام قلب المتوفي إذا رجحت كفته مما يعني أنه محمل بالذنوب فجاء أثقل من الريشة.

بردية آني

من أشهر البرديات هي بردية آني التي تم تخطيتها عام 1250 ق.م، والتي قام بعملها نساخ مصري من طيبة يُدعي ” آني”، ويظهر بها الإله المصري ” أنوبيس” وهو يقوم بوزن قلب “آني”، وبها رسوم توضيحية للحدث والهيروغلافية المصرية أيضًا.

وقد تم إكتشافها في عام 1888 من قَبل مجموعة من المصريين، وقد حصل عليها واليس بدج وهو عالم مصريات ومستشرق إنجليزي، ومن ثم تم تهريبها إلى أمين المكتبة الرئيسي في المتحف البريطاني.

ترجمة كتاب الموتي

تم العثورعلى نسخ كثيرة لأوراق البردي بالإضافة للرسوم المنقوشة على جدران المقابر، وكان العالم ليسيوس الألماني هو أول من ترجم كتاب الموتى ونشر هذه الترجمة عام 1842.

وتم مؤخرًا إصدار ترجمة له بواسطة المترجم والباحث شريف الصيفي، وهي أول ترجمة لهذا الكتاب من اللغة المصرية القديمة للعربية،

وقد إقترح المترجم شريف الصيفي أن يتم إصدار الكتاب بالسم الأصلى ” الخروج في النهار”.

أقرأ أيضاً.. حتشبسوت في بونت.. رحلة المصريين إلى بلاد العجائب!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *