
في زمن تتصاعد فيه النزعات الانعزالية وتتسع الفجوات الثقافية، يظهر معرض أبوظبي للكتاب كمنارة للتواصل الحضاري، حيث تتحول صفحات الكتب إلى جسور تعبر فوق كل الحدود. هذا الحدث الثقافي الكبير لم يعد مجرد مكان لبيع الكتب، بل أصبح فضاءً للحوار والتفاهم بين الشرق والغرب.
معرض أبوظبي للكتاب.. البدايات والتأسيس
يعود تاريخ المعرض إلى عام 1996 عندما أطلقت الإمارات هذه المبادرة الثقافية الطموحة. جاء التأسيس تتويجًا لرؤية استشرافية تهدف إلى جعل أبوظبي عاصمة للثقافة والمعرفة. ومنذ ذلك الحين، يشهد المعرض تطورًا مضطرداً في حجم المشاركة والزوار، حيث تجاوز عدد زوار الدورة الأخيرة المليون زائر.
عالم من الثقافات تحت سقف واحد
ما يميز معرض أبوظبي للكتاب هو قدرته الفريدة على جمع ثقافات العالم بين دفتيه. فبين أروقته تجد أحدث إصدارات الأدب الغربي بجوار الكلاسيكيات العربية، وتشاهد شعراء من اليابان يناقشون أفكارهم مع روائيين من أمريكا اللاتينية. هذا التنوع الثقافي المذهل يجعل من الزيارة تجربة معرفية شاملة.
الترجمة جسر الحضارات
يولي المعرض اهتمامًا خاصًا بمشاريع الترجمة، إذ تقدم دور النشر المشاركة أحدث الأعمال المترجمة من وإلى العربية، وهذه الجهود تسهم في كسر الحواجز اللغوية وتتيح للقارئ العربي الاطلاع على كنوز الأدب العالمي، بينما تفتح نافذة للعالم لمعرفة الفكر العربي والإسلامي.
معرض أبوظبي للكتاب.. فعاليات ثقافية حية
لا يقتصر المعرض على عرض الكتب، بل يشهد تنظيم العشرات من الفعاليات الثقافية المصاحبة. من أبرز هذه الأنشطة الندوات الفكرية التي تجمع مثقفين من مختلف التيارات، وورش العمل الإبداعية، وجلسات توقيع الكتب، وعروض الأداء الفني المستوحاة من الأعمال الأدبية.
أثر اقتصادي واجتماعي
يترك المعرض آثاراً إيجابية تتجاوز الجانب الثقافي إلى المجالين الاقتصادي والاجتماعي. فهو يسهم في تنشيط سوق النشر العربي، ويدعم المؤلفين والناشرين، ويعزز السياحة الثقافية في الإمارات. كما يلعب دوراً في تعزيز قيم التسامح والانفتاح في المجتمع.
رؤية مستقبلية
يتطلع المعرض إلى توسيع آفاقه في السنوات المقبلة، حيث تخطط إدارته لإطلاق مبادرات جديدة تواكب التحول الرقمي في عالم النشر، مع الحفاظ على الجوهر الثقافي الذي يميز هذا الحدث. وتأتي هذه الخطط في إطار رؤية الإمارات لتعزيز مكانتها كمركز إشعاع ثقافي عالمي.
مع كل دورة جديدة، يثبت معرض أبوظبي للكتاب أن الكلمات لديها القدرة على تغيير العالم. فهو ليس مجرد معرض للكتب، بل مشروع حضاري يعيد تعريف دور الثقافة في بناء جسور التفاهم بين الشعوب. وفي وقت تتصاعد فيه النزعات الانعزالية، يظل هذا المعرض شاهدًا على أن الحوار الثقافي هو الطريق الأفضل لبناء مستقبل مشترك للإنسانية.
اقرأ أيضًا.. مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل.. رحلة تراثية لا مثيل لها تحت شعار “عز لأهلها “