رُكن مقالات مُستبشر

“الذكاء الاصطناعي” في الصناعة الإعلامية.. الإبداع البشري لا يُمكن استبداله

سارة إيهاب

رغم إيماني التام والكامل بما يحمله الذكاء الاصطناعي من إمكانيات عديدة، وبما يتميز به من سرعة في أداء المهام، والذي قد يفوق سرعة الإنسان البشري أحيانًا، إلا أنني لا أؤمن أبدًا بأن وجوده في أي مجال ينجح بغياب العنصر البشري.

أهمية العنصر البشري في مواجهة الذكاء الاصطناعي

بل إن فعاليته واستغلاله بشكل أمثل يكمن في إشراف العنصر البشري عليه، إذ لا شيء يوازي الشعور الداخلي للإنسان ولا عمق المشاعر التي يحملها واستطاعته التأثير في الآخرين وفي مشاعرهم، وهذا هو الشيء الذي مهما تقدمت كل الآلات والتقنيات لا تستطيع فعله، لأن المشاعر والأحاسيس وقوتها باختلاف درجاتها في شخص وآخر هي أكثر ما يميز الإنسان عن غيره من الجماد، فداخل الإنسان وما يشعر به وجوهره الحقيقي لا يتم تعويضه بأي آلة مهما تقدمت وتطورت.

دور الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الإعلامية

نحن اليوم في مجال الإعلام، والذي كغيره من المجالات لم يتخلَ عن استخدام الذكاء الاصطناعي في منظماته وفي المؤسسات الإعلامية، ويستخدمه الإعلاميون والصحفيون في تحليل البيانات بكميات كبيرة بسرعةٍ وبدقةٍ، كما أن بعض وكالات الأنباء العالمية مثل “رويترز” تستخدمه لإنتاج التقارير الإخبارية القصيرة في مجالي الرياضة والاقتصاد.

اقرأ أيضًا.. من اخترع الذكاء الاصطناعي؟

تحسين الإنتاجية وتحديات الإشراف البشري

كما أن الذكاء الاصطناعي يمكن الاعتماد عليه داخل المؤسسات الإعلامية في تعديل النصوص الإخبارية أو ضبطها من حيث علامات الترقيم والتشكيل، كما يمكنه تعديل الفيديوهات والصور وإنتاج الصور أحيانًا أو تحسين الجودة، وذلك كله يصب في تسريع عملية الإنتاج داخل المؤسسة الإعلامية، ولكن كل ذلك لضمان الدقة يلزم وجود إشراف بشري وعدم الاعتماد عليه بشكل أعمى، بل يلزم مراجعة الأشياء الصادرة عنه باستمرار؛ لأنها من إنتاج آلة وارد جدًا أن تخطئ، كما يمكنه التنبؤ بالاتجاهات السياسية أو الكوارث الطبيعية من خلال المعلومات المعطاة، مما يسمح للصحفيين بالتحضير المسبق لتغطيةٍ أفضل.

التزييف العميق.. خطر يهدد الإعلام و«الرأي العام»

من أهم ما أتى به الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الإعلامية هو كشفه عن المحتوى المزيف، ولكنه بشكل آخر يساعد في إنتاج ذلك المحتوى (Deepfakes أو التزييف العميق)، ويساهم في الكشف عن الأخبار الزائفة والتأكد من صحة الأخبار التي تُنشر.

تحديات التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف

ولعل الإشارة إلى المحتوى المزيف (Deepfakes) تجعلنا نؤكد بأنه من أخطر وأكبر التحديات التي تواجه الرأي العام والصحافة والمؤسسات الإعلامية، لأنه ينشر الأخبار الكاذبة، ويتمثل في جعل الأشخاص يقولون أو يفعلون أشياءً لم تحدث في الواقع، وبهدف التأثير على الرأي العام والجمهور، مثل الفيديو الذي ظهر فيه الرئيس الأوكراني وهو يدعو جيشه للاستسلام وترك السلاح، والذي تم إنتاجه بهذه الطريقة، وقد لاقى رواجًا كبيرًا في ذلك الوقت وأثار نفورًا عامًا في الرأي العام.

مخاوف فقدان الوظائف الصحفية بسبب الذكاء الاصطناعي

تقنيات التزييف العميق تزداد تطورًا بشكل يجعلها تشكل صعوبة في التمييز بين المحتوى الحقيقي والمزيف. هناك مخاوف من فقدان الأماكن الوظيفية للصحفيين واستبدالها بعمل الذكاء الاصطناعي، كالتقارير البسيطة والتحليل الأولي للبيانات، وهذا يقلص الفرص أمام الصحفيين، خصوصًا المبتدئين.

الإبداع البشري.. ميزة لا يمكن للآلة استبدالها

كما أشرنا سابقًا إلى أن افتقار العمق والعاطفة والقدرة على التحليل من أكثر ما يعيب تلك الآلة، وهو الذي في الوقت ذاته أكثر ما يميز العنصر البشري، لأن الصحفي يتميز بشكل فريد بالاستشعار والمشاعر وهو يكتب الخبر، ودائمًا صوت الصحفي في الميدان وأداؤه النابع من داخله هو أكثر ما يميزه حتى عن غيره من البشر، وأحيانًا نبرة الصوت نفسها تنقل لنا الكثير، فالذكاء الاصطناعي بالرغم من كفاءته لا يمتلك القدرة على التعبير والإبداع بنفس مستوى الصحفي.

تحيز الخوارزميات وتأثيره على المصداقية

كما يمثل التحيز أكبر التحديات، لأن بعض الخوارزميات تقدم معلومات غير موثوقة وذات توجهات معينة، لأن الذكاء الاصطناعي يعتمد على المعلومات التي تمت تغذيته بها، وهذا إن حدث يضر بمصداقية المؤسسة الإعلامية.

التحدي الأخلاقي في استخدام الذكاء الاصطناعي

يجب على الصحفيين مواكبة التطور التكنولوجي ومعرفة الأدوات الجديدة التي تسهل عليهم العمل الصحفي، وليس أن تصبح هذه الأدوات أدوات لإقصاء الصحفيين عن وظائفهم، فكما وصفه البعض «آلة لا يمكن أن تتجاوز صانعها».

والتحدي الأكبر الذي يواجهنا هو كيفية استخدامه بطريقة مسؤولة وأخلاقية، مع المحافظة على القيم الإنسانية التي تميز الجنس البشري، والذي نقصده هو توظيف الإبداع البشري بمساعدة تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج محتوى إعلامي دقيق وعميق.

اقرأ أيضًا.. الذكاء الاصطناعي يخطِف وظائف البشر.. تعرف على أبرزها

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *