شهدت مدينة جدة صباح يوم 29 سبتمبر 2024 حادثة مفجعة عندما اندلع حريق هائل في سوق جدة الدولي، الذي يُعدّ واحدًا من أقدم الأسواق التجارية في المدينة، وهذا السوق، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من خمسين عامًا، لم يكن مجرد مكان للتجارة، بل كان رمزًا للحياة اليومية والثقافية في جدة، وقد حمل بين جوانبه ذكريات أجيال عديدة من سكان المدينة، والحريق الذي اشتعل في الساعات الأولى من الصباح، انتشر بسرعة كبيرة وألحق أضرارًا جسيمة بالعديد من المحلات داخل السوق، حيث تجاوز عدد المتضررين 200 محل.
استجابة سريعة من فرق الدفاع المدني
ما إن بدأت النيران في الانتشار، حتى هرعت فرق الدفاع المدني إلى موقع الحادث لمحاولة السيطرة على الوضع، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلتها تلك الفرق، إلا أن الحريق ألحق أضرارًا بالغة بالسوق، بما في ذلك انهيار أجزاء كبيرة من واجهته، ومقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت لحظات الحريق وانتشار الدخان، وسط حزن وتعاطف واسع من سكان جدة الذين تربطهم ذكريات عديدة بهذا السوق.
رمزية سوق جدة الدولي سوق جدة الدولي
لم يكن فقط مركزًا تجاريًا فحسب، بل كان نقطة تجمع ثقافي واجتماعي لسكان المدينة والزوار من خارجها، والسوق كان يتميز بتصميمه المعماري الكلاسيكي الفريد من الخارج، والذي كان يعكس طراز العمارة التقليدية، بينما كانت ديكوراته الداخلية تضفي لمسة من الفخامة والأناقة، حيث تنتشر شلالات مائية ونوافير تضفي جمالية فريدة على أجواء السوق، والكثير من الزوار يتذكرون تلك الأجواء الفاخرة التي كان يوفرها السوق، حيث كان مقصدًا للتسوق والتمتع بتجربة غير تقليدية في آن واحد.
بالإضافة إلى ذلك، كان السوق يحتوي على تشكيلة واسعة من المحلات التي تقدم أشهر الماركات العالمية والمحلية، بدءًا من الملابس والأحذية إلى المجوهرات والإلكترونيات، وهذا ما جعل السوق وجهة مفضلة للعائلات والأفراد الباحثين عن تجربة تسوق تجمع بين الأصالة والحداثة، ولم يكن السوق فقط مكانًا لشراء الحاجيات، بل كان أيضًا وجهة للتنزه والترفيه، حيث يحتفظ كثيرون بذكريات لا تُنسى من زياراتهم له.
التحديات الحالية والمستقبلية للسوق
تعد حادثة الحريق تحديًا كبيرًا لسوق جدة الدولي، إذ تتطلب إعادة بناء وترميم شامل للحفاظ على رمزية هذا المكان التاريخي، ومن المتوقع أن يكون هناك بحث شامل لمعرفة الأسباب وراء الحريق واتخاذ التدابير اللازمة لتجنب تكرار مثل هذه الحوادث، وفي الوقت نفسه، يعكف التجار المتضررون على تقييم الخسائر المادية التي تعرضوا لها، والتي من المتوقع أن تكون كبيرة بالنظر إلى حجم الحريق والأضرار التي لحقت بالمباني والمحلات.
وعلى الرغم من هذه الخسائر، ما زال هناك أمل في إعادة بناء السوق وإعادته إلى مجده السابق. قد يكون الحريق فرصة لتجديد السوق وتحديثه بما يتناسب مع متطلبات العصر الحديث، مع الحفاظ على الطابع التاريخي والمعماري الذي ميزه لعقود، وقد يكون هناك دعم من الجهات المعنية في الحكومة لإعادة إحياء السوق، كونه يمثل جزءًا من تراث المدينة وتجربتها الثقافية.
دور السوق في اقتصاد جدة
لا يمكن إغفال الدور الاقتصادي المهم الذي لعبه سوق جدة الدولي على مدى العقود الماضية، فقد كان واحدًا من أبرز مراكز التجارة في جدة، وجذب الآلاف من الزوار سنويًا، سواء من داخل المملكة أو من خارجها، والمحلات التجارية في السوق كانت تمثل جزءًا كبيرًا من الحركة التجارية في المدينة، حيث كانت تعرض مجموعة واسعة من السلع التي تلبي احتياجات مختلف شرائح المجتمع.
كما أن السوق كان يشكل جزءًا من القطاع السياحي في المدينة، حيث كان يمثل محطة مهمة للسياح القادمين لاستكشاف تاريخ المدينة وتجربتها الثقافية. ومع تطور قطاع السياحة في المملكة في السنوات الأخيرة، كان من المتوقع أن يلعب السوق دورًا أكبر في جذب الزوار، خاصة مع التركيز المتزايد على تطوير المرافق السياحية والتجارية في جدة.
التأثير على المجتمع المحلي
لم يكن سوق جدة الدولي مجرد مركز تجاري، بل كان يمثل جزءًا من هوية المدينة وسكانها. العديد من الأجيال نشأت وتربت وهي تزور هذا السوق، ويحتفظ الكثيرون بذكريات عن تجاربهم في التسوق والترفيه فيه. هذه الذكريات تجعل من السوق جزءًا لا يتجزأ من نسيج الحياة اليومية لسكان جدة، وهو ما يفسر الحزن الكبير الذي عم المدينة عقب نبأ الحريق.
بينما يستمر التحقيق في أسباب الحريق، تأمل العديد من العائلات والتجار أن تتم إعادة بناء السوق وإعادة إحيائه بأسرع وقت ممكن، ولا شك أن سوق جدة الدولي يحمل أهمية خاصة في قلوب سكان المدينة، وسيظل جزءًا من تراثها وتاريخها مهما كانت التحديات التي يواجهها.
أقرأ أيضاً.. نتائج وزارة الدفاع السعودية للقبول الموحد.. فرص جديدة للوظائف العسكرية