
أطلقت الهيئة الملكية لمدينة الرياض مبادرة جديدة تحت اسم «منصة التوازن العقاري»، وهي خطوة تهدف إلى إعادة تنظيم السوق العقاري في العاصمة، وتوفير فرص حقيقية للمواطنين لتملك أراضٍ سكنية بأسعار مناسبة وآلية إلكترونية شفافة، تضمن العدالة وتحد من المضاربات العقارية، في إطار تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 لرفع نسبة التملك السكني بين المواطنين.
منصة التوازن العقاري جاءت لتحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العقاري، من خلال طرح أراضٍ مخططة ومطورة بشكل مسبق، مع تحديد سقف سعري للمتر الواحد لا يتجاوز 1500 ريال، وهو ما يجعلها خياراً واقعياً لفئة الشباب والمقبلين على الزواج الباحثين عن مسكن مناسب داخل مدينة الرياض، في ظل ارتفاع الأسعار في السوق الحرة.
المنصة تعتمد نظاماً إلكترونياً متكاملاً يتيح للمواطنين التقديم واختيار الأراضي عبر موقع رسمي مخصص، دون الحاجة لمراجعة المكاتب أو التعامل مع وسطاء، مما يعزز من الشفافية ويقلل من احتمالية التلاعب أو بيع الوهم للمواطنين، حيث تتم عمليات التسجيل والمراجعة والقرعة بشكل رقمي بالكامل.
أهداف منصة التوازن العقاري تتجاوز فكرة بيع الأراضي، فهي مبادرة اقتصادية وتنظيمية في الوقت ذاته، إذ تهدف إلى كبح ارتفاع الأسعار غير المبررة، وتنظيم تداول الأراضي بما يخدم الاستقرار العمراني والسكاني للعاصمة، مع ضمان أن تصل الأراضي فعلياً للمواطنين الراغبين في البناء والسكن وليس للمضاربة التجارية.
أما عن الشروط التي وضعتها الهيئة للاستفادة من المنصة، فقد تم تحديدها لضمان أن تصل الأراضي إلى المستحقين الحقيقيين، ومن أبرزها أن يكون المتقدم سعودي الجنسية، ومتزوجاً أو تجاوز عمره 25 عاماً، وأن يكون مقيماً في الرياض لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وألا يملك أي عقار أو قطعة أرض سابقة في المملكة، كما يشترط الالتزام بعدم بيع أو تأجير الأرض لمدة عشر سنوات من تاريخ التملك، مع السماح برهنها فقط لغرض تمويل البناء.
المنصة تستهدف خلال السنوات الخمس المقبلة طرح ما بين عشرة آلاف وأربعين ألف قطعة أرض سنوياً، ما يعكس حجم التوجه الحكومي نحو تعزيز فرص التملك بشكل مستدام ومدروس، حيث يتم توزيع الأراضي في أحياء محددة بعناية، تتوافر فيها الخدمات والبنية التحتية الأساسية، لتكون صالحة للبناء الفوري دون الحاجة لانتظار تطوير لاحق.
آلية التقديم عبر المنصة بسيطة ومباشرة، إذ يبدأ المواطن بالدخول إلى المنصة الإلكترونية، ثم تسجيل الدخول عبر النفاذ الوطني، وتعبئة نموذج التقديم بالمعلومات المطلوبة، وبعد انتهاء فترة التقديم، يتم فرز الطلبات إلكترونياً، ثم إجراء قرعة علنية رقمية لاختيار المستحقين، وتعلن النتائج عبر المنصة نفسها، مع إمكانية الاعتراض خلال فترة محددة.
من أبرز مميزات المنصة أنها تقدم نموذجاً جديداً للحوكمة العقارية الرقمية، وتمنح المواطنين شعوراً بالثقة في العملية، إذ أن اختيار المستفيد يتم بناءً على الأهلية الفعلية، وليس وفق التقديم المبكر أو الوساطات، كما أن أسعار الأراضي محددة مسبقاً وبشكل معلن، مما يمنح الشفافية الكاملة لكل الأطراف.
لكن رغم هذه المزايا، تبقى هناك بعض التحديات التي يجب الانتباه إليها، منها أن الطلب على الأراضي في الرياض كبير جداً مقارنة بالعدد المطروح سنوياً، ما يجعل المنافسة قوية، كما أن شرط البناء خلال عشر سنوات يتطلب من المالك أن يكون مستعداً فعلياً للبناء أو التخطيط لذلك، وإلا قد يفقد حقه في الأرض، إضافة إلى أن فترة المنع من البيع تجعل المشروع خياراً طويل الأمد يحتاج إلى دراسة مسبقة قبل الإقدام عليه.
من النصائح المهمة للراغبين في التسجيل في منصة التوازن العقاري، ضرورة التأكد من استيفاء الشروط كافة قبل التقديم، وتجهيز المستندات الرسمية المطلوبة، ومتابعة المواعيد عبر القنوات الرسمية للهيئة الملكية، كما يُنصح بالتخطيط المسبق للبناء وعدم ترك الأرض دون استغلال لفترات طويلة، لأن المبادرة مصممة لتشجيع الاستقرار السكني وليس تجميد الأراضي.
في المجمل، تمثل منصة التوازن العقاري نموذجاً متقدماً في إدارة الأراضي السكنية وتوزيعها بعدالة، وهي واحدة من أهم مبادرات التحول العمراني في الرياض، لما تحققه من أهداف اقتصادية واجتماعية في آن واحد، إذ تتيح تملك الأراضي بأسعار عادلة، وتدعم الاستقرار الأسري، وتخلق توازناً في السوق العقاري يضمن استدامة التنمية على المدى الطويل، لتصبح الرياض مدينة أكثر توازناً وازدهاراً بمشاركة مواطنيها.
اقرأ ايضًا.. الجدول الدراسي 1447 في السعودية.. كل المواعيد والتفاصيل الجديدة




