
في مشهد نادر ومليء بالرمزية، نشر الأمير الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود عبر صفحته على منصة إكس (تويتر سابقًا) مقطع فيديو يظهره وهو يقود دراجته الهوائية في شوارع الرياض، مسترجعًا ذكرياته من أمام منزله الأول الذي وُلد فيه، مرورًا بمكتبه الأول، ثم شارع والده الأمير طلال بن عبد العزيز، في لفتة وجدانية لاقت تفاعلاً واسعًا بين رواد التواصل الاجتماعي. اكتفى الأمير في تعليقه على المقطع برمز العلم السعودي، دون كلمات، وكأن صمت الصورة أبلغ من أي تصريح.
الوليد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود
رغم أنه لا يشغل أي منصب رسمي في الدولة، فإن الأمير الوليد بن طلال يُعدّ من أكثر السعوديين تأثيرًا، اقتصاديًا وإعلاميًا، بل إن البعض يعتبره “الوزير غير المعلن للاستثمار الخاص”، نظرًا لضخامة استثماراته واتساع محفظته المالية حول العالم. حفيد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، ورجل الأعمال الذي لا يزال يحتفظ بلقب “أغنى رجل في السعودية”، بثروة تُقدّر حاليًا بنحو 17 مليار دولار وفقًا لتقرير فوربس لعام 2025.
منذ بداية أعماله عام 1979، عندما استثمر في سوق العقارات السعودي ومشاريع البناء، استطاع الوليد أن يُعيد تشكيل قواعد اللعبة المالية في الخليج. بعد دخوله مجال المصارف، وتحديدًا حين أصبح أحد أكبر المساهمين في مجموعة “سيتي بنك” عام 1991، خطف أنظار وول ستريت التي لم تكن ترى في الشرق الأوسط وقتها سوى مصدرًا للنفط، لا للاستثمار الذكي، وبعد الأزمة المالية العالمية التي عصفت بكبرى البنوك، قام الأمير بزيادة حصته في “سيتي غروب”، مما أعاد الثقة إلى السوق وساهم بإنقاذ المجموعة من الانهيار.
اليوم، يعود الأمير مجددًا إلى الواجهة، ليس فقط بمقطع فيديو إنساني، بل أيضًا بتصدره قائمة أثرياء العرب بثروة تبلغ 17 مليار دولار، نصفها تقريبًا يأتي من استثماراته في شركة “المملكة القابضة” المدرجة في السوق السعودية. هذه الشركة، التي أسسها بنفسه، تستثمر في كبرى الفنادق العالمية مثل “فور سيزونز” و”فندق جورج الخامس” في باريس، وتمتلك أيضًا 10% من منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بالشراكة مع رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك.
في حوار نادر مع «Forbes Middle East»، تحدث الوليد بن طلال عن رؤيته المستقبلية للتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في السعودية، مؤكدًا أن ما يحدث اليوم في المملكة هو بمثابة “ثورة اقتصادية غير مسبوقة”، مشيرًا إلى أن ما يهمه أكثر من المال هو الإرث الحقيقي الذي يتركه الإنسان بعده، وهو القيم والتأثير الإيجابي في مجتمعه.
ما يميز الوليد بن طلال ليس فقط قوته المالية، بل شخصيته الفريدة التي تجمع بين هدوء المظهر وجرأة القرار. هو رجل لا يهوى الضجيج الإعلامي، لكنه يضرب حيث لا يتوقع الآخرون، ويصنع أثرًا يتردد صداه في الأسواق العالمية قبل المحلية. لياقته البدنية وركوبه الدراجة بسن السبعين لم تكن مجرد لفتة رياضية، بل رمزًا لقوة العقل والجسد والإرادة معًا.
أما تواجده في قائمة فوربس لعام 2025 كأغنى سعودي، فهو تأكيد على أن الاستمرارية في عالم المال ليست بالحظ، بل بالتخطيط والرؤية العميقة. فقد حافظ على ثروته، ووسّع من نفوذه في أوقات كانت الأسواق العالمية تشهد هزّات وتقلبات، ونجح في الحفاظ على شركته في صدارة استثمارات الفنادق والتقنية عالميًا.
وفي ظل اهتمام السعوديين بالشخصيات المؤثرة في نهضة المملكة، يظل الأمير الوليد بن طلال نموذجًا للإلهام، حيث يدمج بين الوفاء للتاريخ والرؤية المستقبلية، وبين الحضور الإنساني والقدرة الاقتصادية. مشهد قيادته لدراجته أمام بيته القديم لم يكن مجرد استعراضًا عابرًا، بل تذكيرًا بأن كل إنجاز عظيم يبدأ من نقطة بسيطة، وذكريات لا تموت.
اقرأ أيضًا.. “الأمير النائم”.. قصة الوليد بن خالد بن طلال تلهم الملايين بعد 20 عامًا من الغيبوبة