
محمد أحمد كيلاني
تشي جيفارا أحد أبرز الشخصيات في التاريخ المُعاصر، فبمجرد رؤيتك لصورته ستبدو مألوفة إليك، الثوري الذي ولد في الأرجنتين، وعمل كطبيب، وكان معروفاً بروحه الثورية، فشارك في الثورة الكوبية، التي هزمت نظام فولجينسيو باتيستا في عام 1959، وشارك أيضاً في بؤر ثورية في الكونغو وبوليفيا.
والإضافة لكونه شخصاً ذو طبيعة ثورية، فقد
كان أيضاً مهتماً بالقراءة، وكان يهتم بقراءة مؤلفات “الماركسية اللينينية “.
سنوات تشي جيفارا الأولى
ولد إرنستو جيفارا دي لا سيرنا في 14 يونيو 1928 في روزاريو بالأرجنتين، وكان ابن إرنستو جيفارا لينش وسيليا دي لا سيرنا، وكانت عائلته مكونة من أربعة إخوة، وعندما ولد تشي جيفارا، كان يتمتع بوضع مالي جيد بسبب الثروة الموروثة لعائلته.
وقضى تشي جيفارا السنوات الأولى من طفولته ومراهقته مقيماً في ألتا جراسيا.
وعلى الرغم من ولادته في روزاريو، فقد عاش تشي في بوينس آيرس خلال السنوات الأربع الأولى من حياته، حتى قررت عائلته الإنتقال إلى ألتا جراسيا لأن تشي جيفارا كان يعاني من مشاكل في الجهاز التنفسي (الربو). لذلك استنتجوا أن ذلك بسبب المنطقة الجبلية حيث تقع ألتا جراسيا.
لقد قضى تشي جيفارا طفولته ومراهقته بأكملها في ألتا جراسيا، المكان الذي أقام فيه أصدقاء ودرس فيه، ويُعرف المنزل الذي عاش فيه تشي وعائلته باسم “فيلا نيديا” وهو حالياً متحف يروي تفاصيل حياة الثائر الشهير.
الحياة الجامعية
في سن المراهقة، واجهت عائلة تشي مشاكل مالية بسبب فشل شركة والده، وتلاها بعض أحداث سلبية، قادته للعودة إلى بوينس آيرس، للعيش في منزل والدته، في عام 1947، وفي العام التالي، بدأ الدراسة في جامعة بوينس آيرس.
وكانت فترة الجامعة واحدة من الاكتشافات العظيمة لتشي جيفارا، فقد درس الطب، ونجح في التوفيق بين الدراسة وبعض الأعمال، وكان في مقدمتها القراءة فقد كان تشي جيفارا شاب فضولي مهتم بالعالم والقراءة، وبسبب تلك الكتب والأفكار فقد استيقظت الأفكار الثورية بداخله.
السفر وتأثيره على تشي جيفارا
وخلال هذه الفترة، خصص جيفارا أيضاً بعض الوقت للقيام بالرحلات، فكان يذهب إلى شمال الأرجنتين وبعض المدن الأخرى، وكان لتلك الرحلات وزن كبير في الطريقة التي كان يفكر بها.
ورحلاته الأكثر تأثيراً كانت إلى شمال الأرجنتين، وكان يستخدم خلالها الدراجة النارية، في رحلة طولها 4500 كم، وخلال الرحلة، يزور صديقاً من قرطبة ويمر بعدها على أماكن مثل توكومان وخوخوي.
استكشاف الدول المُجاورة
في عام 1951، أمضى تشي بضعة أشهر في العمل على ناقلة نفط، وفي العام التالي بدأ رحلته الأولى إلى أمريكا اللاتينية، وفي هذه الرحلة، قرر هو وصديق طفولته “ألبرتو غرانادو”، استكشاف قارة أمريكا الجنوبية على دراجة نارية ماركة “نورتون”.
وقد روى تشي تفاصيل المغامرة في يومياته، فذهب إلى تشيلي، وواصل تشي وصديقه السفر عبر بيرو وكولومبيا وفنزويلا، وأثارت هذه الرحلة، التي تستند إلى تجربة في شمال الأرجنتين، انتباه تشي إلى فقر السكان.
الطب واستكمال الرحلات الاستكشافية
سافر هو وغرانادو من شهر يناير إلى يوليو 1952، وبعد ذلك أكمل تشي الأشهر الأخيرة من دورة الطب وحصل على شهادته الطبية في أبريل 1953، وفي يوليو من ذلك العام، قام برحلته الثانية إلى أمريكا اللاتينية، وهذه المرة برفقة “كارلوس فيرير”، صديق الطفولة الآخر.
وقد ذهبوا أولاً إلى بوليفيا، المكان الذي وجد فيه تشي حركة ثورية قيد التقدم، بعد أن مر عبر بيرو والإكوادور، حيث انفصل عن صديقه، ثم واصل طريقه إلى غواتيمالا، وفي هذا البلد من أمريكا الوسطى، بنى تشي جيفارا فكره الثوري.
تشي جيفارا وتأسيس حكومة في غواتيمالا
في غواتيمالا، أسس تشي حكومة تقدمية كانت تحاول إجراء إصلاحات، مثل الإصلاح الزراعي، وكانت حكومة غواتيمالا برئاسة “جاكوبو أربينز” قامت بنموذج إصلاحات تم تنفيذه لإثارة استياء الولايات المتحدة، وهكذا، اتُهمت غواتيمالا بوجود حكومة شيوعية وقامت الولايات المتحدة بالتدخل.
تشي جيفارا والثورة الكوبية
كان أداءه كثوري في كوبا هو ما جعل تشي جيفارا أحد أكثر الشخصيات شهرة في القرن العشرين.
فقد إنضم تشي جيفارا إلى حركة 26 يوليو وكان هناك إثنان من أفراد الطاقم البالغ عددهم 82 على متن اليخت “غرانما”، اليخت الذي نقل الثوار إلى كوبا، وهناك، تعرضوا للهجوم، ولكنه نجى.
وشارك في الثورة الكوبية التي حولت تشي جيفارا إلى شخصية معروفة دولياً، وعندما سقطت ديكتاتورية “فولجينسيو باتيستا”، في الأول من يناير عام 1959، أصبح تشي من أهم الرجال في كوبا.
وقد استقبله المواطنين الكوبيين بترحاب كبير، وتولى مناصب مختلفة في الحكومة الكوبية، مثل وزارة الصناعة، بتوجيه من “البنك الوطني”.
كوبا بين السوفييت والأمريكان
من بين رجلين آخرين، كان تشي جيفارا أحد المدافعين عن “أنه ينبغي لكوبا منذ بداية الحكومة الجديدة، أن تتحالف مع الاتحاد السوفيتي” لأنه كان يعلم أن المشروع الكوبي سيثير الغضب الأمريكي.
وكانت توقعات تشي صحيحة، لقد تآمرت الولايات المتحدة ضد الحكومة الكوبية، ليس لأنها كانت اشتراكية، لكن لأن الثورة الكوبية كانت قومية، ولأن تصرفات الحكومة الجديدة، مثل تأميم العقارات، تدخلت في مصلحة الشركات الأمريكية الشمالية المقامة في كوبا.
بالإضافة إلى محاولات إغتيال فيدل، فقد نظمت حكومة أمريكا محاولة غزو لكوبا، في بايا دوس بوركوس، في عام 1961، ولكن الغزو فشل، وظل تشي في مناصب الحكومة الكوبية حتى عام 1965.
الوفاة
بعد عام 1965، قرر تشي جيفارا العودة إلى الكفاح الثوري، وشارك باحتجاجات في الكونغو وبوليفيا، لكن كلاهما فشل، وفي بوليفيا، تعرض لكمين نصبه جنود الجيش البوليفي، وجُرح وسُجن في 8 أكتوبر عام 1967، وفي اليوم التالي، أُعدم، وتم العثور على رفاته في عام 1997 ونُقلت إلى كوبا، حيث تم إيداعها في نصب تذكاري.
أقرأ أيضاً.. الإسكندر الأكبر.. طغى ملوك العالم وهزمته الملاريا