محمد أحمد كيلاني
الثقافة الاسكندنافية، ممثلة من خلال الفايكنج، هم واحدة من تلك المجموعات التي تولد أكبر قدر من الإهتمام في العالم بأسره، فقصصهم الأسطورية، وأبطالها، وأماكنها العجيبة (مثل فالهالا) تأسر خيال الجمهور، ولكن هناك جانب آخر مهم، أو أكثر أهمية، وهنا نشير إلى الأبجدية الرونية، وهي مجموعة من الرموز التي لها تاريخ رائع ومعنى كبير، فلتتعرف عليها.
أصل الأحرف الرونية حسب الأساطير الإسكندنافية
رونية الفايكنج لها أصل عميق وسحري، ووفقًا للأساطير، كانت الأحرف الرونية عبارة عن رموز جاءت من بئر أورد، أو أوراربرونر، وهو بئر من الآبار الثلاثة التي تقع تحت “يغدراسيل” ( بالانجليزية- Yggdrasil) وهي شجرة أسطورية، ومن هذا البئر ظهرت ثلاث” نورنس”، وهي أيضًا مخلوقات أسطورية قررت مصير الناس، ولهذا السبب، تُعرف بئر أوراربرونر باسم “ينبوع القدر”.
وقد استخدم النورنس، الأحرف الرونية لنقل ذلك “القَدَر” عبر جذوع وفروع يغدراسيل، إلى العوالم التسعة بين فروعها، وتقول الأسطورة أن الإله “أودين” وضع قلبه على رمحه وشنق نفسه على شجرة العالم هذه، لمدة تسعة أيام وتسع ليالٍ لفهم معنى الأحرف الرونية.
وعرف أودين أن الأحرف الرونية تحمل معنى عميقًا، وإذا تمكن من فهمها، فسيكتسب قدرًا هائلاً من المعرفة والقوة، وكان الإله ناجحًا في رسالته، ومنذ ذلك الحين ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالمعرفة والحكمة.
استخدام الأحرف الرونية للفايكنج
لم ير الفايكنج الأحرف الرونية بنفس الطريقة التي نرى بها الأبجدية العربية مثلًا، فقد استخدموها كشيء نفعي فقط، وأعطت رؤيتهم للرونية طبيعة صوفية وسحرية، لذلك، تم استخدامها في النقوش ذات الأهمية الكبيرة، مثل الأحجار الرونية التي تميز القبور.
واستُخدمت الأحرف الرونية أيضًا كوسيلة للتواصل بين ما هو طبيعي وما هو خارق للطبيعة، وتم نحتها على عصي لرميها من أجل القدرة على التنبؤ بالمستقبل، وتم نقشها على مواد أكثر صلابة، بدلاً من كتابتها على ورق أو أي مادة أخرى.
شكل الأبجدية الرونية
تتكون هذه المجموعة من الرموز عادةً من خطوط عمودية ذات فروع أو أغصان تمتد قطريًا أو لأعلى أو لأسفل أو في منحنى، ويمكن كتابتها من اليسار إلى اليمين أو من اليمين إلى اليسار، ويتم عكس الأحرف الرونية غير المتماثلة، اعتمادًا على الإتجاه الذي كُتبت فيه.
أنواع رونية الفايكنج
هناك عدة أنواع من الحروف الهجائية الرونية، ويُطلق عليهم إسم الفوثارك ( بالانجليزية – futharks)، ويحتويه هذا النظام على 24 حرفًا رونيًا وكان يستخدم على نطاق واسع بين القبائل الجرمانية في شمال أوروبا لعدة قرون وحتى عصر الفايكنج، وظهر لأول مرة على حجر “كيلفر” في جوتلاند (السويد)، ويرجع تاريخه إلى حوالي عام 400 بعد الميلاد.
وتم استبدال الفوثارك القديم تدريجيًا بالفوثارك الأصغر في عصر الفايكنج (793-1066 م)، والذي يحتوي على 16 حرفًا فقط، وكانت للرونية في ذلك الوقت، معنى مزدوج للمساعدة في استيعاب التغييرات التي ميزت اللغات الإسكندنافية عن القبائل الجرمانية الأخرى، ويمكن أيضًا تقسيمها إلى نمطين مختلفين، وهما، “الفرع الطويل” (الدنماركي) و “الفرع القصير” (السويدية والنرويجية).
الأبجدية الرونية لها أغراض تجارية ويومية
نادرًا ما توجد النقوش الرونية في المخطوطات، وذلك على الرغم من أنه يمكن استخدام الأبجدية الرونية لكتابة وثيقة، إلا أن هذا لم يكن الغرض منها، لأن الثقافة الإسكندنافية كانت ثقافة شفهية، وبدلا من ذلك، تم استخدام الفوثارك لأغراض تذكارية، لتحديد كائن، أو لأسباب سحرية، لعنة، أو شفاء.
ويُعتقد أن الأحرف الرونية تستخدم في المقام الأول لأغراض تذكارية أو دينية، ومع ذلك، كشفت أعمال التنقيب الرئيسية التي أجريت في بيرغن بالنرويج، في الخمسينيات من القرن الماضي أنها كانت تستخدم، أيضًا، في كثير من الأحيان للأغراض التجارية واليومية، حيث تم العثور على عدد كبير من النقوش الرونية التي تعبر عن أدعية ورسائل حب، ونكات، ورسائل شخصية.
أقرأ أيضاً.. أسباب مغادرة الفايكينج لجرينلاند