محمد أحمد كيلاني
تخبرنا الأفلام والبطاقات البريدية والكتب المصورة وجميع أنواع المواد الرسومية عن أسطورة اللقلق، والتي تُظهر هذا الطائر وهو يطير في الهواء حاملاً وشاح وبداخله مولوداً سعيداً، ولكن كيف ولدت هذه القصة وانتقلت عبر الأجيال؟، مُستبشر يعرفكم أكثر على كيفية ولادة أسطورة اللقلق وكيف أصبحت شائعة إلى هذا الحد.
اللقلق والأساطير
في الميثولوجيا الإسكندنافية، يرمز اللقلق إلى القيم العائلية والنقاء، حيث كان يُعتقد أن هذه الطيور أحادية الزوجة، وتقول المعتقدات أنه إذا تعشش اللقلق على سطح منزل فإنه يجلب الحظ السعيد وإمكانية حدوث ولادة جديدة في الأسرة، وكانت أيضاً أسطورة اللقلق منتشرة على نطاق واسع في هولندا وألمانيا وأوروبا الشرقية.
تطور الأسطورة
قال بول كوين، كبير المحاضرين في الأدب الإنجليزي بجامعة “تشيتشيستر” في المملكة المتحدة، أن على مر القرون، أصبحت أسطورة طائر اللقلق مُنتشرة، وذلك لأن طيور اللقلق هي طيور تميل إلى التعشيش في المنازل، لذلك فهو حيوان له روابط عائلية.
وقد حدثت لحظة محورية في الترويج لأسطورة اللقلق في أوائل القرن التاسع عشر عندما بدأ اللقلق بالظهور في القصص الخيالية، وفي هذه القصص، كانت طيور اللقلق تأتي دائماً لإنقاذ الأطفال الرضع.
“يجد أطفالًا في الآبار والبرك والمستنقعات، ويسحبهم بمنقاره ويلفهم في حبال”.
مساهمة الكاتب “هانس كريستيان أندرسن” في أسطورة اللقلق
هناك قصة بعنوان “اللقالق” لهانس كريستيان أندرسن عام 1839، وتناولت أسطورة اللقلق بالطبع، وكان أندرسن هو أحد أشهر مؤلفي قصص الأطفال في العالم، لذا فقد ساعدت قصته أيضاً اللقلق في أن يكون له صلة وثيقة جداً بشخصية الأطفال.
ويروي أندرسن في هذه القصة أن هناك بركة يذهب إليها طيور اللقلق لإنقاذ الأطفال ونقلهم مع والديهم إلى منازلهم، كما هو الحال في العديد من القصص الخيالية، فهناك جزء مظلم إلى حد ما، بالنسبة للأطفال الذين يسيئون التصرف.
أسطورة اللقلق الآن
واليوم، هناك شيء يعرف باسم “نفوس اللهب” (Nevus flammeus nuchae) وهي وحمة على جلد الأطفال حديثي الولادة تظهر بسبب تشوهات في الأوعية الدموية، ويقال بطريقة عامية أنها علامة يتركها اللقلق عندما يعضون جلد الأطفال.
وهناك تفسيرات أخرى تلقي مزيداً من الضوء على كيفية ولادة أسطورة اللقلق.
” الطيور كبيرة وبيضاء، فهي مرتبطة بالنقاء، وأعشاشها كبيرة وبارزة وقريبة من المكان الذي يعيش فيه الناس، لذلك، فإن سلوكهم الأبوي الجيد واضح جداً”
اللقلق كرمز للحياة الجديدة
من ناحية أخرى، يميل المؤرخون إلى الإتفاق على أن فكرة حمل اللقلق للطفل كانت قوية جداً في بلدان مثل ألمانيا والنرويج، فخلال العصر الوثني، أي في العصور الوسطى قبل أكثر من 600 عام، كان الأزواج يتزوجون عادة خلال الفصل الصيفي السنوي، لأن الصيف كان مرتبطاً بالخصوبة.
وفي نفس الفترة، تبدأ اللقالق هجرتهم السنوية من أوروبا إلى إفريقيا، وتعود الطيور في الربيع التالي، أي بعد تسعة أشهر بالضبط، فطيور اللقلق “ستهاجر ثم تعود لتنجب فراخها في الربيع في نفس الوقت الذي يولد فيه العديد من الأطفال”.
وبهذه الطريقة، أصبحت طيور اللقلق رمزاً لإنجاب الأطفال ولهؤلاء الذين يعيشون حياة جديدة.
أقرأ أيضاً..“طائر الدودو” يعود من الانقراض