محمد أحمد كيلاني
تم تصميم السجون لاحتواء والتحكم في المجرمين الجنائيين والسياسيين والمحكوم عليهم في جنح، وهؤلاء الذين ينتظرون محاكمتهم والذين يمثلون نسبة كبيرة من تعداد المساجين، ويتم احتجاز هؤلاء المذنبون في عين القانون إلى أن ينهوا عقوبتهم تحت قوانين تشرعها الدولة ومبادئ منظمة حقوق الإنسان، ولكن هل كل السجون تحترم تلك الحقوق؟ أم أن هناك ما يتخطى تلك الحدود، وفي هذا الموضوع من “مُستبشر” نتعرف معكم على بعض أبشع السجون على الأرض.
تاريخ نشأة السجون
يعود تاريخ نشأة السجون إلى بداية الخليقة، وقد ذُكرت في التوراة والقرآن ( سجن يوسف عليه السلام) ويقول المؤرخون أن أول من بنى السجون هم القدماء المصريين ويقول البعض الآخر أنها في عهد موسى وتحديدًا بالقدس، وفي العموم فإن السجون كانت موجودة في التاريخ القديم ولكنها كانت غير منتشرة، حيث أن “النفي” إلى مكان معزول كانت العقوبة الرائجة حينها، وفي المجمل فالسجون صُممت لقضاء العقوبات لا للتعذيب والانتهاكات، ولكن في بعض الدول تكون السجون بيئة أكثر خصوبة لارتكاب الجرائم وفعل الأمور المُشينة من السجانين وأيضًا المسجونين أنفسهم.
أبشع السجون في فنزويلا
تعتبر فنزويلا ثاني أكبر دول العالم في معدل الجريمة، ولذلك تعتبر السجون هناك من الأعنف على الإطلاق وأن نسبة 80% من السجون الفنزويلية يتحكم فيها السجناء أنفسهم، وعندما نتحدث عن أبشع السجون هناك يجب أن نذكر سجن “لاسابانيتا” وهو مكان سيئ السمعة صُمم لإيواء 15 ألف سجين ولكنه في الواقع يضم 25 ألف سجين أي أنه يحتوي على عدد أكبر من طاقته الاستيعابية.
“لاسابانيتا” خطير وقذر ومكتظ ويصعب السيطرة عليه لنقص عدد الحراس بالنسبة للسجناء حيث أن لكل 150 سجين حارس واحد فقط، ويشتهر السجن بوجود المساجين الأغنياء الذين يعيشون في أماكن مميزة وفارهة، والفقراء لايجدون حتى مكان للنوم، ويسيطر على السجن مجموعة من العصابات المسلحة.
ووجود السلاح يعني وجود الكوارث، ففي عام 1994 وقعت معركة بالأسلحة النارية بين مجموعة من العصابات داخل السجن أسفرت عن مقتل 108 سجين وفي العام الموالي وقعت أيضًا معركة مشابهة وأسفرت عن مقتل 196 وأصيب مايزيد عن 600 سجينًا.
أيضًا هناك سجن “الروديو” وهو سجن منقسم بين نوعين من السجناء ( القوي والضعيف ) وفيه يتم بيع المخدرات علنًا داخل مرافق السجن، بل وخصص السجناء الأقوياء لأنفسهم داخل السجن صالة ديسكو وصالة ألعاب رياضية، ومقهى وغيرها من وسائل اللهو والترفيه، ولا يخلو السجن من معارك العصابات، ففي عام 2011 أحتجز بعض السجناء الأقوياء سجناء أخرين كرهائن وتلى ذلك أعمال شغب مما أدى إلى مقتل 22 سجين، وما زاد الأمر سوءًا هو تهديد السجناء الأقوياء بقتل الرهائن البالغ عددهم 1000 ولم يستطيع حراس السجن استعادة السيطرة إلا بعد أسابيع.
سجون الولايات المتحدة الأمريكية
تمتلك الولايات المتحدة بعض من أسوء السجون، فهنالك سجن ” سان كوينتين” وهو أحد أقدم سجون الولايات المتحدة، وتم إنشاءه عام 1852 في ولاية كاليفورنيا ومنذ إنشاء السجن وهو مرتبط بالعنف وحتى مع وجود عدد كبير من الحراس إلا أنهم لم يستطيعوا السيطرة المطلقة عليه، وفي عام 2006 وقعت أعمال شغب تعود لأسباب عنصرية داخل السجن مما أدى إلى قتل 100 سجين ونزيلين، وبالرغم من احتوائه على غرف غاز مخصصة لأعمال الإعدام إلا أنها لاتُستخدم، والطريقة المتبعة هي الإعدام عن طريق حقن تحتوي على سوائل مميتة.
هنالك أيضا سجن ” جزيرة ريكرز” وهو أحد أكبر السجون في العالم ويمكنه أن يأوي 17 ألف سجين ويقع في نيويورك وله تاريخ قاسي أيضًا ولا يقل سوء عن سان كوينتين، فتعداد ضحايا السجن كل عام كانت 1000 سجين أغلبهم قُتلوا نتيجة الطعن من مسجونين آخرين .
أيضًا سجن آخر في الولايات المتحدة وهو سجن “إيه دي إكس فلورينس” الذي يقع بولاية كولورادو، والذي صُمم لضم أسوء العناصر الإجرامية، وأغلب المسجونين يمكثون في السجن الإنفرادي طوال اليوم وبعضهم لايخرج من محبسه الإنفرادي إلا بعد إنتهاء مدة عقوبته، والسجن يحتوي على ممرات ضيقة ومُظلمة، ومعروف بسوء معاملة السجناء، والطعام والشراب الملوث ففي عام 2000 كشف تحقيق أن النزلاء في السجن يعانون من أمراض جلدية مروعة نتيجة الطعام الملوث.
أبشع السجون في روسيا
أما عن سجون روسيا فهُنالك سجن “جزيرة بيتاك” الذي يقع على البحيرة البيضاء الجليدية، وفي سجن بيتاك يتم استخدام نوع مختلف من التعذيب وهو “التعذيب النفسي” من خلال وضع المحتجزين في زنازين صغيرة الحجم ومفتقده لأي إضاءة وغير جيدة التهوية ويمكث فيها السجين يوميًا لأكثر من 22 ساعة ويقضي الساعتين المتبقيتين في زنازين أخرى خارجية، والزيارات في سجن بيتاك تكون مرتين فقط خلال العام، ويُحرم السجين من جميع سُبل الراحة من أجل إيذائه نفسيًا، فعلى سبيل المثال، درجات الحرارة داخل السجن تكون منخفضة جدًا وعلى الرغم من ذلك يُحرم السجناء من وسائل التدفئة وأيضًا عدم وجود حمامات ويستخدم النزلاء الأواني والأطباق لقضاء حاجاتهم مما ساعد في انتشار الأمراض ومنها مرض السل والذي أفادت تقارير من روسيا أنه أصاب نصف النزلاء.
سجن آخر مُرعب في روسيا وهو “الدلفين الأسود” الذي أخذ اسمه من تمثال دلفين أسود بناه المساجين بداخل السجن، ويعتبر الدلفين الأسود من أشد السجون حراسة في العالم فالسجناء يقبعون في زنزانة داخل زنزانة يبلغ حجمها 4 أمتار وتحوي كل زنزانة سجينين ويتم مراقبة السجناء 24 ساعة يوميًا وإذا تم خروج السجين من زنزانته فيتم تغطية عينيه ويجب أن يسير منحنيًا، ويُعرف عن سجن الدلفين الأسود أن الطريقة الوحيدة للخروج منه هي الموت لأن جميع المساجين محكوم عليهم بالمكوث في السجن مدى الحياة، ويضم السجن أخطر المجرمين من قتلة وسفاحين وآكلي لحوم البشر والجدير بالذكر أن متوسط جرائم القتل للسجناء هو 5 جرائم قتل لكل سجين مما يشير على نوعية المجرمين القابعين بداخل السجن.
أسوأ السجون في فرنسا
في فرنسا وتحديداً في عاصمة الانوار “باريس” يتواجد سجن “لاسانتي” الوحشي والذي يعتبر من أسوء السجون في أوروبا، فالسجناء هناك يقضون خارج زنازينهم 4 ساعات فقط بالإضافة إلى خلق نظام هرمي داخل السجن حيث أن النظام يخلق لبعض السجناء قوة وأمتيازات على غيرهم من السجناء الضعفاء الذين يواجهون عنف شديد وظروف قاسية، والنظام المروع داخل سجن لاسانتي أدى إلى مئات من حالات الإنتحار، فقد شهد عام 1999 إنتحار 124 سجينًا، وأختلفت أشكال الإنتخار من شنق المسجونين لأنفسهم أو استخدامهم لأدوات حاده وصولاً إلى بلع كميات من سموم الفئران والسوائل المستخدمة في عمليات التنظيف
السجون سيئة السُمعة في تركيا
يعتبر سجن “ديار بكر” نموذج للإنتهاكات الإنسانية ضد السجناء ويشتهر السجن بسجنه للأطفال مدى الحياة، والحراس والمسؤولين في السجن استخدموا أبشع وسائل التعذيب ضد النزلاء فمنهم من تعرض للصعق بالكهرباء، والضرب بالعصيان الخشبية وادخالها في مناطق حساسة في أجسادهم وبعض السجناء علقوا من أنوفهم وأعضائهم التناسلية وكثير من السجناء أجبروا على أكل الفئران المُتعفنه، وفي عام 1996 وقع حادث مأساوي حيث أن قوات الشرطة التركية بالإضافة إلى حراس السجن قاموا بضرب السجناء بعنف وأسفرت تلك المعركة الوحشية عن قتل 10 سجناء وإصابة ما يقارب 30 سجبن بجروح خطيرة.
أبشع السجون في سوريا
تدخل سوريا قائمة الدول التي تضم أسوأ السجون بسجنها ” تدمر العسكري” الذي يعتبر أحد أبرز السجون الوحشية على الاطلاق، ففي عام 1980 تم ذبح 600 سجبن من نزلاء سجن تدمر بأمر من القائد العسكري و الشقيق الأصغر لحافظ الاسد ” رفعت الأسد”، واستغرقت عمليات الذبح ما يقارب الأسبوعين مما ساعد على أنتشار البكتيريا الناتجة عن تعفن الجثث المهملة داخل السجن مما أصاب سجناء آخرين بامراض بكتيرية منها الغرغرينة وأدى ذلك الى قطع أطراف البعض ووفاه البعض الآخر، ومن أساليب التعذيب هناك أيضاً كان التعذيب بالماء حيث أن السجناء يتم وضعهم في حفر مملوئه بالماء حتى أنوفهم وتعرض بعض المساجين للوفاه نتيجة الاختناق من الماء، وفي تصريح شهير لمنظمة العفو الدولية عن سجن تدمر قالت “إن كل ركن من أركانه يهدف الى تجريد السجناء من هويتهم الإنسانية”.
السجون في البرازيل
أما عن سجون البرازيل السيئة فيوجد سجن “كارانديرو” الشهير والذي بلا شك الأكثر عنفاً على الأرض وهو الذي لم تتوقف فيه أعمال العنف والشغب منذ تأسيسه وبالإضافة إلى ذلك تتواجد المشاكل الصحية حيث أن اثنين من كل 10 مساجين مصابين بفيروس الإيدز ( نقص المناعة البشرية)، ورغم إغلاقه لم ينسى الشعب البرازيلي ما حدث عام 1992 عندما قامت الشرطة باقتحام السجن لإخماد “ثورة السجناء” كما كانت تسمى، وقامت بأطلاق النار على جميع السجناء الذين كانوا مستسلمين من الأساس وراكعين أمامهم ولكن ذلك لم يرحمهم من لهب رصاص الشرطة التي قتلت مايزيد عن 100 سجين
السجون في رواندا
يعتبر سجن ” جيتامارا” أحد أكثر السجون أكتظاظاً في العالم لإحتوائه على أكثر من 7 ا٦لاف سجين على الرغم من أن قدرته الاستيعابية هي 400 سجين فقط ! وأغلب النزلاء في السجن محكوم عليهم بتُهم الإبادة الجماعية، بالإضافة إلى اكتظاظه الذي لايمكن السجناء إلا من الوقوف داخل الزنازين ليلاً ونهاراً مما أدى إلى إصابة مايقارب من نصف السجناء بالغرغرينا، ويفتقر أيضاً سجن جيتامارا إلى الطعام، والذي أدى إلى قتل السجناء لبعضهم البعض واكلهم الجثث من شده الجوع وفي عام 1994 أختنق الآلاف السجناء داخل جدران السجن بسبب خلوها من الهواء، لذلك يعتبر سجن جيتامارا أحد أسوأ السجون الأفريقية في التاريخ
في النهاية تلك السجون التي سردناها لكم هي التي استطاع محققون أو سجناء من اقتناص المعلومات عنها ففي أي نظام من الأنظمة العالمية ومهما كانت تنادي بالحريات وحقوق الإنسان، تلك الدول نفسها تُكرس مجهود ضخم لإخفاء مايتم داخل سجونها مثل التي هناك في كوريا الشمالية والتي يقول البعض أنها أسوأ من سجون النازي ” هيتلر ” وأيضاً الموجودة بإسرائيل مثل سجن الكامب 1391 والذي تحاول الحكومة الإسرائيلية إخفاء موقعه عن الاعين وحتى عن الاقمار الصناعية.
وفي الأخير، فالسجون مخصصة لقضاء العقوبات وليست مسرح للجريمة أو تجاوزات الحراس، ويجب عليها أن تُعيد بناء الإنسان ولا تكن بالهدامة او سالبه للأرواح.
أقرأ أيضاً.. “الحرب العالمية الثانية” لم تُفرق بين عسكري ومدني