كائنات

“الكائنات الأرضية” الوحيدة التي تستطيع العيش في الفضاء 

محمد أحمد كيلاني 

 تتمتع بعض الكائنات الأرضية بمرونة لا تصدق، ويمكنها البقاء على قيد الحياة في البرد، وأيضًا في الإشعاع، وفي الفضاء الخارجي، وكشفت دراسة نشرت في مجلة “علم الأحياء الفلكي” (Astrobiology) كيف نجا نوعان من الأشنات الصغيرة من القارة القطبية الجنوبية من التعرض لمدة 18 شهرًا لظروف شبيهة بالمريخ على متن محطة الفضاء الدولية (ISS).

الكائنات الأرضية 

والأشنات هي كائنات غريبة، وهي نوع من الخليط بين الفطريات التي توفر المأوى والماء والمعادن، والطحالب أو البكتيريا الزرقاء التي تزودها بالغذاء من خلال عملية التمثيل الضوئي، وهذا الارتباط متكامل جدًا لدرجة أن الأشنات تعمل ككائنات حية منفردة، وعلى الرغم من مظهرها البسيط، إلا أنها قوية للغاية لدرجة أن بعضها يستطيع البقاء على قيد الحياة في بيئة الفضاء القاسية.

وكان ذلك في عام 2008 عندما أرسل العلماء حزمة تجريبية بحجم حقيبة سفر محملة بمركبات عضوية وكائنات حية إلى محطة الفضاء الدولية لاختبار تفاعلها في الفضاء الخارجي، ودعونا نتذكر أنه عندما يغامر رواد الفضاء بالسير في الفضاء، فإنهم لا يستطيعون القيام بذلك بدون بدلة رواد الفضاء الخاصة بهم من أجل البقاء على قيد الحياة في الظروف المعادية.  

ومع ذلك، فإن البكتيريا والبذور والأشنات والطحالب التي التصقت بالجزء الخارجي من المحطة الفضائية لم تكن تحمل أي نوع من الحماية، وتعرضت الأشنات لفراغ الفضاء، ودرجات الحرارة القصوى، والإشعاع الكوني، والطيف الكامل للأشعة فوق البنفسجية الشمسية، وهي ظروف قاتلة لمعظم أشكال الحياة.

تحدي حدود الحياة

ومن اللافت للنظر أنه بعد 18 شهرًا في هذه الظروف القاسية، لم تنجو معظم عينات الأشنة فحسب، بل أظهرت أيضًا علامات التمثيل الضوئي النشط، وهي عملية حيوية للحياة.  

وواصلوا عملية التمثيل الضوئي رغم كل العقبات، ويمكن للأشنات أن تتحمل الإشعاع 12000 مرة أكثر من الجرعة المميتة للبشر دون أن تتوانى تقريبًا، ومع ذلك، ماتت البكتيريا التي تعرضت لنفس المصير.  

وعادت العينات إلى الأرض في عام 2009 بعد تحمل درجات حرارة تغيرت من -12 إلى +40 درجة مئوية أكثر من 200 مرة أثناء الدوران حول الأرض.

وعلى الرغم من التغيرات الشديدة في درجات الحرارة، والأشعة فوق البنفسجية، والإشعاع الكوني، وطول فترة زمنية لا تصدق، عادت الأشنات حية، فلقد أثبتت أنها كائنات مرنة حقًا.

وقد وأوضح رينيه ديميتس، الباحث في وكالة الفضاء الأوروبية والمؤلف المشارك لثلاث أوراق بحثية في عدد خاص من مجلة علم الأحياء الفلكي الذي نُشرت فيه النتائج: “نحن نستكشف حدود الحياة”، وقال الخبير أن “هذه الكائنات تدخل في حالة سبات في انتظار وصول ظروف أفضل”.

لقد تم الكشف عن الأشنة من قبل في تجارب سابقة مثل )BIOPAN)، ولكن لم يتم الكشف عنها أبدًا لمثل هذه الفترة الطويلة من الزمن، وبالمثل، تم تعريض مجموعة فرعية من عينات الأشنة أيضًا لظروف تحاكي تلك الموجودة على المريخ عن طريق إضافة جو تناظري ومرشحات للإشعاع الشمسي إلى الغرف التجريبية، وبعد رحلتهم إلى الفضاء وعودتهم إلى سطح الأرض، ظلت 71% من الأشنات قابلة للحياة.

الكائنات الأرضية يمكن ان تعيش في الفضاء ولكن هل يوجد حياة هناك؟

يمكن لأبحاث مستقبلية كهذه أن تخبرنا المزيد عن الحياة خارج كوكب الأرض، فوفقًا للعديد من العلماء، بما في ذلك عالم الفيزياء الفلكية الشهير نيل ديجراس تايسون، المدير الحالي لقبة هايدن السماوية في مركز روز للأرض والفضاء والطالب الموهوب في نشر العلوم كارل ساجان، فإن الاعتقاد بأننا بطريقة أو بأخرى الكائنات الحية الوحيدة في الكون سيكون أمرًا ممكنًا.

ويظل البحث عن علامات الحياة على المريخ أولوية قصوى لكل من وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) ووكالة ناسا، وهذا ما تجلى حينما أطلقت كلتا الوكالتين مركبات جوالة بحثًا عن الحياة نحو الكوكب الأحمر في السنوات الأخيرة، وهم ليسوا الوحيدين.  

أقرأ أيضاً.. أنواع التغذية المختلفة في الكائنات الحية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *