في تحول استثنائي يشهده السوق السعودي، أعلنت شركة الأندية الرياضية عن دخولها الرسمي إلى السوق المالية “تداول” عبر طرح عام أولي، حيث تم تحديد سعر السهم عند 7.5 ريال سعودي، في خطوة تعكس مدى الإقبال المتزايد على الاستثمار في القطاع الرياضي، ودوره في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، إذ تسعى الحكومة لتحويل الرياضة إلى قطاع اقتصادي منتج ومستدام.
تعود بداية شركة الأندية الرياضية إلى العام 1992، حيث بدأت مسيرتها من خلال إطلاق سلسلة “بودي ماسترز” التي غدت اليوم واحدة من أكبر شبكات الأندية الرياضية في المملكة، ونجحت في ضم أكثر من 120 ألف مشترك نشط، من خلال أكثر من خمسين فرعًا منتشرًا في مختلف المناطق، مما يجعلها لاعبًا أساسيًا في سوق اللياقة والصحة العامة.
اكتتاب الأفراد.. فرصة استثمارية جماهيرية في قطاع جديد
شهد الطرح المؤسسي لأسهم شركة الأندية الرياضية تغطية غير مسبوقة بلغت أكثر من 44 مرة، الأمر الذي دفع الشركة إلى تخصيص 20% من الأسهم للأفراد، مع فتح باب الاكتتاب يوم 8 يوليو 2025، وهي خطوة تعبّر عن توجه جديد نحو إشراك المجتمع بشكل مباشر في تملك أصول رياضية ذات طابع خدمي وربحي في آنٍ واحد، خاصة أن الرياضة أصبحت جزءًا لا يتجزأ من نمط الحياة اليومية للمواطنين والمقيمين على حد سواء.
من بين الجهات التي شاركت في إدارة الطرح نجد البنك السعودي الفرنسي كابيتال كمدير رئيسي، بالتعاون مع وسطاء ماليين بارزين مثل الراجحي كابيتال، الأهلي، الرياض، الجزيرة، دراية، ويقين، مما أضفى على الاكتتاب موثوقية ومتانة في التنفيذ، وعزز من ثقة المستثمرين على المدى الطويل.
لماذا تُعد شركة الأندية الرياضية نموذجًا استثماريًا واعدًا؟
ما يميز شركة الأندية الرياضية هو تكامل خدماتها، فهي لا تكتفي بتقديم صالات رياضية، بل تقدم تجربة متكاملة تشمل التدريب الشخصي، البرامج الصحية، اللياقة الطبية، وخدمات التغذية، فضلًا عن إدارتها لمنصات تدريب إلكترونية وخطط توسع مستقبلية في مناطق جديدة، داخل وخارج السعودية، وهو ما يجعلها في مصاف الشركات المتكاملة في القطاع الرياضي الترفيهي.
التحول من شركة محدودة إلى مساهمة عامة لم يكن وليد اللحظة، بل جاء نتاج خطة استراتيجية بدأت منذ سنوات، بهدف رفع الكفاءة التشغيلية، وتعزيز مصادر الدخل، وفتح آفاق جديدة من التمويل دون الاعتماد على القروض أو الدعم المباشر، وهو ما يعكس احترافية الإدارة وقدرتها على التعامل مع السوق المالي بكل شفافية.
الاستثمار في الرياضة.. رافد اقتصادي جديد يغيّر المفاهيم
لم يعد الاستثمار في الرياضة مجرد نشاط ترفيهي أو خيري، بل أصبح قطاعًا اقتصاديًا له وزنه، ومصدرًا لتوفير فرص العمل، وزيادة النشاط البدني للمجتمع، وتحقيق أهداف الاستدامة، من خلال توفير بنية تحتية صحية تدعم أنماط الحياة العصرية، وتشجع على الوقاية من الأمراض المزمنة عبر الرياضة المنتظمة، وخلق مجتمع أكثر حيوية وارتباطًا بنمط الحياة الصحي.
شركة الأندية الرياضية تمثل أحد أبرز النماذج التي تعكس هذا التوجه، فهي ليست فقط مركزًا للتدريب، بل مساحة لصناعة الثقافة الرياضية، وبناء وعي مجتمعي شامل بأهمية اللياقة، والتغذية، والرفاهية البدنية، وهذا ما يجعل الاكتتاب بها خطوة استثمارية ذات طابع اجتماعي واقتصادي في آنٍ واحد.
مستقبل شركة الأندية الرياضية بعد الطرح.. ما الذي يمكن أن نتوقعه؟
مع دخولها للسوق المالية، يتوقع أن تقوم الشركة بتوسيع قاعدة فروعها، وزيادة استثماراتها في التكنولوجيا والرقمنة، من خلال تطوير تطبيقاتها، وإطلاق خدمات اشتراك ذكية، تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تصميم برامج التدريب والغذاء، وتوسيع الشراكات مع المؤسسات التعليمية والرياضية على حد سواء، بما يعزز من مكانتها كمزود رئيسي للحلول الرياضية الحديثة.
كما أن دخول مستثمرين أفراد ومؤسسات يمنح الشركة مرونة في اتخاذ قرارات التوسع، واستثمار الأرباح في تطوير البنية التحتية، وتحديث الأجهزة والخدمات، بل وقد يشهد السوق لاحقًا نماذج مشابهة من شركات رياضية أخرى، تحذو حذو شركة الأندية الرياضية، لتمثل نقطة انطلاق لعصر جديد من الخصخصة الرياضية في المملكة.
خطوة واعدة
إن ما قامت به شركة الأندية الرياضية لا يمكن النظر إليه كحدث مالي فقط، بل هو تحوّل استراتيجي في علاقة الفرد بالقطاع الرياضي، وفي طبيعة الاستثمار الذي لم يعد حكرًا على النفط أو البنوك أو الصناعات الثقيلة، بل بات يشمل الرياضة والترفيه والصحة، كمفاتيح لبناء اقتصاد متنوع، ومجتمع مزدهر.
الاكتتاب في شركة الأندية الرياضية هو أكثر من شراء سهم، هو شراء لجزء من المستقبل، ومساهمة في بناء ثقافة صحية، وفرصة لأن يكون كل مواطن مساهمًا في صناعة التغيير.
اقرأ أيضًا.. آخر مستجدات تأشيرة الزيارة العائلية في السعودية 2025
