محمد أحمد كيلاني
كانت أكبر من البحر الأبيض المتوسط نفسه، وكانت على امتداد 2.8 مليون كيلومتر من المياه الواقعة في أوروبا، اسمها هو “باراتيثيس” (Paratethys)، وكانت أكبر بحيرة في العالم، فقد كانت تحتوي على كمية من المياه تفوق عشرة أضعاف جميع البحيرات الحديثة مجتمعة.
وقد غطت أكثر من 2.8 مليون كيلومتر مربع، أي أنها أكبر قليلاً من البحر الأبيض المتوسط نفسه، والذي تبلغ مساحته 2.5 مليون كيلومتر مربع، لقد كانت ضخمة لدرجة أنها كانت تمتد من جبال الألب الشرقية إلى ما يعرف الآن بكازاخستان في آسيا الوسطى.
أكبر بحيرة في العالم
من المُتوقع أن البحيرة كانت تحتوي على حياة مائية هائلة، من الرخويات والقشريات إلى الحيتان والدلافين الصغيرة التي كانت تتطور لتتكيف مع هذه البيئة الضيقة “الصغيرة”، ولكن القليل من المخلوقات نجت، وذلك بسبب تضاؤل البحيرة وفقدها بسبب التبخر وزيادة الملوحة، فتشرذمت البحيرة وأصبح الحوض المركزي، الذي هو الآن البحر الأسود، سامًا وقاحلًا.
وقد استند الباحثون في تقديراتهم إلى السجلات الجيولوجية والأحفورية في البحر الأسود، حيث كانت تتواجد الباراتيثيس في الأصل، وبالإضافة إلى البحر الأسود، فإن بحر قزوين، وبحر آرال، وبحيرة أورميا، وبحيرة ناماك، وغيرها الكثير هي أيضًا بقايا للباراتيثيس التي تشكلت منذ حوالي 12 مليون سنة، بعد أن انفصل بحر عملاق عن المحيط، والحياة تطورت فيها بشكل مستقل لمدة 5 ملايين سنة، وكانت بالطبع معزولة عن بقية العالم.
كيف أتت نتائج الدراسة
للوصول إلى هذا الاستنتاج، درس الخبراء السجلات الأحفورية، والرواسب، وجيولوجيا المنطقة المحيطة بالبحر الأسود الذي يُعتبر مركز باراتيثيس كما ذكرنا، وذلك لمعرفة بعض المعلومات الرئيسية في مستوى المياه على مدى عدة ملايين من السنين.
مع عمل النمذجة والمحاكاة أيضًا لمستويات المياه في جميع أنحاء المنطقة، وقد وقع أكبر هبوط قبل 7.65 و 7.9 مليون سنة، وخلال هذه الفترة التي تسمى “تجفيف خيرسونيان العظيم”، انخفضت مستويات المياه في باراتيثيس بما يصل إلى 250 مترًا، مما أدى إلى تفتت البحر الضخم إلى بحيرات صغيرة، وكانت بعضها سامة لمعظم الحياة المائية.
ووفقًا لحسابات العلماء، فإن أكبر بحيرة في العالم قد فقد ما يصل إلى 70 بالمائة من مساحة سطحها، وما يصل إلى ثلث حجمها خلال فترات الجفاف الشديد هذه، فقد كانت أزمات شبيهة بجفاف بحيرة آرال ولكن على نطاق أوسع.
وكتب المؤلفون، أنه تزامنت التجفيفات الجزئية من البحيرة العملاقة مع تغير المناخ وشبكة الغذاء، والتغيرات الطبيعية في أوراسيا.
ماذا حدث لأكبر بحيرة في العالم
كانت القارة الأوروبية خلال أواخر “العصر الميوسيني” مختلفة تمامًا عما نعرفها عليه اليوم، فقد اختفت البُحيرة الضخمة بسبب “كارثة” قضت على معظم أشكال حياتها قبل حوالي 10 ملايين سنة.
ووفقًا لدراسة نُشرت في مجلة “التقارير العلمية” (Scientific Reports) فقد حددت ما يصل إلى أربع أسباب كارثية قادها الطقس والتي قلصت البحيرة وربما قتلت عددًا كبيرًا من الكائنات الحية.
وانحسرت المياه، في بحر قزوين، وآرال، والبحر الأسود، خلال مراحل مختلفة، حتى اختفت أكبر بحيرة في العالم.
أقرأ أيضاً.. القارات العملاقة.. من الماضي البعيد إلى “أماسيا”